متى سيتم حماية المدنيين من قمع النظام ؟
م . محمد فقيه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انطلقت الثورة السورية منذ ستة أشهر مضت وهي تحلم بالحرية من عقود عجاف كالحة جللت حياة هذا الشعب المسكين بالبؤس والشقاء ، فجثمت على صدره وكتمت أنفاسه وسامته العسف والتنكيل في ظل حكم شمولي مستبد ، أصبح الفساد عنوانا له ، وإذلال الانسان واستعباد المواطن منهجا .
صادروا فيه كرامة الانسان وسحقوا إنسانيته ، وغلوه بقيود الرعب والهلع حتى جعلوا من أعلى الكفاءات داخل الوطن ، التي لا تسير في ركبهم ولا تصفق لمهازلهم أو تغطي على عوراتهم أو تسكت عن جرائمهم ، أقزاما وأصفارا بل أعداءا متآمرين ، مصيرهم السجن والزنازين ، ومطاردتهم بعد ذلك بحملات التشويه والتضليل من أجهزة القمع والفساد وأبواقهم التشبيحية في أجهزة الإعلام التضليلية .
حرك هذه الجماهير الشريفة من أبناء الوطن الأباة للخروج في مظاهراتهم ضد النظام مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة والإنسانية ، بعد أن حرموا من طعمها وتنسم هوائها سنين بائسة طويلة ، حركهم تلك الشحنات المكتومة والزفرات المكبوتة وأكوام مآسي متؤاكمة من الإحباطات من سنين طويلة بسبب سياسة القهرومسيرة الفساد ، فانطلقوا يعبرون بفرحة غامرة وعزم متين وإرادة فولاذية ماضية لا تلين ، عن حقيقة مشاعرهم ومكنونات نفوسهم المكبوتة ، وأحلامهم الجميلة المصادرة ، وآمالهم العذبة المحاصرة ، وأهدافهم المنشودة المقيدة .
انطلقت شرارة الثورة من درعا في جنوب سورية ، بسبب تلك العبارة التي نقشها طلاب المدارس الصغار من أبناء درعا على الجدران ، بخطوطهم الطفولية المشرشرة ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، التي سمعها هؤلاء الأطفال من هتافات الثورات العربية التي انطلقت في تونس ومصر ، وأصبحت أكثرعبارة ترددها الشعوب الحرة التي ثارت على الاستبداد وتحلم بتنسم عبق الحرية .
ومع ردة الفعل الهمجية المتوحشة من النظام وأجهزة قمعه المتخلفة ، تمثلت ابتداء في اعتقال الأطفال ، وتشويه أجسادهم الغضة البريئة ، ونزع أظافرهم ، ورفض الإفراج عنهم بطريقه عنجهية استفزازية ، وعجرفة منحطة سافلة صدرت من المحافظ ورئيس جهاز الأمن - قريب بشار الأسد – وزبانيتهم .
ومع كل هذا الظلم والجبروت خرج المتظاهرون في درعا وما تلاها بتظاهرتهم المطالبة بالتحرر من هذا الواقع المرير ، يحملون غصن الزيتون ويهتفون للحرية ، يواجهون رصاص أجهزة القمع ومدافعه ودباباته بصدور عارية ، ليس لهم سلاح بعد التوكل على الله سوى نداء الحرية ، وصورة يلتقطونها للتظاهرات لتعبر عن مطالبهم واحتجاجاتهم ، يرسلون بها إلى المحطات الفضائية الحرة ليسمع العالم بثورتهم ويحس بمعاناتهم ، لأنهم في بلد لا يسمح فيه بنقل الحقيقة ، ولا حتى صور صامتة خرساء ، ما لم تبارك بفبركة ومونتاج تقوده أجهزة الإعلام التضليلية ، ويشرف عليه أجهزة النظام القمعية .
أشهر ستة مضت وهم يخوضون حربا شرسة مع نظام فقد أدنى مقومات الانسانية ، ناهيك عن الوطنية أو غيرها ، يقابل هتافهم وشعاراتهم السلمية بالرصاص الحي يستهدف الرؤوس والصدور، وقصف بمدافع ودبابات الجيش العشوائي لمنازل المدنيين الآهلين ، بدلا من تصويبها واستخدامها ضد العدو المحتل الذي اغتصب الأرض وانتهك العرض ، وهو يعيش بأمن وسلام وحسن جوار فوق أرضنا المحتلة .
لقد أمعن هذا النظام الجبان في قمعه ضد مواطنيه الشرفاء العزل ، وأوغل في سفك دمائهم ، وقد تجمد فيه الإحساس ، وتجرد من جميع مقومات الإنسانية ، وإخوة الوطن والتراب .
لقد اهتزت مشاعر الغرباء لتلك الدماء الطاهرة الزكية التي تسفح كل يوم في شتى أنحاء البلاد طولا وعرضا على يد هذا النظام المستبد ، ممثلا بأجهزة قمعه المتوحشة وعصاباته من الشبيحة ، وملحقاتهم من المرتزقة الطائفية المستوردة من الخارج ، وتحرك الناشطون هنا وهناك من الداخل والخارج ، من أبناء الوطن والأشقاء العرب ومنظمات المجتمع المدني المختلفة ومنظمات حقوق الانسان ، ينددون بهذه الجرائم ويطالبون بوقف نزيف الدم المتفجر والاستجابة لمطالب الشعوب البائسة المقهورة المطالبة بالحرية وأخواتها دون أن تتحرك في عروق هذا النظام قطرة دم ، ليكف عن قتل شرفاء وطنه وأحرار بلده بطريقة تنم عن حقد دفين ، ولؤم مشين ، وخسة منحطة لم يفعلها أبناء صهيون مع ثوار فلسطين !
