صفحة الكاتب : نجاح بيعي

الرديف .. في مرمى الفساد المالي والسّياسي هل سينهار ؟!.
نجاح بيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بات من البديهي أن " الفساد " يقبع وراء كل سبب من أسباب تدهور الأوضاع في العراق . فغول الفساد بكل أشكاله و " الفاسدين " بكل عناوينهم , وراء شلل الدولة بكل مؤسساتها . فمع غياب السّبل الجادة لمكافحة الفساد , وشحن الأجواء بالتصريحات النّارية المصحوبة بلغة الإتهام بالفساد , خصوصا ً إذا طالت الشبهة إحدى المؤسسات الأمنيّة , ممكن أن يُعيد إلى الأذهان مخاوف الصورة السوداويّة المرعبة , التي بسببها انهارت المؤسسة العسكريّة والأمنيّة , ومكّنت عصابات تنظيم " داعش " الإرهابيّة , صبيحة 10/6/2014م من الولوج والسيطرة على مقدرات ثلث مساحة العراق .

وما حصل مؤخراً بين نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي " أبو مهدي المهندس " وبين رئيس مجلس الوزراء " حيدر العبادي " من تراشق وتبادل الإتهامات إلى حدّ التخوين , حول موضوعة الاستحقاق المالي لـ " رواتب مقاتلي " الحشد الشعبي هذه المرّة , يمضي بذات الاتجاه .

فالجميع يعلم أن بانهيار المؤسسة العسكرية والأمنية , دعا المرجعيّة العليا في النجف الأشرف , لأن تُطلق فتوتها الجهاديّة لتصويب الوضع العام وللإعادة الأمور إلى نصابها وحفظ الدولة من السقوط !. بعد أن حذّرت مراراً وتكراراً عبر منبر صلاة الجمعة وعبر قنواتها المختلفة , من أن سبب إنهيار المؤسسة العسكرية والأمنيّة , هو الفساد المالي والإداري المُستشري, في أغلب مرافق الدولة , وبسببه تمكّنت عصابات داعش من الدخول للعراق !

https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=186

بل وكشفت المرجعيّة بأن لولا الفساد وسوء استخدام السلطة من قبل السياسيين ,لما كانت هناك حاجة أصلاً ,لإطلاق فتوى الجهاد الكفائي في 13/6/2014م , ولا لدعوتها الشعب للإلتحاق والانخراط في القوات المسلحة للدفاع عن العراق !.

www.sistani.org/arabic/archive/25159/

فباتهام " المهندس " لحكومة العبادي بالتقصير ,  وبعدم مساواة مقاتلي الحشد مع أبسط شرطي في الدولة , داعياً إلى تطبيق العدالة في التوزيع : " كان مجلس الوزراء قدم مشروع ملحق ميزانية الى البرلمان , بمبلغ سبعة ترليون دينار , لم يتضمن ديناراً واحداً لتعديل رواتب الحشد الشعبي" !؟. وتوعّد المهندس :

" أنّ الحشد الشعبي ربما سيدخل في ـ ساحات محاربة الفساد السياسي والمالي والإعلامي"! .

جاء الردّ حاضرا ً وسريعاً من قبل رئيس مجلس الوزراء " العبادي " , خلال مؤتمره الصحفي الإسبوعي . فبعد أن أعلن من أنّ : " الحشد تمّت زيادة موازنته ضمن قانون موازنة عام 2016م " . توجّه إلى بعض قادة الحشد الشعبي , وفجّر قنبلة الإتهام المباشر لهم بالفساد لقيامهم بأخذ " الأموال " المخصصة لرواتب مقاتلي الحشد , وتخوينهم بتوظيفهم الأموال سياسياً , لأغراض حملاتهم الدعائيّة الانتخابية, أو توزيعها الى مقاتلين لهم هم خارج تشكيلة " هيئة " الحشد الشعبي !. وكانت مفاجأة حقا ً صدمت الكثيرين !.

