صفحة الكاتب : د . عادل عبد المهدي

فاز الرئيس اوردغان برهانه الرئاسي، والمعارضة تشكك
د . عادل عبد المهدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اذا ما رُدت الاعتراضات باعادة فرز 60% من الاصوات بحجة "ممارسات غير دستورية"، واعتُمدت نتائج الانتخابات نهائياً، فان تركيا ستصبح بلداً رئاسياً، وهو ما نهنيء عليه الرئيس والحكومة والشعب التركي الشقيق بشقيه المؤيد للتعديلات والمعارض لها. وسيبرهن التاريخ لاحقاً ان كان قرار اغلبية الشعب التركي صحيحاً، ام سيثير مزيداً من الانقسام كما يقول المناهضون.
1- جرى الاستفتاء بنسبة مشاركة عالية (85%)، لكنه فاز بنسبة ضئيلة، اي اكثر بقليل من 1%. ويرى البعض انه في التعديلات الدستورية، خصوصاً الاساسية المتعلقة بنظام الحكم، فان 50+1 يجب ان ترافقها سلسلة ضمانات. لذلك طرح الرئيس ديغول تعديلات دستورية لفرض المزيد من اللامركزية والاصلاحات الجامعية وغيرها في 28/4/1969 بعد ثورة آيار الطلابية (1968). ففشل ديغول، وانتصرت الـ"لا" بـ 52%، بنسبة مشاركة عالية ايضاً (80%)، علماً ان ديغول كان قد طالب بنسبة 60% للـ"نعم" للاطمئنان ان التعديلات تمثل فعلاً عمق ارادة الشعب.. فاستقال بعد سويعات من اعلان النتائج، رغم ان الدستور لا يلزمه بذلك. وخلفه رئيس وزراءه الاسبق "بومبيدو" ففاز بعد اسابيع (15/6/1969) بنسبة 58%. وقد طالب الدستور العراقي لنجاح الاستفتاء على الدستور ولاحترام ارادة كافة المكونات "موافقة اغلبية المصوتين، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في 3 محافظات او اكثر". لذلك قد يواجه الرئيس اوردغان المزيد من المتاعب، خصوصاً ان كبريات المدن كانقرة وازمير واسطنبول صوتت بـ"لا".. تماماً كالمناطق الكردية والعلوية، اضافة للاحزاب المعارضة.
2- جاء الاستفتاء بعد محاولة انقلابية فاشلة، واعتقالات واسعة، واوضاع صعبة لم تجد كافة حلولها، خصوصاً ما يتعلق بالملف الكردي.. والخلافات حول الدور التركي في المنطقة.. والسماح طويلاً لمرور واستقرار افراد المنظمات الارهابية عبر الاراضي التركية الى سوريا والعراق وتزويدها بالدعم.. وتواجد القوات التركية داخل العراق، بدون موافقة الحكومة العراقية.. وتردي العلاقات مع اوروبا، الخ. فهل ستساعد النتائج لحل هذه الاشكالات، ام ستزيد من تعقيداتها. فتركيا قد شهدت تطوراً اقتصادياً وسياسياً واقليمياً ودولياً كبيراً في ظل حزب "العدالة"، وستحتاج لاجواء ايجابية للحفاظ على مكاسبها، ومعالجة السلبيات، وإلا سيحصل العكس.
3- هناك انظمة رئاسية ناجحة، واخرى برلمانية ناجحة، وبغض النظر عن وجهات النظر الشخصية من جميع الملفات التي واجهت تركيا في السنوات الاخيرة، لكن الرئيس اوردغان لم يبتعد كثيراً عن الدستور، رغم هجوميته التي عُرف بها. فعندما لم يحقق الاغلبية في الانتخابات قبل الاخيرة ورفض التحالفات التي تسمح بتشكيل الحكومة وفق معادلاته، قام باعادة الانتخابات ملتزماً بالدستور.. وكذلك في معظم القضايا الاخرى.
4- الضامن لتركيا هو بقاء الانتخابات حرة ونزيهة.. فلا تستخدم السلطة لتغيير قناعات الجمهور قسراً ولتزوير ارادته. فللنظام الرئاسي مزايا كثيرة تسمح بسلطات اوسع واسرع، وقد تسمح بالتالي بمنجزات افضل. بافتراض حسن التخطيط وسلامة السياسات وعدالة حقوق الجميع.. وبالعكس، قد يقود لكوارث ان جاءت الخطط والسياسات فردية وانفعالية وسلطوية مجردة. حينذاك يتحول لكارثة ووبال على الامة. نتمنى ان تسير الاحداث في الجارة تركيا في الاتجاه الاول. اضافة، فان النظام الرئاسي الذي سيطبق في 2019، هو فرصة ايضاً للمعارضين للتمتع بنفس الصلاحيات الواسعة التي سيتمتع بها الرئيس الحالي، إن فازوا بدورهم بالانتخابات. وعليه يخطىء من يقول بان النظام الرئاسي هو بالضرورة طريقاً للدكتاتورية. فالأمر تحدده الظروف والسياسات وسلوكيات المؤسسات والقادة.
5- سننتظر التطورات، ونعتقد ان تركيا نموذجاً مهماً نتعلم منه، كما ان لها دوراً كبيراً في المنطقة وعالمياً. ويهمنا جداً تطور العلاقات بين تركيا والعراق ودول المنطقة.. كما يهمنا جداً كل ما يجري داخل تركيا لما فيه مصلحة الجار الشمالي، ولما له من تأثيرات على اوضاعنا واوضاع المنطقة والعالم ايضاً. وكما هو شأن الجميع، فان المواقف والتصريحات تكون هادفة وموجهة لكسب اعلى الاصوات قبل التصويت، اما بعده فتظهر السياسات الفعلية للقيادات. ونتمنى ان تأتي السياسات المستقبلية بما يحمل مصالح الشعب التركي والعراقي وبقية شعوب المنطقة والعالم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عادل عبد المهدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/19



كتابة تعليق لموضوع : فاز الرئيس اوردغان برهانه الرئاسي، والمعارضة تشكك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net