إن كان في بعض رجالات هذا النظام بقية باقية من رجولة ، أو قليلا من وطنية أو مسحة خفيفة من إنسانية ، لأقدم على وقف مسيرة القتل ونهج القمع ، وحقن دماء شعبه وأبناء وطنه ، بتنازله وتخليه عن هذه الحكومة لمجلس إنقاذ وطني بطريقة سلمية تقود الوطن إلى بر الأمان عبر دولة مدنية ديمقراطية شعارها العدل والحرية .
إلا أن الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك ، فقد آلى هذا النظام الدكتاتوري المستبد على تدمير البلاد وتخريب العباد ، وإبادة جميع الشرفاء والأحرار وأنصارهم في سبيل بقائه متسنما على ذلك ( الخازوق ) ، ليبقى متسلطا على رقاب البشر في وطنه يعاملهم كالعبيد في مزرعته ، التي ورثها بدون كد عن أبيه المستبد الأكبر .
لقد تمرد هذا النظام على جميع النداءات والصرخات والنصائح التي وجهت له من داخل الوطن أو من خارجيه ، من ناشطين وسياسيين ومفكرين وأحزاب وتيارات وجماعات ومنظمات ومؤسسات ودول وأحلاف وامبراطوريات وقارات .... فضرب بكل ذلك عرض الحائط ، وركب رأسه يقامر بمصيره ومستقبله ومستقبل وطنه ، معولا على الحل الأمني ، مدعوما من عصابات إجرامية وميليشيات إرهابية وتحوت منحطة من سفلة البشر جمعها من مجرمي السجون وأرباب السوابق ...
لقد طرد هذا النظام المحطات الإعلامية وأغلق مكاتبها ، واعتقل الصحفيين الأحرار، ومنع منظمات حقوق الانسان والصليب الاحمر من التحقيق ودخول سورية ، ورفض المبادرة العربية ... والنداءات العالمية ، وشعبه الأعزل داخل سورية يستغيث من بطشه وعسفه وإجرامه .
لقد قتل الأطفال واستهدف العجائز من النساء ، واغتصب الحرائر ونزع الحناجر واقتلع الأظافر، وقنص الأحرار وقصف البيوت ودك المدن والقري بنيران مدافعه ، ونهب المحلات وأحرق البيوت والمحاصيل وقتل الماشية والسوائم العجماء ، ولم تسلم من إجرام عصاباته حتى الحمير لينتقم منها ويصب عليها جام حقده وإجرامه ، وقصف المآدن ودنس المساجد ومنع الصلاة فيها واعتدى على العلماء المخلصين بداخلها ، ومزق بداخلها المصاحف وكتب شبيحته على جدرانها عبارات الطائفية والكفر ... وقدسه أزلامه من عبيد الشبيحة وألهوه ... وركعوا له من دون الله وسجدوا لصوره القبيحة ، وقام شبيحته وعناصر القمعية بإجبار الشباب الحر المؤمن الطاهر على السجود لصور صنمهم المعتوه ، ولم يرتو بعد من دماء الأحرار بل إن سعاره وإيغاله في دماء أحرار الوطن وشرفائه يزداد يوما بعد يوم ، واعتبر كل من لا يقف معه عدوا مرصودا مهدور الدم .
والسؤال الملحّ : إلى متى سيبقى هذا الأسد المتوحش يفترس شعبه ، يوغل في القتل ويلغ في دماء أبنائه من الشرفاء والأحرار وقد سالت أنهارا ؟
إلى متى ستيقى أحهزة القمع الأسدية ألة قتل وسفك غاشمة ضد أبناء الشعب المطالبين بحريتهم والإنفكاك من أغلال الذل والعبودبة ؟
إلى متى سيبقى الجيش السوري ( حماة الديار ) عدوا لهذا الشعوب يصوبون إلى صدوره فوهات بنادقهم ونيران رشاشاتهم وقذائف مدافعهم ودباباتهم بدلا من العدو المحتل ، بدلا من أن ينحازوا إلى هذا الشعب ضد قاتليه من طغمة الدكتاتورية والاستبداد ؟
إلى متى سيبقى المجتمع الدولي يتفرج على جرائم هذا النظام القمعي ومذابحه الفظيعة تحت نظر وسمع العالم ؟
ألم يأن الأوان لوقف نزيف الدم ووقف مسلسلات القمع وإنهاء القتل والاعتقال والإذلال والتنكيل اليومي ؟
كم حجم الدماء التي رصد لها هذا النظام المجرم من أبناء شعبه ؟ أم أنه فوّض أجهزته القمعية بصك مفتوح ليس له سقف ، ولو أفنى جميع الشرفاء والأحرار من خيرة أبناء الوطن وشبابه .
هل ينتظر الجيش السوري والأشقاء العرب ممثلة بالجامعىة العربية ، والعالم المتمدن ومنظمات حقوق الانسان هذا النظام السفيه المجرم حتي يقضي على جميع أبناء شعبه ؟
ألم يأن الأوان للحجر عليه ، ولجم آله قمعه ، لإجباره على التوقف عن قتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ والعجائز .
متى سيستجيب الجيش الوطني ! والمجتمع العربي أو الدولي لحماية المدنيين وحقن دمائهم في سورية من هذا النظام المتمرد وعصابات المجرمين القتلة ؟ ! .
12/ 9/ 2011
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
م . محمد فقيه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat