صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القرآن الكريم ح10
حيدر الحد راوي

سورة البقرة

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ{104} مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{105} مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{106} أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ{107} أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ{108} وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{109} وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{110}
يخاطب الله عز وجل المؤمنون كافة , خطاب مباشر , على لسان نبيه الكريم (ص واله) , لا تقولوا ( راعنا ) , وهي كلمة كان بني اسرائيل يتكلمون بها مع النبي محمد ( ص واله) , فيها شيئا من الاهانة , ولكن قولوا ( انظرنا ) بدلا منها . 
وبعد قولكم ( انظرنا ) , اسمعوا لما يتلى عليكم من آيات بينات , واستمعوا لما يأمركم به النبي (ص واله) وينهاكم عنه . 
ولمن يكفر بالنبي (ص واله) وما جاء به , فأن لهم عذاب اليم , طويل الامد , لا يخفف عن صاحبه , ولا تنفعه شفاعة الشافعين . 
مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{105}
يستمر الخطاب الالهي للمؤمنين , ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين لا يتمنون لكم الخير , ولا يريدون ان يروا اي اثرا لنعمته عليكم , او يختصكم الله بشيئا من رحمته او فضله , كأنهم يريدون فضل الله ورحمته خاص لهم , لا ينبغي لغيرهم , فيجيبهم الله عز وجل (وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )    
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{106}
الاية تشير الى موضوع النسخ , وهذا الموضوع ليس من شأن المتأملين , للتعمق فيه ,  بل هو من شأن المفسرين , والراسخون في العلم . 
تشير الاية الكريمة , الى موضوع تبديل الاحكام والايات , فأيما حكم عجز المؤمنون من الاتيان به , او كان مثقلا عليهم , بدله الله بغيره , وانتزع الايات التي تأمر به من القلوب ,  واتى بأيات جديدة , (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) . 
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ{107}  
يخاطب الله تعالى نبيه الكريم (ص واله) , والخطاب موجه للناس كافة , كما يقول المثل العربي (( اياك اعني , واسمعي يا جارة )) , أي ايها الناس ( ايها المؤمنون ) الم تعلموا ان ملك السموات والارض لله , وليس لديكم وليا ولا نصيرا غيره عز وجل . 
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة تشير الى ان الملك المطلق لله عز وجل , اما الانسان فهو جزء من هذا الملك , وبالنتيجة فأن الانسان لا يملك حتى جسده او روحه التي بين جنبيه , فكلاهما لله , فتأمل ! . 
أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ{108}
تشير الاية الكريمة , ان الرسول الكريم محمد (ص واله) قد تعرض لمسائلات وطلبات شبيه لما حدث مع موسى (ع) , لا ريب ان ايادي اليهود كانت وراء تلك المسائلات , مسائلات تؤدي الى الانحراف والضلال , فيحصل السائل (فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) . 
وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{109}   
يخبرنا الحق تعالى , ان كثيرا من اهل الكتاب تمنوا ان تعودوا لملتكم الاولى , وعبادة الاوثان , حسدا لكم , لما شاهدوا الحق في رسالة نبيكم المصطفى (ص واله) . 
بعد ان بين الله تعالى حال الكثير من اهل الكتاب , وما اضمروه من حسد , فيوجه عباده المؤمنين (فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ ) , حتى يأتي امر الله , والله على كل شيء قدير . 
امر الله موضوع فيه تفاصيل تطول , لدى المفسرين اراء كثيرة في الموضوع , لكن الارجح ان المقصود به  ظهور المهدي (ع) , فيستأصل اليهود عن بكرة ابيهم , والله اعلم . 
وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{110}
يحث الله تعالى المؤمنين , بأقامة الصلاة وأيتاء الزكاة , ويعدهم عز وجل بأن ما تقدموا لانفسكم من اعمال الخير تجدوه عند الله , وسيثيبكم عليه , فضلا عن ذلك , ان الله بصيرا بكم وبما تعملون . 
المتأمل في هذه الايات الكريمة , يقف عند خطابه عز وجل للمؤمنين والمسلمين , خطابا مباشرا , ينهاهم عن عدة امور , اخطاء كانوا عنها غافلين , ويأمرهم بما فيه خير لهم في الدنيا والاخرة , يبين لهم ما غاب عنهم من حقائق , أضمرت في قلوب اعدائهم , فيحق لهم ان يفتخروا بذلك النداء على كافة الامم , جميع الامم لديها آلهة , لكنها لا تخاطبهم ولا تناديهم , ولا توجههم لما فيه خيرا لهم .  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/13



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القرآن الكريم ح10
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net