صفحة الكاتب : نزار حيدر

عَلِيٌّ (ع)..مَنْهَجٌ [٢]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   *في ذِكْرى سقوط الصَّنم في بغداد، علينا أَن نميِّز بين شيئَين؛ عمليَّة التَّغيير والبديل! فما جرى في ذلك اليوم كان يجب أَن يقع وإِنَّ مَن يقول بأَنَّ ما جرى ما كان ينبغي أَن يقع فهوَ واهمٌ! فليتذكَّر وأَمثالهُ ماذا فعلَ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين على مدى (٣٥) عاماً ليعرفوا مدى عظَمة ذَلِكَ اليوم من شهرِ نيسان عام ٢٠٠٣ والذي شهِد سقوط الصَّنم في بغداد!.

   عليهم أَن يتذكَّروا الحروب العبثيَّة التي استمرَّت طُوال تلك الفترة الزَّمنيَّة! تارةً ضدَّ شعبَنا الكُردي وأُخرى ضدَّ الجارة الجمهوريَّة الاسلاميَّة في إِيران وثالثةً ضدَّ الجارة دولة الكويت وأَخيراً ضدَّ كلّ المجتمع الدَّولي والتي إِنتهت الى غزو الْعِراقِ وإِنهاءِ سيادتهِ!.

   ليتذكَّروا جرائمهُ البشِعة التي ترقى كلَّها الى جرائم حربٍ وجرائم ضدَّ الانسانيَّة! ليتذكَّروا حلبچة والأَنفال والمقابر الجماعيَّة وحملات تنظيف السُّجون! ليتذكَّروا جريمتهُ النَّكراء بإِعدام المرجع الدِّيني السَّيد محمَّد باقر الصَّدر! ليتذكَّروا ملاحقتهُ المستمرَّة للعُلماء والفُقهاء والعراقيِّين الشُّرفاء في كلِّ دُول العالَم ليصفِّيهم بشتَّى الطُّرق! الشَّهيد السَّيِّد حسن الشِّيرازي في بيروت والشَّهيد السَّيِّد مهدي الحكيم في الخُرطوم والشَّهيد السَّيِّد الشَّوكي في الكوَيت والشابَّين الشهيدَين في الباكستان واللَّذان قطَّع أَوصالهُما أَزلام الطَّاغية وقُطِّعا تقطيعاً ليتمَّ العُثور على جثَّتيهِما بلا رؤُوس!.

   ليتذكَّروا قافلة الشُّهداء من مراجع الدِّين والفُقهاء وأَساتذة الحوزة العلميَّة! الشَّهيد السَّيِّد محمَّد صادق الصَّدر والمرجع الشَّيخ الغروي وآخرون!.

   لذلك يلزم على العراقييِّن أَن يُنشِّطوا ذاكرتهُم! وإِنَّ على النشء الجديد أَن يسأَل الشُّهود ليُخبروهم عن المزيدِ من التَّفاصيل!.

   إِنَّ علينا أَن نُميِّز بين أَصل عمليَّة التَّغيير وبين البديل الذي ورِثَ السُّلطة! فهما أَمران مختلفان، لا علاقة لأَحدهما بالآخر.

   فمِن جانب، فانَّ العراقييِّن لم يختاروا الطَّريقة التي تمَّ بها التَّغيير! اذ جاءت خارجة عن إِرادتهم كما هو معروف! ولذلك لا ينبغي أَبداً تحميلهُم المسؤوليَّة لما جرى في ذلك اليوم وقبلهُ وبعدهُ! إِذ يتحمَّل الطَّاغية الذَّليل فقط كامل المسؤوليَّة! فلو أَنَّهُ سمِع نُصحَ النَّاصحين بترك السُّلطة وتجنيب الْعِراقِ قرار الغزو الأَجنبي ربَّما لما حصلَ كلَّ الذي حصلَ!.

   من جانبٍ ثانٍ، فانَّ ضحايا نِظامُ الطَّاغية لم يدُر في خَلدهم البحث عن البديل بقدر إِهتمامهم الذي إِنصبَّ على عمليَّة التَّغيير حصراً! خاصَّةً وأَنَّ طريقة التَّغيير لم يختاروها بملءِ إِرادتهم كما أَسلفنا! ومن الواضح جدَّاً فانَّ مَن لم يُغيِّر بارادتهِ يعجز عن فرضِ إِرادتهِ بعد التَّغيير! وهذا ما حصلَ في الْعِراقِ!.

   لقد إِنشغلَ العراقيُّونَ بالتَّغيير دونَ البديل لشدَّة الأَلم والمُعاناة التي عاشوها في ظلِّ النِّظام البائد! أَم نسينا؟!.

   من جانبٍ ثالثٍ، لم يدُر بخَلدِ العراقييِّن أَنَّ البديلَ سيكونُ سيِّئاً الى هذه الدَّرجة ليتردَّدوا في القَبول بالتَّغيير مثلاً!.

   ومن جانبٍ رابعٍ فانَّهُ مهما كان البديلُ سيِّئاً إِلَّا أَنَّهُ ليس أَسوء ممَّا كان بكلِّ تأكيد!.

   على الأَقلِّ فانَّ هناك الآن فُرَص كثيرة للتَّغيير إِذَا شمَّر العراقيُّونَ عن سواعد الجدِّ! أَمَّا في زمن الطَّاغية الذَّليل فقد إِنعدمت فُرَص التَّغيير بالمُطلق بعد أَن جرَّب العراقيُّونَ كلَّ الطُّرق الذَّاتيَّة فجاء التَّغيير بالطَّريقة المعروفة!. 

   حتَّى الحَرْبِ العراقيَّة الإيرانيَّة التي فرضها الطَّاغية على الشَّعبَين الجارَين والتي عوَّل عليها كثيرون لتحقيق التَّغيير باءت بالفشل على الرَّغمِ من أَنَّ الامام الخُميني (قدِّس سِرُّه) كان مصرَّاً على أَنَّ الطَّاغية صدَّام زائل لا محالة كمصيرٍ طبيعيٍّ يجب أَن يلقاه بسبب شنِّهِ الحَرْبِ الظَّالمة!.         

   وهل كانَ هناك بديلٌ غير هذا البديل وقتها؟! أَوَليسَ هذا البديل هو كلُّ فصائل حركة المعارضة تقريباً؟! أَوليست هي كلُّ القِوى السِّياسيَّة التي عانت من ظُلم النِّظام البائد تقريباً وسعَت لتغييرهِ؟!. 

   إِنَّ البديل معبِّرٌ حقيقيٌّ غير مزيَّف عن الواقع إِختارهُ العراقيُّون بدوافعَ شتَّى!.

   وأَخيراً؛ مَن قال بانَّ كل عمليَّات التَّغيير التاريخيَّة تعقبها راحةً تامَّةً واستقراراً نموذجيَّاً؟!. 

   ولعلَّ واحدةً من أَبرز مصاديق هذه الحقيقة ما لقِيهُ بنو إِسرائيل بعد التَّغيير! والذي يحدِّثنا عنهُ القرآن الكريم بقولهِ {قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}.

   لا ينفعُ النَّدم ولا ينفعُ اللَّوم ولا ينفعُ أَن يُجبِّنَ العراقيُّونَ بعضهُم البعض الآخر! فلقد حصلَ التَّغييرُ ولا يمكنُ إِعادة عقارب السَّاعة الى الوراءِ! فلننظُر الى الأَمامِ والى الأَمامِ فقط!.

   *يتبع

   ١٥ نيسان ٢٠١٧

                       لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/17



كتابة تعليق لموضوع : عَلِيٌّ (ع)..مَنْهَجٌ [٢]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net