صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

فلتخسأ الألسن التي تتهم الاسلام بالإرهاب
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الاسلام مشتق من السلم والمحاورة والاقناع وليس فيه ثمة عنف وارهاب والغاء، حتى في الحروب الدفاعية التي خاضها الاسلام الأصيل يوصي بمناقب قلما تجدها في لوائح حقوق الانسان في العالم المتحضر، فالمرجعية الدينية العليا وبعيد اصدار فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات وفي خضم المعارك التي يخوضها أبطال الحشد الشعبي ضد البغي والعدوان ـ قدمت لائحة (المقاتل المثالي) وهي مجموعة من التوصيات، لتكون بمثابة مسارات وإرشادات ليس فقط لمجاهدي الحشد الشعبي، إنما تصلح أن تكون (لائحة لحقوق الإنسان) في الجانب العسكري والحربي لكل جيوش العالم، لما تتضمن من أخلاق راقية وقيم نبيلة وسماحة متألقة ليس بظروف طبيعية فحسب وإنما بظروف الحرب والمواجهة التي تتطلب المزيد من ضبط النفس في أطر القيم والفضائل، وهذه النصائح بطبيعة الحال مستلة من نهج الرسول الأعظم وأمير المؤمنين وسيد الشهداء عليهم السلام الذين خاضوا حروبا دفاعيا حفاظا على بيضة الاسلام ضد الظلم والفساد والطغيان. 
ومن ضمن ما جاء في هذه اللائحة أنّ الله سبحانه وتعالى ـ كما ندب الى الجهاد ودعا إليه وجعله دعامةً من دعائم الدين وفضّل المجاهدين على القاعدين ــ فإنّه عزّ اسمه جعل له حدوداً وآداباً أوجبتها الحكمة واقتضتها الفطرة، يلزم تفقهها ومراعاتها، فمن رعاها حق رعايتها أوجب له ما قدّره من فضله وسنّه من بركاته، ومن أخلّ بها أحبط من أجره ولم يبلغ به أمله.
وأضافت اللائحة ان للجهاد آدابٌ عامّة لابدّ من مراعاتها حتى مع غير المسلمين، وقد كان النبيّ (صلّى الله عليه وآله ) يوصي بها أصحابه قبل أن يبعثهم إلى القتال، فقد صـحّ عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال: ( كان رسول الله – صلّى الله عليه وآله ــ إذا أراد أن يبعث بسريّة دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا باسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا تغلوا، ولا تمثّلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطرّوا إليها).
واليك ملخصا في اهم ما احتوته من وصايا تؤكد على انسانية الاسلام حتى في ظروف الحرب والصدام، فالله الله في النفوس، فلا يُستحلّن التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الاحوال، الله الله في حرمات عامّة الناس ممن لم يقاتلوكم، لاسيّما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء، الله الله في اتهام الناس في دينهم نكاية بهم واستباحة لحرماتهم، وإياكم والتعرّض لغير المسلمين أيّاً كان دينه ومذهبه فإنّهم في كنف المسلمين وأمانهم، الله الله في أموال الناس، فإنه لا يحل مال امرئ مسلم لغيره إلاّ بطيب نفسه، فمن استولى على مال غيـره غصـباً فإنّما حاز قطـعة من قطـع النيران، الله الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد، واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ولا تمنعوا قوماً من حقوقهم وإن أبغضوكم ما لم يقاتلوكم، واعلموا أنّ أكثر من يقاتلكم إنّما وقع في الشبهة بتضليل آخرين، فلا تعينوا هؤلاء المضلّين بما يوجب قوّة الشبهة في أذهان الناس حتّى ينقلبوا أنصاراً لهم، بل ادرؤوها بحسن تصرّفكم ونصحكم واخذكم بالعدل والصفح في موضعه، وتجنب الظلم والإساءة والعدوان، ولا يظنّن أحدٌ أن في الجور علاجاً لما لا يتعالج بالعدل، ولئن كان في بعض التثبّت وضبط النفس وإتمام الحجّة ــ رعاية للموازين والقيم النبيلة ــ بعض الخسارة العاجلة أحياناً فإنّه أكثر بركة وأحمد عاقبة وأرجى نتاجاً، وكونوا لمن قِبَلكم من الناس حماة ناصحين حتى يأمنوا جانبكم ويعينوكم على عدوّكم، بل أعينوا ضعفاءهم ما استطعتم، فإنّهم إخوانكم وأهاليكم، واشفقوا عليهم فيما تشفقون في مثله على ذويكم، واعلموا أنّكم بعين الله سبحانه، يحصي أفعالكم ويعلم نياتكم ويختبر احوالكم.
