فنانون في القائمة السوداء !
ناظم السعود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حسنا فعل شباب الثورة المصرية بتدوين قائمة طويلة أطلقوا عليها اسم ( القائمة السوداء ) أو قائمة العار بتوصيف آخر وعمدوا إلى نشرها في أكثر المواقع الانترنيتية ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي : فيس بوك/ تويتر / يوتيوب ومن ثم نقلتها وسائل الإعلام الأخرى ، وهذه القائمة تقوم على فكرة ذكية مؤداها إدراج اسماء كل من وقف ضد الثورة المصرية واعلن  تأييده العلني للنظام الديكتاتوري السابق واحتجاجه على انتفاضة الثوار ، بمعني ان القائمة تقوم مقام السجل التاريخي الحافظ لاسماء ووقائع كانت  بالضد من فعل الثورة المناهض للاستبداد والفساد وهي ( أي القائمة ) تكمل حلقات الثورة من خلال ابراز وفضح اعدائها .

 

واللافت هنا ان القائمة تلك حوت مجاميع وفئات متعددة من مشاهير المجتمع المصري ك : الإعلاميين والفنانين والرياضيين .. الخ غير ان حديثنا هذا سيخّص الفنانين وحدهم لسببين : لانهم الاقرب للجمهور والأكثر بروزا ومتابعة من بين الفئات المذكورة أعلاه ، وايضا لان المتن المختار هنا هو من اهتمامات هذه المطبوعة الوليدة أكثر من سواه .

 

والذي يطالع محتويات القائمة سيعجب بلا شك من جرأة المبادرين بهذا الكشف المثير وغير المسبوق لاته تضمن اسماء عشرات الفناين والفنانات ممن يمتلكون تاريخا طويلا في مجالاتهم الفنية غير ان كل هذا يتهاوى في

 

ساعة الحقيقة فتصبح الاسماء والتواريخ محض فقرات مدانة في القائمة السوداء : فاتن حمامة / حسن يوسف / محمود ياسين / نور الشريف/ عادل إمام / شمس البارودي / نبيلة عبيد ....، والمبادرون من الثوار لم يكتفوا بنشر الاسماء ووضعها في حفرة الإثم التاريخ بل اظهروا أفعالا ومواقف لبعض الاسماء توجب على المسؤولين الجدد إدخالهم في دوائر السؤال والإدانة الجرمية ان ثبتت عليهم أقوالهم وأفعالهم : خذ مثلا  الفنانة سماح انور التي طالبت من خلال الفضائية المصرية بإحراق المتظاهرين المتواجدين في ساحة التحرير ! ،في حين استهزأ الفنان طلعت زكريا من المظاهرات المليونية المحتشدة في الساحة واتهم صراحة الشباب بممارسة الأعمال المنافية للآداب وتناول المخدرات واشياء قبيحة أخرى !، اما احمد السقا فقد ظهر كثيرا أيام الثورة في القنوات مبديا هجوما على الثورة وواصفا شبابها بانهم ( جهلة ورعاع !) ، في حين اوضحت المناضلة الهام شاهين ان المتظاهرين بلا هدف ولا غاية ووضعوا أنفسهم لاستغلالهم من قبل أشخاص يريدون الوصول الى السلطة عبر تخريب البلد !.

 

ومن الجدير بالذكر هنا ان القائمة احدثت دويا في المجتمع المصري لما اشّرته من مواقف سلبية وتخاذلية على كثير من الأسماء التي كانت تعد في السابق نجوما ساطعة ولكنها حال نشر القائمة اهتزت صورها وتذبذبت مكانتها لان الجمهور الذي أعطاها النجومية هو من يقوم اليوم بتقريعها وفضحها بسبب مواقفها المناصرة للحاكم الطاغي في اشد مرحلة واقربها للثورة والتغيير ، والطريف هنا ان هناك محاولات قد جرت ( ولو بشكل بائس ومفضوح) من بعض الفنانين والفنانات للتنصل من ادوارها وأقوالها واظهار تأييدها للثورة بعد سكون العاصفة! ، ان عادل إمام واحمد السقا ويسرا وثامر حسني هم من ابرز الامثلة التي يمكن إيرادها لمن أحسّوا بسخونة الموقف وحجم الإدانة التي باتت تحيطهم وتهدد مستقبلهم وسمعتهم بفعل الصحوة الجماهيرية الحاصلة .

 

ان الدرس الذي يمكن ان يعيه كل فنان ( وليس الفنان المصري فحسب ) ان عليه  ان يتضامن مع شعبه وان يكون في مقدمة المناصرين لقضاياه من ظلم جلاديه لأنه ( أي الفنان ) حامل مشعل التنوير والوعي في المجتمع ولا يجب ان يتراجع عن دوره او ان ينقلب على الضحية لصالح الجلاد تحت أي ذريعة شخصية او مادية أو مهنية لانه في هذه الحال انما ينتهك مبادئ الفن وحقيقة وجوده بين الناس ، لهذا حّق على اصحاب الثورة الشرعيين ان يصونوا ثورتهم من صور سمجة ارتدت لبوسات الخيانة والانتهازية والتنكر لملاحم الشهداء الباذلين ، ولأن لكل ثورة شرعيتها التي اكتسبتها من ملحمة الدم فكان من الطبيعي ان تشرّع قائمة سوداء تتبارق في زواياها وبطانتها ملامح شوهاء لنجوم كانت !.

 

  

الموضوع السابق تفجيرات كربلاء ... بين تسييس الإرهاب واختراق الأجهزة الأمنية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat