صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

لقاء على مودة الابداع... الشاعر سلام البناي: (دافعية الأديب لإنتاج النصوص تأتي من كمية الأفكار والأحاسيس والرؤى والمواهب المخزونة في ذات الاديب، فيحيلها الى نص ابداعي)
علي حسين الخباز

 كل لقاء تتجدد فيه الهمة في محاولة اكتشاف عوالم المبدع الوجدانية، وعمقه المعنوي، وخاصة عندما يكون اللقاء بمبدع لاتحتاج سيرته الى التقدمة والتعريف، وقد نكون بحاجة الى تعريف سيرته من باب اللياقة الادبية، وإلا فهو سلام محمد البناي شاعر واعلامي عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، عضو الهيئة الادارية لاتحاد أدباء وكتاب كربلاء.
نائب رئيس اتحاد أدباء وكتاب كربلاء، عضو عامل في نقابة الصحفيين العراقيين/ عضو هيئة ادارية في فرع كربلاء عضو الهيئة الادارية في المركز العراقي للدراسات والبحوث الإعلامية ((أكمسر)) العمل الحالي: صحفي في شبكة الإعلام العراقي/ جريدة الصباح / صباح كربلاء.
صدر له: (قراءة في ورد الصباح) مجموعة شعرية عام 2000م(احتفالية الرحيل الأخير) مجموعة شعرية عام 2002م (الفجر وما تلاه) مجموعة شعرية عام 2008م، (بالياقوت تدلت عناقيدها) مجموعة شعرية عام 2011م، (ما يغني عن حكاية) مجموعة شعرية مخطوطة، كتاب (من الخطيّة إلى التشعّب) عام 2009 كتاب (الشعر التفاعلي الرقمي) إعداد وتقديم 2009، كتاب (ثقافتنا الالكترونية) إعداد وتقديم 2009، كتاب (القصيدة التفاعلية الرقمية) إعداد وتقديم.. وبعد هذه التقدمة التعريفية نلج باسم الله تعالى عوالم هذا المبدع دليلنا السؤال.
صدى الروضتين:ـ ما هي العلاقة التي تربط الخطاب الجمالي/ المعرفي بالموقف الفكري في زمن تتصارع فيه عقلنة الادب مع انفلاتيات التخييل، وصولاً الى يقينية الفعل الشعري؟ 
الشاعر سلام البناي:ـ لا يمكن وضع عملية انتاج النص الشعري داخل محددات وافتراضات مسبقة؛ لكون الشعر بوصفه خطاباً انسانياً جمالياً يخضع لموجهات تنبع من ذات الشاعر والتحكم بهذه الموجهات لا يتم عبر فرض القيود على قصدية منتج النص وانما يترك المغزى الذي يريده الشاعر او الكاتب ان يوصله بحرية عبر تشكيل الرؤى والأيدولوجيات التي تكمن في الذات، وهذه بطبيعتها تقع تحت تأثير بيئته ووعيه، فالايدلوجية التي يحملها الشاعر ونصه الجمالي كل منهما يعمل باتجاه معين وقد يلتقيان عند موقف واحد.
أما أن يتحول منتج النص الى آلة تربط على كونترول فكري معين هذا يتنافى مع رسالة الشعر، فقد يأتي النص الشعري معبرا عن رفض الشاعر لموقف ما، وقد يأتي بعيدا عن كل الماديات الدنيوية، وانما يحلق في آفاق مفعمة بالأحاسيس . 
فالشعر أساساً يولد من تزاوج العواطف والانفعالات والاحاسيس وهذه كلها تنتج شخصية الكاتب الذي قد يتبنى ايدلوجية معينة او يبتعد ليبقى في دائرة الاحساس العالي بجمال الأشياء، وعدم التصارع مع الافكار التي يصنعها بنو البشر نتيجة الصراعات الحياتية. 
فقد تجد شاعرا شفافا مرهف الاحساس يكتب نصا شعريا جماليا مدهشا يأخذك الى عوالم حالمة وفي لحظة يتخلى ولو بصورة مؤقتة عن كل ذلك ليتبنى خطابا ايدلوجيا ثوريا عنيفا يتبنى فيه موقفا تجاه قضية معينة؛ لشعوره بأن الشعر مسؤولية فلا يمكن السيطرة على انفعاليات الشاعر وغرائزه الحسية. 
وهناك من يتبنى خطابا ايدلوجياً معيناً، وهو في ذات الوقت يحافظ على جمالية الخطاب الشعري.. وبودي التوضيح ان رمزية النص اليوم تضمر أيدولوجيات وأفكارا كثيرة مغلفة بثيمات جمالية واستعارات لا يمكن أحيانا فك شفراتها إلا من قبل الناقد المختص.. فأحيانا تلعب المخيّلة دورا كبيرا في تكثيف الغموض في النص الشعري لغايات في ذات الشاعر.. خلاصة القول: إن الخطاب الجمالي الشعري يخضع لمنظومة الأحاسيس والانفعالات، وهذا ينتج لنا ايضا خطابا ايدلوجيا يتبناه الشاعر من واقعه المعاش.
