صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

الثقافة والتحضر ومفاهيم السلوك العام
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الثقافة يعني التحضر ، الادراك ، الوعي ، التجديد وتبقى المقياس الأول لمدى تحضر الأمم وقدرتها على التطور والارتقاء وهي طريقة الحياة التي تميّز كل مجموعة بشرية عن مجموعة أخرى، فلكل مجتمع ثقافته التي تؤثر في أفراده والتعامل بينهم .  العلم والثقافة جزءا لا يتجزأ من الارث الحضاري ومن العملية التنموية وفي بناء الإنسان والهوية المنفتحة الواثقة من نفسها دون أن تتنكر لقيمها وأصالتها وتراثها و تنتقل من جيل إلى آخر ومن مجتمع إلى مجتمع آخر، خصوصا ونحن نعيش في عصر ثورة الاتصالات المقروءة والمسموعة والمرئية التي اخذت بالانتقال بشكل سريع الى اقصى الارض وتنوعت وسائله واساليبه . 

والثقافة هي كل المعلومات والمهارات التي يملكها البشر، وهي دين المجتمع ولغته ، وعاداته ، وممارساته ، وقواعده ، ومعاييره و لا يمكن إنكار دور الثقافة والمثقفين في بناء وتطوير الوعي العام للمجتمعات، لكن في نفس الوقت ، لا يجب تحميلهم أكثر مما يحتملون ، حيث أن الجهود الرامية إلى التقدم ، هي جهود جماعية، يتحمل مسؤوليتها المثقف ، والسياسي، والتاجر، إضافة إلى العمال، وأرباب العمل ...إلخ، وكل أفراد المجتمع ، لتأتي المنتجات الثقافية ، كتعبير عن تلك النهضة ، التي أحدثها المجتمع في بنيته .

أن المجتمعات المتحضرة  هي التي تعتني بثقافتها وتنميتها وباحترم القانون وتعتبره جزء من نسيجها وتحمل علاقة جدلية متشابكة بين مفاهيم السلوك العام ، والانضباط السلوكي ، والأخلاق العامة ، والالتزام الذاتي ، والخوف من القانون أو العقوبة ، والبعد التربوي للقانون . 

من الاجدر ان نشير إلا ان ليس هناك من يسلم من ارتكاب أخطاء أو تصرفات سلوكية سلبية تتفاوت حدة رفضها هنا أو هناك، وهي في معظمها تدل وتعكس على وعي الشخص ونضجه والتزامه، وهناك الكثير من الشرائع الدينية و القوانين التي تعلم الناس السلوك المنضبط وتحث عليه ، والخلق الطيبة أو الذي يتمشى مع نظام المجتمع ، أو مؤسساته الاجتماعية ، ولكل مجتمع ثقافته وعاداته وتقاليده وأعرافه ، فقد ينتقل الشخص من مكان لآخر، أو من مجتمع أو دولة لأخرى ، ويكتشف أن المجتمع الجديد له ثقافته وعاداته ، وقوانينه ، وانصياعه لهذه العادات والقوانين تصبح عادة سلوكية اعتيادية في حياته. ومن خلالها فقد يتعلم أشياءً جديدة. 

 المجتمعات المتحضرة تعتبر  الانضباط في كافة مفردات سلوكياتها اليومية جزء من ثقافتها العامة ، ولأن الالتزام الذاتي بالقوانين المنظمة لحركة المجتمع قيمة أخلاقية في تلك المجتمعات و هي التي تعطي قيمة حقيقية للإنسان وقيمة من قيم بنيانها الذي لا يمكن التخلي عنه أو الانفكاك منه بل يعتبرون من يتبع القانون ولا يتجاوزه أو يكسره يؤدي واجبه ولا منه ولا فضل له عليهم ،

 ويجب الثبات في عدم الإسراف و إلى عدم أذية الآخرين و القدرة على التعايش مع الأطراف الأخرى إلى التمثل بالقدوة الحسنة إلى التدين المتوازن و المعاملة الحسنة للمرأة والطفل إلى إحساس الرجال والنساء بدورهم في المجتمع إلى قدرة الفرد على تعليم وتربية الأبناء لانهم بناة المستقبل وهم الأمل و العون.

 وصف المجتمعات المتحضرة عكس أوصاف المجتمعات المتخلفة حتى ان لم يأت ذكر تلك الأوصاف في المجتمعات المتحضرة والمتقدمة ، والمجتمعات التي تفهم القانون يعتبرون الخارج عنه بمثابة المجرم الذي قد يسيء للمجتمع بأكمله ويلوثه ، وذهب آخرون لاعتبار أن المجتمع المتحضر هو من يحترم أفراده الوقت وقيمته ولا يتهاونون في التعامل معه ولا في استخدامه بشكل مثالي لترتيب أمور حياتهم باعتباره معيار هام لتنظيم وتمهيد الطريق نحو السعادة المنشودة من خلال تحقيق الهدف المرسوم والمنشود  . ومن هنا نود الاشارة الى ان المجتمعات الحية تؤمن بالنقد وتعتبره مطلب إنساني لمواجهة الانحرافات والأخطاء التي تتسلل إلى حياة الشعوب والأمم والأفراد. 

مما لا شك فيه بأن هناك من يخلط بين مفهومي النقد والسخرية مع العلم أن النقد الساخر هو أسلوب يتبعه كبار النقاد بعدة أشكال مختلفة، الهدف منه إصلاح المجتمع أو إيصال فكرة معينة بعيدة عن التشكيك أو التجريح أو الشخصنة ، وذلك بالحديث عن أخطاء يقع فيها عامة الناس واصلاحها ووضع الخطط لعدم تكرار تلك الاخطاء ،

السلوك المتحضر قيمة أخلاقية واجتماعية كبيرة ومهمة من قيم المجتمع. وغالباً ما يأتي السلوك كنتيجة طبيعية للفكر الناضج السليم وليس العكس، ومن ثم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الوعي والمعرفة. ولعل قمة حالات السلوك المتحضر، أن يكون الانسان هو نفسه هادفاً وغاية يسعى إلى تحقيقها لبناء المجتمع ونموه .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/17



كتابة تعليق لموضوع : الثقافة والتحضر ومفاهيم السلوك العام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net