صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

إقليم كردستان بين الاستقلال وأحلام الشعراء
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    تمتع إقليم كردستان باستقلالية تامة, بعد اجتياح صدام للكويت سنة 1991, وأصبح دولة شبة مستقلة لها قيادتها ونظامها السياسي, وتتمتع بحماية أممية لحين سقوط نظام البعث في عام 2003, فكان أن أصبح الإقليم بالإضافة لما سبق. شريكا رئيسيا بالحكومة المركزية في بغداد, وصار أشبه ما يكون  بدولة مستقلة, تشارك دولة أخرى في خيراتها وحكمها .
    طوال الفترة الماضية, لم تشهد العلاقة بين بغداد والإقليم استقرارا واضحا, رغم أن الدستور العراقي قد حدد هذه العلاقة, وأعطى للأكراد مميزات كبيرة وصلت الى حد عدم إقرار الدستور العراقي, إذا لم توافق عليه محافظات الإقليم الثلاث, إضافة الى المشاركة في صياغة القوانين المهمة لإدارة البلاد, التي لن تقر إذا لم توافق عليها الكتل الكردستانية, وحجم الموازنات الهائلة التي كانت تذهب من الحكومة الاتحادية الى الإقليم, ناهيك عن غض الطرف من بعض أطراف الحكومة, عن كميات النفط الهائلة التي كان يصدرها الإقليم, دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية .
    لكننا نشهد مع قرب كل انتخابات برلمانية, صراع وتجاذب سياسي بين بغداد وحكومة الإقليم, الهدف منه كسب الأصوات الانتخابية, بوازع قومي مرة أو اقتصادي مرة أخرى, ينتهي هذا الصراع مع نهاية الانتخابات, وعودة الأكراد الى البرلمان العراقي والحصول على المناصب والامتيازات في الحكومة العراقية, ولتؤجل اغلب الملفات العالقة, الى الدورة التي تليها ليعاد السجال مرة أخرى, على الرغم من إن الحكومة المركزية, حاولت في هذه الدورة حل هذه المشاكل, وأهمها موضوع النفط المصدر من الإقليم, الذي ما لبث أن تنصل عن اتفاقه مع الحكومة المركزية, لتعود المشاكل الى سابق عهدها .
   مشاكل كثيرة اجتاحت الإقليم بسبب تردي العلاقة مع المركز, فالأوضاع الاقتصادية أصبحت خانقة حتى عجزت حكومة الإقليم عن تسديد رواتب الموظفين, ورئيسه المنتهية ولايته مسعود البرزاني متشبث في منصبه, مما اضطره لتعطيل البرلمان والصراع مع شركائه في الحكم وخاصة كتلة التغيير, إضافة لوقوف داعش على حدود الإقليم ووضع دولي وإقليمي ملتهب, جعل رئيسه يضيع بوصلة القيادة ويفقد شعبيته وتأثيره, ما دعاه للهروب الى الإمام والمطالبة باستقلال الإقليم .
    وهي محاولة من رئيس الإقليم بإعادة إنتاج نفسه من جديد, بأنه الحامي القومي للأكراد, والتهرب من الأزمة الداخلية ومحاولة تصديرها الى بغداد, لتهيئة الشارع الكردي انتخابيا وقوميا مرة أخرى, فالجميع يعلم ان الوضع الداخلي للعراق, الذي يعيش حربا مع داعش ووجود اراض متنازع عليها, لايسمح بإجراء استفتاء الاستقلال, وكذلك الوضع الدولي والإقليمي لن يسمح بظهور ملفات ساخنة أخرى, فكان أن رفضت تركيا وإيران هذا الاستفتاء, وكذلك أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي معارضتهم, ويبدو أننا لن نرى اعترافا بالإقليم سوى من إسرائيل ! .
 إن ما يحصل عليه الإقليم من وحدته مع العراق, إضعاف ما سيجنيه عليه عند الانفصال, وهذا ما يعرفه رئيس الإقليم والقادة الكرد, ناهيك عن حجم المشاكل الداخلية التي ستضرب الإقليم والتدخلات الإقليمية التي ستعصف به, نتيجة لرفض الدول المجاورة لقيام هكذا دولة تؤثر على أوضاعها الداخلية, فإن التفكير بإقامة دولة كردية الآن هو انسياق وراء مشاعر وعواطف شخصية, ومغامرة بأرواح الشعب الكردي, بل هو أشبه بأحلام الشعراء في وضح النهار .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/22



كتابة تعليق لموضوع : إقليم كردستان بين الاستقلال وأحلام الشعراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net