المفاسد في اللغة جمع (فاسد) وهو بمعنى (نقيض الصلاح)، ومصدره (المفسدة) بمعنى (خلاف المصلحة)، ومشتق من الفعل الثلاثي (فسد) الذي هو: (ضد صلح)، وقولنا: (فسد الشيء) بمعنى بطل أو أضمحل أو تغير.
وأما المفاسد في الإصطلاحه و نفس معناها اللغوي من الأبطال والتخريب والاضمحلال وما شابه ذلك من المعاني التي بمعنى التغيير في طبيعة الأمور لا على وجه الإصلاح.
ومصاديق هذه الأمور تختلف باختلاف الأشياء، مثلاً قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}. فسر الفساد بالقحط وقلة الريع في الزراعات والبيوع ومحق البركات من كل شئ.
البحث عن المفاسد الاجتماعية التي يوجدها الإنسان لا تخلو عن حالتين:
١- المفاسد الشخصية: وهي الأفعال السيئة التي قد يوجدها بعض الأشخاص وليس لها تأثير على المجتمع.
٢- المفاسد الإجتماعية: هي الممارسات والتصرفات والعادات السيئة في بعض المجتمعات التي تنشأ من الانحراف في طبيعة العلاقات الإجتماعية، لتؤثر سلباً على مسيرة المجتمع وحركته نحو الأهداف السامية التي حدّدها البارئ عز وجل وجعلها غاية لخلق البشر.كانتشارظاهرة القتل أو السرقة أو شرب الخمور أو الزنا أوغير ذلك من الظواهر السيئة المنتشرة في بعض المجتمعات.
وحقيقة المفاسد الإجتماعية هي أمراض سلوكية معدية تسري بين أفراد المجتمع وتسبب لهم حالة من الإدمان النفسي، وتوجد عادات وأخلاق اجتماعية خاطئة تهدد بإهلاك النسل والحرث وفقدان الأمن في هذه المجتمعات. وهي لا تقل خطورة عن الأمراض الجسدية والفايروسية كالطاعون والإيدز وما شابههما.
أنواع المفاسد الاجتماعية:
المفاسد الإجتماعية لها مصاديق عديدة في المجتمعات البشرية، ولكنها حسب الاقصاء لها تنقسم الى سبعة أقسام أساسية وهي كالتالي:
١- المفاسد الإجرامية: وهي الاعتداء على الناس جسدياً بالضرب وإزهاق الأرواح وسفك الدماء بغير الحق. كما في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ}.
٢- المفاسد الاقتصادية:وهي التصرف في الأموال بالباطل والاعتداء على أموال الناس وبغير رضا أصحابها. كما في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}.
٣- المفاسد الجنسية: وهي الاعتداء على الأعراض وإشاعة الفحشاء والمنكرات في الغريزة الجنسية.كما في قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.
٤- المفاسد المعنويّة: وهي الاعتداء على الكرامة والحريات والأمور الشخصيّة. كما في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.
٥- المفاسد الفكرية: وهي الاعتداء على العقول بألقاء الشبهات وأفكار الظلال والأكاذيب. كما في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}.
٦- المفاسد السياسية: وهي غصب حق الأولياء الشرعيين والخروج عليهم وإثارة الفتن والخلافات والصراعات بين الناس.كما في قوله تعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.
٧- المفاسد الشرعية: وهي فعل المحرمات وترك الواجبات التي أمرنا الله بها. كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
|