صفحة الكاتب : د . ماجد اسد

هل الفقر والاغتراب قضية ستبقى قائمة ؟!
د . ماجد اسد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لعقود طويلة ـ بل ولقرون ـ عاش المجتمع العربي يسعى للعثور على حلول تسمح له بمغادرة حتمية انه غير قادر للتخلص من هيمنة الآخر، ولكنه سرعان ما يصطدم بأكثر الحقائق واقعية، أي انه لم يمارس صناعة حياته بأكثر من الأدوات الزراعية، وبأكثر من استثمار الموارد الطبيعية. فالغالبية مكثت قانعة ـ وقانطة ـ بالموارد الزراعية، المحدودة، إلى جانب الصناعات الأولية. فالمجتمع لم يشهد ثورة كبرى كالتي عاشتها المجتمعات التي استندت إلى الخبرة، والممارسة، بالاعتماد على التفكير العلمي، وما قدمته من خطوات ضد القهر. ولكن هذا ليس نهاية الأمل. فالفقر والاغتراب وسلب حقوق الإنسان قضية ستبقى قائمة في أكثر المجتمعات تقدما ً أيضا ً.
ولعل المجتمعات العربية القائمة على: ديمومة الأزمات، ارتبطت بالقوانين التي مكثت غير قادرة على إجراء ثورات حقيقية، ليس بسبب الاقتصاد الزراعي، أو بوجود قوى لم تسمح لهذه المجتمعات بمغادرة عصورها الزراعية عامة، فحسب، بل لأنها واجهت سلطات قمعية حرمتها من حرية التفكير، إلى جانب حرية التقدم.
فمكث الشرق (الآسيوي/ الإسلامي/ العربي، عامة) يستورد النسبة العظمى من المخترعات العلمية الحديثة، إلى جانب المواد الأساسية للحياة. فما يسمى بالعصر (الحديث) لم يحدث بسبب التطور التاريخي لأدوات الإنتاج، بل بسبب إرادات خارجية أنتجت، في نهاية المطاف، شعوبا ً عاطلة عن العمل، وعاجزة عن مغادرة أزمنتها، بحثا ً عن هويتها، ومستقبلها أيضا ً.
وبعد ان تركت الأنظمة (الأحادية/ الدكتاتورية)، طوال القرن الماضي، أقصى أشكال التفرد، بحرمان الشعب من حريته الانتقال إلى العصر الحديث، فان الإطاحة بهذه الأنظمة، من اجل: الخبز ـ والحرية، سيشكل حقبة لصراعات مستحدثة قائمة على استنزاف الموارد البشرية، والمادية معا ً.
فهل توازي الخسائر ـ في الأرواح والممتلكات ـ ما تحقق بعد الإطاحة بالأنظمة التي فقدت شرعيتها، وهل ستؤدي إلى إصلاحات: زراعية/ تعليمية/ صحية/ تصنيعية ..الخ، وهي مازالت ترزح تحت صراعات استحدثتها التدخلات الخارجية من ناحية، ثم كيف ستحقق أهدافها، بعد ان بدأت ترزح تحت (الفساد) والديون، وإعادة الاعمار، والحروب الأهلية، والإرهاب، من ناحية ثانية..؟
إن الديمقراطية، والديمقراطية تحديدا ً، ليست بضاعة يتم استيرادها، وإنما إن لم تنتجها المجتمعات، فإنها ستبقى تجريدات، وشعارات، وكلمات، مادامت هذه المجتمعات تجد صعوبات في مواجهة تكرار ما كانت تؤديه الأنظمة (الأحادية) السابقة...
ولكن هذا برمته ليس نهاية الأمل! مادامت الملايين تدرك إنها قادرة على امتلاك الحد الأدنى لوحدتها الداخلية، واستبدال العنف بالعمل، والتطرف بالحوار، والحرب بالعودة إلى السلم المجتمعي، والعشوائية بتأسيس قوانين تمثلها نخب تدرك إنها إزاء حلول أخيرة، فإما ان توجد (قوانين) حقيقية قائمة على الديمقراطية، وحرية التعبير، والتعددية، واحترام العقول، والعمل ..الخ، وإما ان تمتد الأزمات تاركة المفسدين، والإرهاب، والمتطرفين، يقودون أممهم، وشعوبهم، إلى الخراب، والى المجهول...!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ماجد اسد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/04



كتابة تعليق لموضوع : هل الفقر والاغتراب قضية ستبقى قائمة ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net