صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

( بانوروما ... الخباز ) قيامة الدم... مقتل سعيد بن جبير
علي حسين الخباز

 خواري خوار ثور هائج، وهذا النزف يخنقني كأني أنا القتيل، أنا الحجاج بن يوسف الثقفي أصرخ: دم.. دم.. وصرت أرى كأني أسبح في فضاءات دم، فمن يُعِرني إغفاءة عين أهبْه الامارة والجاه، وأنا المعلق بين أطراف الجراح أصرخ: 

إني أتوب الى الله، وإذا بسعيد يقودني بيديه الى الجحيم، ما لي وسعيد بن جبير.
كم أكرهك يا سعيد، من أين لك كل هذا الشموخ والعلم والثقة بالنفس؟ يا تلميذ علي، أنت السوط الذي يلسع ظهر هيبتي، سأجعل دمك يسيح في أي مسار أشاؤه أنا، والغريب أن موتك لا يكفيني، لابد أن أطعن سطوتك بباشق هذا العرش، يا شقي بن كسير، من أين لك الجرأة كي تصرخ بي: أنا سعيد بن جبير، وأمي أعلم حين سمتني سعيداً...؟
قلت لك: تاج العقل هو العرش، فاحذر العقل إذا غضب، واحذر سطوتي، بطشي الذي لا يرحم، كل الربوات التي اعتليتها دم، فلا تظن أن دمك يعيقني، لكني أريد أن أتشفى بإذلالك، أسأل عساني أراك تهاب السؤال: ماذا ترى في الخلفاء؟ 
صحتَ بي: لست موكلاً بهم، أتسخر مني يا سعيد، وأنا الذي أحمل نعيب الموت متى أشاء..؟! 
سألتلك: أي الخلفاء تحبه أكثر؟ 
قلت: من كان أرضاهم لله، والله العالم.
سطوة حضورك تهينني، أردت أن أغويك لأهينك، فأخرجت لك المجوهرات هدية محبة، سعادتي أن أراك وأنت تنحني أمام هذا البريق، لكن للأسف، ما زلت أنت مصرّ على تهديم حصون هيبتي وكبريائي، وأنت تقول: إن ادخرته لنجاتك يوم الحساب فلا بأس عليك. 
فأثور وألج كل السبل التي أراها تمكنني من هذا الحوار العقيم، عمرت اللهو التقي لأصل بك حد خشوع التيه، فكان البكاء ردك السقيم.
: أتبكي؟ أهذا هو ربيع تقواك المرّ يا سعيد، قل: كيف تريد أن تُقتل؟
أجابني المارد الذي فيك: مثلما تُحب أن تُقتل أنت، سيقتلك الله مثلما تقتلني. 
:ـ أترغب في العفو يا سعيد؟
:ـ العفو من عند الله، لن أطلب صفحاً منك أبداً. 
أدركت حينها أن صوتك موتي، ويا لبؤسك حين أكون أنا الخصيم. 
تقف بجلال الموت: (إنِّي وَجهتُ وَجهيَ للذي فَطَرَ السماوَات وَالأَرضَ).
قلت لأهينك قبل الموت: اجعلوا وجهه الى الأرض. 
وقفت كلمات الله منتصبة على شفتيك: (مِنهَا خلَقنَاكُم وَفيهَا نُعيدُكُم وَمِنهَا نُخرجُكُم تَارةً أُخرى). 
صحت حينها من شدة غضبي: افصلوا رأسه...
تلوت كلمات الشهادة الأخيرة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 وإذا بهذا النزف يلتف حولي يمطرني بالجفاف، رأيت بعيني كيف ينتثر الدم؛ ليروي النخل الباسق في أرجاء الكون... الآن، عرفت أن دم الشهادة عزيز عند الله، وها أنا الذليل أصرخ عالياً: خواري خوار ثور هائج، وهذا النزف يخنقني، وكأني أنا القتيل.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/31



كتابة تعليق لموضوع : ( بانوروما ... الخباز ) قيامة الدم... مقتل سعيد بن جبير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2017/04/02 .

الاستاذ الرائع علي حسين المحترم تحية اجلال القراءة ذوق قبل الكتابة وانا ممتن لقرائتك البهية تقبل محبتي ودعائي

• (2) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2017/04/02 .

الاستاذ الرائع علي حسين المحترم تحية اجلال القراءة ذوق قبل الكتابة وانا ممتن لقرائتك البهية تقبل محبتي ودعائي

• (3) - كتب : علي حسين ، في 2017/04/02 .

الأستاذ العزيز علي حسين الخباز : رائع ٌ وانت تصوغ لغة الحوار عبر مسافات الزمن ،فتلك صياغة تضفي على النص بهاءهُ فقد ازحت ستار البرزخ لتعطينا اشراقة الروح الطاهرة وهي تقاضي طاغوتها في حوارية روحانية كشفت سمو ورجحان كفة المتقين وهزالة موقف المتشدقين على الحق ؛ وأرتقت الحوارية الى مستوى طيّ الزمن عندما ابحرت الى بحار آية اللّه ( اليس الصبح بقريب ) ،
حقا إنه عطاء ادبي ثري فيه من الجزالة والتنوع والشدّ اوصلتنا فيه أن نحسبه بثُ فضائي فتح آفاقه في معراج الروح .....


علي حسين الطائي /بغداد
_________________________





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net