وإيّاكم والتسرّع في مواقع الحذر فتلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، فإنّ أكثر ما يراهن عليه عدوّكم هو استرسالكم في مواقع الحذر بغير تروٍّ واندفاعكم من غير تحوّط ومهنيّة، واهتموا بتنظيم صفوفكم والتنسيق بين خطواتكم، ولا تتعجّلوا في خطوة قبل إنضاجها وإحكامها وتوفير ادواتها و مقتضياتها وضمان الثبات عليها والتمسك بنتائجها، وعلى الجميع أن يدعوا العصبيات الذميمة ويتمسّكوا بمكارم الأخلاق، فإنّ الله جعل الناس أقواماً وشعوباً ليتعارفوا ويتبادلوا المنافع ويكون بعضهم عوناً للبعض الآخر، فلا تغلبنّكم الأفكار الضيقة والانانيات الشخصيّة، وقد علمتم ما حلّ بكم وبعامّة المسلمين في سائر بلادهم حتّى أصبحت طاقاتهم وقواهم وأموالهم وثرواتهم تُهدر في ضرب بعضهم لبعض، بدلاً من استثمارها في مجال تطوير العلوم واستنماء النعم وصلاح أحوال الناس. 
ولا يفوتنكم الاهتمام بصلواتكم المفروضة، فما وفد امرئٌ على الله سبحانه بعمل يكون خيراً من الصلاة، واستعينوا على أنفسكم بكثرة ذكر الله سبحانه وتلاوة كتابه واذكروا لقاءكم به ومنقلبكم اليه، كما كان عليه أمير المؤمنين ( عليه السلام )، واحرصوا أعانكم الله على أن تعملوا بخُلُق النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم) مع الآخرين في الحرب والسلم جميعاً، حتّى تكونوا للإسلام زيناً ولقيمه مَثَلاً، فإنّ هذا الدين بُنِيَ على ضياء الفطرة وشهادة العقل ورجاحة الأخلاق، ويكفي منبّهاً على ذلك أنه رفع راية التعقل والأخلاق الفاضلة، فهو يرتكز في أصوله على الدعوة إلى التأمل والتفكير في أبعاد هذه الحياة وآفاقها ثم الاعتبار بها والعمل بموجبها كما يرتكز في نظامه التشريعي على إثارة دفائن العقول وقواعد الفطرة، قال الله تعالى: ( ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها). (صدر في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر عام 1436 هـ موقع مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني).
بعد هذا الذي استعرضناه من لائحة المقاتل المثالي هل بقي شك من ان الاسلام دين رحمة ورأفة وتعايش ليس في حالة السلم فقط بل انه كذلك حتى في حالة الحروب الدفاعية؟! أما الذي يثار بين الفينة والأخرى من ان الاسلام يشجع على القتل والكراهية والتشريد والنهب وانتهاك الحرمات، فهذا لعمري ليس من الاسلام الأصيل في شيء، بل انه منسوب الى الاسلام زورا وبهتانا وانما سوقوه لتشويه صورته الناصعة، سوقوا الاسلام المزيف لبني أمية وبني العباس وبني عثمان وانظمة العالم الاسلامي الديكتاتورية على أنه الاسلام الذي جاء به النبي الأعظم، ولكنهم خسأوا وخابوا وارتكسوا في طغيانهم يعمهون، فالإسلام الأصيل هو اقوى من ان يحجب بغربال ضعاف النفوس والدوائر المعادية التي تحاول خلط الأوراق لكيلا يطلع العالم على رحمة ورأفة وانسانية ما جاء به من تعاليم راقية يحاولون قدر الامكان حجبها عن شعوبهم لكي لا تتأثر بهديها الوضاء الكاسح، وأين هدي السماء العالمي من هدي انظمة وان ادعت رعايتها لحقوق الانسان، ولكنها تبقى ميالة لفئة أو حزب أو جماعة؟!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/16



كتابة تعليق لموضوع : فلتخسأ الألسن التي تتهم الاسلام بالإرهاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net