صفحة الكاتب : عبيدة النعيمي

الأمانة أم الطابقين
عبيدة النعيمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لايزال هناك حنين الى الأمانة أم الطابقين، التي كانت خطوطها تصل الى حيث ما تريد، وكم كانت حاضرة في مخيلتنا، ونحن تلاميذ صغار، نرسمها مرات ومرات  في إمتحانات مادة الفنية، وكأنها واحدة من معالم المدينة، بل هي كذلك، بكل توليفاتها، الأمانة، الباص، المصلحة، الـ " AC " أم الطابقين، أو الطابق الواحد، والسائق والجابي بزيه الرسمي، والمفتش بأناقة بزته، وهيبة مركزه، و" المنطقة" التي كانت تمثل محطات إنتظار الركاب، وواحدة من المظاهر الحضارية، التي نالت رعاية خاصة، مع تطور خدمات النقل، سواء بمقاعدها، وزجاجها المظلل، مع علامة بارزة لمصلحة نقل الركاب، وأرقام الباصات التي تمر من خلالها. 
من نوادر الحافلات، وهو الإسم المعرب للأمانة، أني كنت أرقب جارنا الشيخ طه، وهو رجل ضرير، يركب الباص رقم 5 ، صباح كل يوم، من دون قائد يقوده، فيما أستأنف طريقي الى المدرسة، وينزل هو قرب مكتبة الصباح في الأعظمية، من دون أن يستعين بأحد، ما دفعني فضولي المبكر الى سؤاله : كيف تستدل على المكان الذي وصلت اليه ؟، فأجابني مع إبتسامة خفيفة : من عد المناطق، ويقصد محطات الوقوف. 
كانت المصلحة، تشكل واسطة النقل الأولى، بإنتشارها، وحركتها الدؤوبة، ورخص اجورها، لذا كانت تعد منافساً قوياً لوسائط النقل الخاص، وتحد من إرتفاع إجوره. 
هذا كله من الماضي، فيما لم تجد في الحاضر، الا القليل من الحافلات الحديثة، الموزعة بين خطوط مبعثرة، لايحكمها نظام، ولايحددها سياق عمل منضبط، فهي أقرب الى حركة النقل الخاص " الكيات" منها الى " أمانة" أيام زمان. 
العراقيون في الخارج، أول مايلفت نظرهم، وسائط النقل العام المتعددة، المترو، والحافلات، والترمواي، وغيرها، فيما تراجعنا الى الوراء، وبقينا نراهن على الوعود، لكن " أواعدك بالوعد وازكيك ياكمون".
ما نخلص اليه، أن هناك علاقة قوية بين المستوى الحضاري، وأهمية النقل، فكلاهما وجه لعملة واحدة، لذا يلاحظ مثلا أن الولايات المتحدة ترصد مبالغ طائلة تقدر بنحو 25% من ربع دخلها القومي في تنمية وتطوير جهازها النقلي، كما أن مقومات الدولة تستند في قوتها على هيمنتها الكاملة على مرافق وحدتها السياسية كافة، ولا يتم ذلك الا بفضل ما تمتلكه هذه الدولة من شبكة عالية ومن أنماط متعددة لوسائط النقل كافة، وعكس ذلك، فالدول الضعيفة هي الدول التي يغيب فيها النشاط النقلي، وبالتالي فإن سيطرتها على وحدتها السياسية يكون هزيلاً وما يترتب على ذلك من نتائج في جسم الدولة، وعليه فإن الدورالذي يؤديه قطاع النقل على المستوى الإقتصادي، والإجتماعي، والعمراني، لكل دولة، لا يمكن تغافله أو التغاضي عنه، فالنمو والإزدهاراللذان يتحققان في هذا القطاع يمتد تأثيرهما ليشمل جميع القطاعات الأخرى، وبالتالي هناك ارتباط قوي بين النمو الذي يحصل في هذا القطاع وبين نمو النشاط الاقتصادي للبلد بمجمله، وينعكس هذا كله في الإسهامات الكبيرة التي يقدمها هذا القطاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي وفي زيادة العوائد المالية للدولة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبيدة النعيمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/05



كتابة تعليق لموضوع : الأمانة أم الطابقين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net