صدى الروضتين:ـ إذا سألك أحدهم عن تعريف بعض المفردات ماذا تقول عنها مثل: 
الرمز المقدس.. المرأة.. الواقع.. السرد ؟
الشاعر سلام البناي:ـ بحسب فهمي أن علاقة الانسان بالرمز المقدس تنبع من سلوك الانسان ووعيه ومدى ارتباطه بالله تعالى، وهي نتاج اعتقاد وفهم بشري غايته الوصول للمعنى، وهذه العلاقة مبنية على عقيدة راسخة في ذات الانسان، وقد تكون هذه العلاقة معنوية أو مادية تتحول الى تفاعلات انسانية تحافظ على قدسية الرمز باعتباره المثل الاعلى الذي يمنحه الاطمئنان. 
أما المرأة فهي جوهر الوجود الانساني، ومأوى الإنسان ومستقرّه، تتكامل مع الرجل لتستمر الحياة. 
أما الواقع فهو كل ما نعتقده موجودا ونستشعر به، ونتعامل معه بحواسنا الانسانية التي منحنا إياها الله سبحانه وتعالى. 
أما السرد فهو يعد رافداً مهماً للكثير من الفنون والأجناس الأدبية؛ كونه قاعدة معلومات تضم في تفاصيلها مكنونات المجتمعات وسفرها عبر التاريخ، فالسارد وأقصد هنا - القاص والروائي تحديدا - هو ناقل لأخبار الأمم والشعوب بطريقة فنية مشوقة، وقد أخذ السرد حيزا كبيرا في القراءة لدى العالم الغربي ربما أكثر من حيز الشعر الذي يبدو أنه الأقرب والأكثر تذوقا لدى المتلقي العربي والعراقي بصورة خاصة.
لكن السرد العراقي لم يأخذ حيزاً كاملاً من الانتشار والاهتمام بالرغم من أن البيئة العراقية بيئة خصبة لكتابة القصة والرواية ولدينا كتاب نوعيون بالرغم من قلتهم.. وكانت فترة العقد الستيني والسبعيني الأغزر إنتاجاً.. ولكن بعد ذلك تراجعت هذه الغزارة نوعا ما لوجود (قطع) سببته السياسات التي مرت على البلد، وبسبب عسكرة المجتمع في تلك الفترة، ما أدى إلى بروز محظورات كثيرة تعيق كتابة القصة والرواية التي تحتاج إلى حرية في الكتابة.
وقد لمسنا في السنوات الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام المقبور صدور قصص وروايات كثيرة، أسهمت في إعلان البداية لإعادة الهيبة للسرد العراقي، ولو أنها تعاني من قصور إعلامي وتسويقي وكذلك نقدي، من أجل تقييم المشهد وجعله في صدارة المنافسة.
وبصراحة شديدة فأن ما نريده من السرد ربما لم يُكتب لحد الآن، فالسرد القصصي والروائي يبقى أكثر دقة بتناول الأحداث والمواقف والمشاعر الإنسانية من باقي الأجناس الأخرى؛ لأن معظم الشعوب دأبت على توثيق أحداثها عبر القصة والرواية، وبيئتنا العراقية فيها الكثير من الأحداث والمآسي والتي يستطيع القاص والروائي الآن إماطة اللثام عن الكثير من خفاياها.
كما أن مصطلح الإرهاب وفكره المقيت الذي ظهر على الساحة العراقية يحتاج من كتاب السرد تناوله بمسؤولية وبطريقة واقعية؛ لأن ما حصل ويحصل الآن لابد للأجيال القادمة أن تتعرف على حقيقته من زاوية أخرى هي زاوية الأدب وأعتقد أن الزمن القادم يحمل الكثير من الأمل والتفاؤل. 
صدى الروضتين:ـ بوصفك صحفيا وأديبا وعضوا في الهيئة الادارية لاتحاد الادباء والكتاب هل العمل الوظيفي وخاصة في الصحافة يأخذ من الاديب أم يضيف له؟ 
الشاعر سلام البناي:ـ المنتج الابداعي للكاتب هو مشروع فردي، ودافعية الاديب لإنتاج النصوص تأتي من كمية الافكار والاحاسيس والرؤى والمواهب المخزونة في ذات الاديب، فيحيلها الى نص ابداعي عبر جنس أدبي يشعر انه قادر على تمثيله، وهذه العملية الابداعية لا يمكن تحديدها بزمان ومكان فهي وليدة اللحظة، ولا يمكن التخطيط لها سواء كان ذلك الاديب متفرغا لمشروعه الادبي أم لا.. لكن عامل تقسيم الوقت مهم جدا في تحديد الاولويات وكمية ما يستطيع انتاجه من نصوص، وبالتأكد فأن التشتت (الزمكاني) للمثقف وضغوطات الاعمال اليومية تؤدي الى تراجع في طرح الافكار أو بطئها.
