صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

معاً... لنكون من الشاكرين
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 الانصاف والفطرة السليمة تهتف بأوساطنا: ان حق من قدم اليك معروفا أو احسانا ان تشكره وتذكر معروفه واحسانه وتتناوله بالذكر الطيب اينما حللت، او كلما جرى على لسان الناس ذكره، وكذلك ان تخلص له الدعاء في مضان الاجابة فيما بينك وبين الله تعالى، وان قدرت على رد المعروف ان تسدي له الاحسان في قابل الايام وتقابل ما كافأك بأحسن منها أو مثلها، واذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، وهل من يطرق باب شكر المخلوق يحصل على الثواب والخير والبركة، كمن يطرق باب شكر الخالق المتعال الذي ان تعدوا نعمته لا تحصوها عددا وكما وكيفا؟! يجيب عن هذا التساؤل الامام زين العابدين عليه السلام بقوله: (يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة، أشكرت فلانا؟! فيقول: بل شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إذا لم تشكره). (الكافي، ج2 /ص99 /ح30).
لعل الرواية تريد ان تكرس فينا ثقافة الشكر، فالإنسان اذا ما استأنس بهذه المفردة وكان شاكرا للذي اسدى اليه المعروف، ذاكرا لطفه واحسانه، مدافعا عنه في حضرته وغيبته، فان تعامله مع نظيره المادي يجعل صفة الشكر سجية في نفسه يتعامل بها ازاء كل خدمة يتلقاها من بني جنسه، واذا ما تحولت تلك الصفة الى سجية دونما تكلف او تظاهر او مخادعة أو رياء، وانما تظهر للعيان بمجرد ذكر النعم المسداة، والثناء على المنعم سواء أكان ذلك المنعم أبا أو أما أو أخا أو صديقا أو مسؤولا أو معلما أو ما شابه ذلك، فإنه (من شب على شيء شاب عليه) من تعود على شكر الانسان المادي المحدود تلزمه أخلاقه بالملازمة العقلية على شكر الله تعالى الخالق المطلق الغير محدود بالمفاضلة، وهذه الملازمة هي أوفق لطبيعة الانسان المادية، أن يتدرج في الشكر من المشابه المادي الى الخالق المدبر المهيمن الذي له الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير، وهي في نفس الوقت تكرس فيه جنبة التواضع والعفة والمروءة، على العكس تماما من الذي يلفه الجفاء حيال الذي اسدى اليه معروفا، فإنه ينسى أو يتناسى كل جميل قدمه الآخرون اليه تكابرا وغرورا واستعلاء لا سيما اذا ما اصبح غنيا بعد فقر ومسؤولا بعد نكرة ومقتدرا بعد ضعف، هذا ان لم يتعد ذلك بمقابلة الاحسان بالشر والاثم والعدوان، المفارقة تلك تذكرني بقول الشاعر المتنبي يصف فيه الكريم الذي لا يزيده الاحسان الا طيبا وتواضعا ودعة، أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا نكوصا وجحودا وتمردا:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وأتعس ناكري المعروف والاحسان الذي ينكر احسان ومعروف والديه، اللذين اسديا له من الخدمات والمواقف ما لم يقدمه مخلوق لآخر غيرهما، وبالرغم من ذلك ترى بعض الجاحدين يغمطا حقوقهما ولا يقدّما واجب الشكر والامتنان لهما، عن الامام الرضا عليه السلام انه قال: ان الله عز وجل أمر بالشكر له وللوالدين، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله. (البحار ج71 /ص68 /ح40).
وأفضل انواع الشكر والامتنان على الاطلاق هو شكر الله تعالى على الولاية والتبرك بالذوات المعصومة التي وهبها الله تعالى نعمة ورحمة وكرامة للعباد، قال الامام الباقر (ع): بُني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية، ولم يُنادَ بشيءٍ كما نُودي بالولاية. (الكافي للشيخ الكليني، ج2/ ص 18) ولولا نعمة الولاية لأضحينا تائهين في صحراء الضلالة لا منقذ لنا ولا مخلص، فبالولاية يعبد الله تعالى حق عبادته، وبالولاية خلاصنا من الضلالة والجهل والانحراف، فحق علينا ان نضاعف الشكر والامتنان على هذه النعمة التي اذا اداها المؤمن فكأنما أدى جميع ما عليه من شكر المنعم، لأن في شكر الله على الولاية شكر لله على سائر نعمائه كلها، لأن بوجودهم خلق الله تعالى الورى، واسدى علينا نعمائه وفضله وكرمه وما طوى. 
فالإنسان حينما لا يقر بلسانه بما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه سواء من المخلوقين أو من الله تعالى، فهو منكر للجميل جاحد للنعمة، وعليه ان يتحمل وزر وتبعات عمله القبيح هذا في الدنيا من احتقار واشمئزاز وضمور، وفي الآخرة من عذاب أليم وخزي وعار ونفور، ولكيلا لا نقع في شراك الحاقدين اللؤماء، لابد ان نتصف بصفة الشاكرين الكرماء الذين هم قريبون من الناس، قريبون من الأنبياء، قريبون من الله تعالى، بل قريبون من رحمته وبركاته، وحسن أولئك رفيقا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/06



كتابة تعليق لموضوع : معاً... لنكون من الشاكرين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net