ولم يكتفي " العبادي " عند هذا الحدّ , فأعاد الكرّة بالهجوم بنفس الليلة 19/7/2017م , ومن على شاشة العراقيّة , متوعدا ً بإجراءات تصحيحيّة هذه المرّة : " لا أسمح أن يقتات آخرون على حقوق مقاتلي الحشد , وأن يُستغل الحشد سياسيّاٌ , وأن يبنوا تشكيلات مسلحة خارج الحشد , هذا ظلم وتخريب للحشد , يجب أن أقوم بإجراءات تصحيحيّة , لكي أبقي على المقاتلين الحقيقيين داخل الحشد , وهذا أنا مُصرّ عليه " !.

ــ وكلمة أخيرة .. نظرا ً لتعدد مصاديق " الحشد الشعبي " اليوم , ممكن أن نبيّن من أنّ مفهوم " الحشد الشعبي " حينما يتداول على ألسنة المسؤولين الحكوميين أو من قبل قادة الحشد , يقصد به ذلك الكيان الرسمي المنضوي تحت يافطة " قانون الحشد الشعبي " المصادق عليه من قبل البرلمان في 26/11/2016م , الذي قوامه ( 120 ) ألف مقاتل , ( مع أخذ بنظر الاعتبار عدم تفعيل القانون للآن ) , هو قطعا ً غير مفهوم " الحشد الشعبي " فيما لو تمّ تداوله من قبل المرجعيّة العليا , والتي تُصرّ للآن على تسميتهم بـ " المتطوعين " منذ انطلاق الفتوى في 13/6/2014م , والذي يبلغ تعداده أكثر من ( 3 ) مليون شخص وهو بتزايد مستمر , من شرائح الشعب العراقي المختلفة , كمقاتلين وغيرهم ممن يسمّون بـ " مواكب الدعم اللوجستي " ومن ورائهم عوائلهم وأسرهم كافة , ( مع الأخذ بنظر الاعتبار ان الحشد الأول هو قطعا ً داخل ضمن العنوان العام للمتطوعين ) . فالحراك الحكومي المؤسساتي الدائر حول شبهات الفساد , وإن كان يخدش بالصورة المقدسة , المرسومة في ذهن الشعب العراقي للحشد الشعبي على النحو الخاص , ألا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمتطوعين , لأنهم مرتبطون بالفتوى المقدسة للمرجعيّة العليا على النحو العام .

وإذا كان هناك من يشكل على المرجعية عدم تدخلها لنصرة الحشد وسمعته , ظنّا ً منهم أنما الحشد هو حشد المرجعيّة , ممكن أن يرتفع الإشكال إذا عرفنا جواب السؤال التالي : هل الحشد الشعبي تشكّل بالفتوى ؟. أم تشكّل إثر الفتوى ؟. وقطعا ً أن الحشد تشكّل من قبل آخرين إثر الفتوى , وليس بالفتوى ولا يد للمرجعية بتشكيله لأنها ببساطة شديدة كانت قد دعت المتطوعين إلى الانخراط بالجيش وبالقوات المسلحة العراقية الأخرى تحديدا ً .

ومع هذا كله .. نرى المرجعية العليا  وقد أفاضت على من بيدهم زمام البلد , أن يأخذوا بنظر الاعتبار فيما لو عقدوا العزم على تشكيل قوّة مسلحة جديدة في العراق , عدة أمور منها :

" الاستفادة من تجارب بناء الأجهزة الأمنية سابقاً . ودراسة الأسباب التي أدّت الى إخفاقها .. إعتماد معايير الكفاءة المهنية والنزاهة والحسّ الوطني ونقاء السيرة في اختيار العناصر التي ستُمسك بزمام الأمور والقيادة .. وضع آليات مالية وإدارية حازمة وشفافة , تسدّ الثغرات على المفسدين للنفوذ من خلالها لنهب أو هدر المال العام لهذه المؤسسة العسكرية .. " !.

https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=180ــ

فما بين اتهام "المهندس" وتخوين "العبادي" هل سينهار "الرديف" باعتباره مؤسسة أمنيّة , طالها شبهات فساد مالي كسابقاتها ؟. وإذا كان الإنهيار الأول قد جلب لنا " داعش " تُرى ماذا سيكون شكل عدوّ العراق وشعبه , فيما لو تمّ الإنهيار الثاني لا سمح الله تعالى المتمثل بـ " الحشد الشعبي " !؟.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/23



كتابة تعليق لموضوع : الرديف .. في مرمى الفساد المالي والسّياسي هل سينهار ؟!.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net