صفحة الكاتب : د . طالب الرماحي

القوميون العرب والعشق الحرام
د . طالب الرماحي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ثورات الربيع العربي لم تعصف بالحكام الطغاة وحسب ، وأنما زلزلت الفكر العربي شعوبا ونخبة ومثقفين ، وغيرت الكثير من المتبنيات الفكرية والمعتقدات السياسية ، وقد ظهر ذلك واضحاً من خلال التحليلات الكثيرة للمثقفين والسياسين والإعلاميين بل وحتى الشعوب البسيطة التي كانت متأثرة بإعلام الطغاة وأذيالهم من الوصوليين ، راحت تقترب من التشخيص الصحيح للإحداث وتتخلى عن كثير مما كانت تعتقد به . أقول كل تلك الشرائح الكبيرة والأمة من حولها تغيرت وتأثرت لكن شريحة واحدة بقيت سادرة في ضلالها بل كلما ارتقت الشعوب في وعيها ، هبطت تلك الثلة في جهلها ، إنها حفنة من الإعلاميين القوميين من أمثال عامر العظم وعطوان وأخيرا انضم إلى حضيرتهم المدعو سيد أمين الذي راح يصدع رؤوس الناس في مقالاته التافهة التي يريد من خلالها أن يثبت رجولته وثوريته بعد أن شعر أن تلك الرجولة وتلك الثورية قد لفظت أنفاسها في اللحظة التي لفظ فيها ( المقبور صدام ) انفاسه على حبل مشنقة أبناء الرافدين .
هؤلاء الإعلاميين العرب التافهين لهم علامة فارقة شذوا فيها عن أقرانهم في الوطن العربي ، وهي أن كتاباتهم ومهما تغيرت مضامينها تجدها تتضمن إطراء ومدحا بالمقبور صدام ، فما هي الأسباب التي دعتهم يتعلقون بتلك الجثة النتنة مع أن التاريخ قد ركنها في مزبلته ونشر عليها وشاح الذل فكانت أشبه بجثة فرعون التي لفظها البحر لتكون لمن خلفها آية.
نحن نعتقد أن مجموعة الإعلاميين القومجيين الخائبين العرب يحبون صدام ويتعلقون بهذا العشق الحرام لأسباب عدة نلخصها : أولاً : أن هؤلاء لاتحكمهم مباديء ولا أعراف دينية أو إنسانية ، فأغلبهم علمانيون لايرون في الله إلا أسطورة بابلية أو فرعونية وبالتالي فهم بعيدون بل قل محرومون من كل المباديء الإنسانية والإلهية التي يستفيد منها العقلاء أو المؤمنون ، ولذا فإن أغلبهم لم يطلعوا على القرآن حتى ينهلوا من مبادئه . الثاني : أن هؤلاء قد تربت خلاياهم من السحت الحرام الذي كان يتفضل به النظام البعثي المهزوم وسيدهم صدام المقبور ، فهم ومهما دافعوا عن إجرامه وحسنوا من قبح وجهه يشعرون أنهم لم يفوا له  ، بعد أن كان كريما وسخيا معهم بالقدر الذي كان بخيلاً وقذرا وقاسيا مع شعبه العراقي المظلوم . ثالثاً : أن أغلب معلوماتهم عن العراق وشعبه وثقافته وسلوك المقبور صدام وحزبه المقيت ينهلونها من مستنقع البعثيين الهاربين من أمثال علي الحمداني وأمير البياتي وصلاح المختار ونواديهم ومواقعهم  (كبصرة نت ) ، ولذا فإن مقالاتهم تأتي بعيدة عن واقع الأمة العربية ، لتحلق في أجواء الحكام المجرمين أمثال صدام المقبور ونظرائه . رابعاً : إن أغلب هؤلاء القومجيين هم من الوصوليين كعامر العظم وسيد أمين تحكمهم السلفية القومية ، والتي يجتمع فيها التعبد الأعمى للقومية العربية والحقد الدفين الطائفي للشيعة في المنطقة ، ولذا فالطائفية التي تظهر واضحة في كتاباتهم لايستطيعون منها فكاكاً ، لأن مصالحهم الدنيوية والشخصية تتعلق بتبنيها وعدم الابتعاد عنها ، ولذا فإنهم في دواخلهم يدركون جيدا أن صدام المقبور كان من أعتى طغات المنطقة العربية وخاصة أن رائحة جرائمه أزكت أنوف العرب والعجم بل والعالم أجمع ، لكنهم يتبنون عشق ذلك المجرم لسبب واحد وهو أن ذلك المجرم كان يقتل في ( الشيعة ) وأن من متبنياتهم القومجية أن لايحكم العراق الشيعة وأن لاتضعف شوكة السنة في العراق بحجة أن الشيعة هم فرس مجوس .
خامساً : أن أغلب هؤلاء القومجيين  ، تحكم تحركاتهم وكتاباتهم المصالح الذاتية ، وثمة دليل واضح يثبت ذلك وهو أنهم استشاطوا مؤخرا للدفاع عن الشعوب العربية التي ثارت ضد الحكام الطغاة ، فيما يثبت التاريخ القريب أن أغلبهم وخاصة عامر العظم وسيد أمين كانوا ممن يطبلون لتلك الأنظمة الطاغوتية قبل أن تهتز عروشهم ، ولم يشهد لهم التاريخ أنهم بادروا إلى أي عمل إعلامي أو غيره ضد تلك الأنظمة ، وقد سبق وتحديت المدعو عامر العظم  أن يدلني على سطر كتبه ضد النظام السوري  الذي يدعي الآن وقوفه ضده لصالح الشعب السوري .. وأنا أعتقد أن سيد أمين ومن خلال متابعتي لكتاباته يدخل في نفس الحضيرة التي يقبع فيها العظم .. حضيرة الوصوليين والمتصيدين في بحيرة  الشعوب الثائرة .
أنا انصح هؤلاء أن تعي طبيعة المرحلة ، وأن يكفوا عن استفزازهم للشعب العراقي العظيم الذي عانى أكثر مما عانت منه الشعوب الثائرة اليوم ، وكلهم يدركون جيدا أن معشوقهم قد ترك مئات المقابر الجماعية التي تحتوي على مئات الآلاف من الضحايا ، وهي جريمة واحدة من آلاف الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب العراقي ، فيما لم يترك الطغاة العرب كابن علي ومبارك ولا حتى القذافي مقبرة واحدة ومع ذلك فقد استشاطوا ضدهم  .  أن حزب البعث الفاشي ورمزه المجرم المشنوق بحبال ضحاياه  قد ولى ، وأذنابه من أمثال أمير البياتي وعلي الحمداني وصلاح المختار قد ألقمهم الشعب العراقي حجرا   ، فأعيدوا النظر أيها القوميون العرب في عشقكم الحرام للطاغية المقبور صدام ، فإن العشق الحرام مصيره الرجم . 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . طالب الرماحي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/27



كتابة تعليق لموضوع : القوميون العرب والعشق الحرام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net