ولكوني أعمل في مجال الصحافة وهذه مهنتي لكنني أشعر أن هناك علاقة بين وظيفتي ومنتجي الأدبي؛ لكوني مسؤولا عن الصفحة الثقافية وهذا ما يجعلني أقرأ الكثير من النصوص الثقافية التي تحفزني على الكتابة الادبية والاعلامية، وكذلك بوصفي نائبا لرئيس اتحاد الادباء والكتاب وهذه المسؤولية أيضا تجعلني دائم الحضور بين الأوساط الثقافية والادبية ومتواصلا مع المشهد الثقافي.
ولا يعنيني كثيرا إن كانت مهنة الصحافة قد تأخذ من جرف الأدب؛ لكون الثانية ليست بمهنة، والاثنان هما رسالة انسانية أسعى عبرهما الى تحقيق ذاتي وتقديم منتج ثقافي متواضع اعلاميا كان أم أدبيا يقترب من ذائقة المتلقي. 
صدى الروضتين:ـ عشت مرحلتين شعريتين شعر ما قبل 2003م وما بعد الـ 2003م هل ثمة متغيرات ابداعية؟ 
الشاعر سلام البناي:ـ البنية الثقافية تتأثر بالمتغيرات السياسية والاجتماعية وفي كل مرحلة تاريخية هناك توجهات ومخرجات للنص الثقافي والأدبي، تزيد وتنقص وتختلف بحسب طبيعة النظام السياسي القائم، وبحسب وما متوفر لها من حرية يمكن من خلالها ممارسة الأنشطة الثقافية وطرح المنتوج.
وقبل العام 2003م لم تكن هناك تلك المساحة المريحة لممارسة حرية الرأي ونشر النصوص الابداعية التي تمثل حقيقة ما يريد طرحه الكاتب، بل إن المؤسسة الثقافية كان ذات اتجاه واحد ناهيك عن العوز المادي للمثقف.
كما أن عظمة الأحداث والتحديات والحروب التي مرت على العراق في الفترات السابقة قد سلبت ذات المثقف العراقي وقدرته على مقاومة الخراب الذي جلبته تلك الحروب على المجتمع تلك القدرة التي كانت مرهونة بالفسحة التي تمنحها تلك الأحداث لممكنات المثقف التي تنطلق دائما بعد فسحة الاطمئنان على حياة الذات الإنسانية ومع ذلك كانت هناك أصوات لمثقفين على الرغم من فرديتها وندرتها إلا أنها كانت مؤثرة.. لذلك ظهرت ظاهرة الاستنساخ والرمزية العالية في كتابة النص الشعري هروبا من عيون الرقيب. 
وبعد العام 2003 حصلت تحولات كبيرة على المستوى الثقافي وشهدنا غزارة في الانتاج المعرفي بصورة عامة، إذ استثمر الكتّاب مساحة الحرية وذوبان القيود المفروضة على حرية الكتابة والنشر.. وما يشهده العراق وكربلاء خاصة من حراك ثقافي هو دليل على حب الثقافة ورسوخها في أذهان الناس بوصفها سلوكا معرفيا يحمل الكثير من القيم والعقائد ويوضح أيضا أن هناك رغبة بالتواصل مع المتلقي.. وهذا يدعونا للتفاؤل على الرغم من القصور في تقديم الدعم للمنتديات والمؤسسات الثقافية وعلى الرغم من قلة ومحدودية الإمكانات وكذلك الضعف في إقبال الجمهور.. لكن هذا يعد دليلا على أن العراق بدأ يُعيد مجده المعرفي.
مانشيت:
• العملية الابداعية لا يمكن تحديدها بزمان ومكان فهي وليدة اللحظة، ولا يمكن التخطيط لها سواء كان ذلك الاديب متفرغا لمشروعه الادبي أم لا..
• عامل تقسيم الوقت مهم جدا في تحديد الاولويات، وكمية ما يستطيع الأديب انتاجه من نصوص، وبالتأكد فأن التشتت (الزمكاني) للمثقف وضغوطات الاعمال اليومية تؤدي الى تراجع في طرح الافكار أو بطئها.
• ما يشهده العراق وكربلاء خاصة من حراك ثقافي هو دليل على حب الثقافة ورسوخها في أذهان الناس بوصفها سلوكا معرفيا يحمل الكثير من القيم والعقائد.. وهذا يعد دليلا على أن العراق بدأ يُعيد مجده المعرفي. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/09



كتابة تعليق لموضوع : لقاء على مودة الابداع... الشاعر سلام البناي: (دافعية الأديب لإنتاج النصوص تأتي من كمية الأفكار والأحاسيس والرؤى والمواهب المخزونة في ذات الاديب، فيحيلها الى نص ابداعي)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net