• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على قارعة الطريق .
                          • الكاتب : حسين علي الشامي .

على قارعة الطريق

منذ صغره كانت الاحلام تملئ عقله تورقت خلالها فنون الايام في إدراكه ، وذلك الطريق الذي لطالما قضى اياما فيه زاحفاً ليتكئ فيما بعد على جوانبه ممتطياً صهباءه الرملية معترشاً رماله الذهبية ، بدة له جميلة بُنية العينين كحلية الرموش وردية الخدود ، شفاها سيلٌ جرف اجمل مشاعره ليأخذه الخيال بعيدا . ملامساً ذلك الشعر الاسود ، ليلاً احتضن قمراً بمنتصف الشهر ، استشعر دنياه على هذا النحو ..
طعم هذه الايام بطعم الحلويات التي اشتراها ابواه له ، يتذوقها بطرفٍ احمر ندي ليرتشف الرشفة ثم الرشفة منهياً ذلك الرمق الذي حاصره ..
اللمسات الناعمة التي داعبت ايامهِ ليس كجمال ذكراها شيء ، فهو لا يزال يتذكر رقيق ندرتها وطرافةِ حسها .
الكل يغني له ويصفق والكل يحبه ويحب ابتسامته والايادي تتشابك كي ترفعه بعيداً كطيرٍ عانق السماء وأحتضن النجوم بجناحيه ، فيال جمال ذكرياتِ تلك الطفولة البريئة ..
الراحلة لازالت تسير باتجاه العمر وزيادته لتشرق شمس ايامٍ جديدة وتنتهي ليالي البدر الرائعة ، ليمر الفتى الصغير الى مراحل اكبر تخبئ له الكثير الكثير من التغيرات والمفاجئات التي ستصدمه وتغيير سلوكه نحو اسرته ومجتمعه إيجاباً او سلباً..
مرارة الرهاق والبحث عن ذاته احدثا صراعاً كبيراً داخله حتى انه وصل بكثيرٍ من الاحيان الى طرق مسدودة ، وبين زحام الشوارع والمجتمع ، وصيحات المؤنبين هناك الابوان اللذان لم يرعيا حساسية هذه الرحلة لفلذة كبدهم وزينة مستقبلهم وشفاء علتهم .. اكترثوا كثيرا منه ، من هنا صفعة ومن هناك اخرى . 
تركوه لمخيلاته ولحظاته المتخبطة وكأنه اعمى يسير دون عصى يتكئ عليها او معيناً يدليه طريقاً ملئ شوكاً ومخاطر وخبايا لازال لايعرف توابعها المستقبلية ..
على قارعة الطريق هناك توقف في مرحلة من مراحله التي لم يجد حوله الا صحبة السوء والضياع ، والمجتمع الذي تنكره ، الاب والام ، الاخوة والاخوات . اسرته بكل تصنيفاتها ناكرةٌ اياه ، وكانه شخصٌ خفي لم يروه يوماً ولم يعرفوه ، اضافوا له في هذه الفترة نشاط جديد . قتلوا الحب داخله انسوه احلامه واهدافه أغرقوها بنزف السلوكيات التي زرعوها فيه بسبب عدم المراقبة والحرص والتعاون معه لكشف شخصيته ..
الكل يتعرض الى الفشل في كثير من محطات الحياة ولكن كم منا من بحث عن لمَ الفشل؟! وأينا قدم المساعدة للفاشل ؟! كي يتمكن من الانتقال عبر رحلة الهدف حيث يغوص في اعماق الشوق الى النجاح كيجده هناك داخل المحارة تحيطه اصنافاً وانواعاً مميزة من لألئ التقدم والاختلاف ..
الحقيقة لا يمكن للفرد تحمل فشله لوحده علينا جميعاً ان نتحمل فشله الذي سقط فيه وترسب كمبادئ داخله ليضيع شخص في نهاية المطاف ..
البداية كانت من قبل الاب والام والنهاية تقف وتنتهي عند المجتمع فالإحساس بالفرد القريب سواء كان ابن لي او مهما كانت المسميات هو بداية جديدة لنجاح امةٍ بمجتمعها بكل المراحل التي ستتنقل خلالها قادرة على مواجهة الصعاب وبالتأكيد لن يلجئ الابناء الى البحث عن غيرها* ، وبالتفكير المنطقي ان الامة بحاجة لأبنائها اكثر من سواها .. 

ـــــــــــــــــــــ
* إمةٍ أُخرى ترعى اخلاقيات تتنافى مع اخلاقيات الامة التي ينتمي لها الفرد .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=103207
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 09 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28