• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أسفارٌ في أسرارِ ألوجود ج4 – ح10 .
                          • الكاتب : عزيز الخزرجي .

أسفارٌ في أسرارِ ألوجود ج4 – ح10

 عُشّاق ألأسفار: ألحُسين بن منصور ألحَلّاج
 
 
سنعرض صّفحاتٍ مُشرقةٍ من حياة ألعارفين ألعاشقين .. ألّذين بيّنوا بدمّهم و دموعهم و فكرهم طريق آلوصال مع آلمعشوق للتّحرر من آلعُبوديات ألوثنيّة و بآلتالي نيل آلسّعادة ألأبديّة .. عبر تأديب آلنّفس و آلتي لا يتمّ إلّا بتخليصها من آلكبر, و هو مهمّة شاقة جدّاً؛ فَفَلْحِ آلجّبال بآلأبرار أيسر من إخراج آلكِبَرِ مِنْ آلقلوب! 
 
لم يَكُنْ ألحُسين بن منصور ألحَلّاج كما تصوّرَ آلباحثون مُجرّد صُوفياً(1) أو عارفاً أو عالماً ترك آلحياة آلعاديّة ألتي إعتاد آلنّاس عليها فقط, و إنّما كانَ و أمثالهُ أصحاب أسرارٍ كبيرةٍ و رسالةٍ عظيمةٍ لم يجدوا في زمانهم – و إلى آلآن - منْ يَفْهَمَهُم و يعي رسالتهم!
 
 بلْ و تعرّضُوا من قِبل ألحاكمينَ إلى آلمُلاحقةِ و آلسّجنِ و آلقتلِ و آلتّنكيل, حالَهم كحالِ كلّ ألأنبياء ألباصرين و أوصيائهم ألمُنتجبين ألّذين سبقوهم في هذا آلطريق, من هُنا تأتي أهمّية رسالتهم و دعواتهم ألصّادقة لنجاةِ ألأنسان من آلظّلم و آلأستغلال ألذي إنْتشرَ و تَشَعّبَ مع طول غياب صاحب ألأمر ألأمام ألمهديّ ألغائب(عج).
 
كما أخطأ وارثي ألدّيانات ألثلاثة ألكبرى(ألأسلام و آلمسيحيّة و آليهوديّة) بطرق و أساليب ألتّعامل مع مضامين ألرّسالات ألسّماوية(2) و حتىّ آلأرضيّة(3) ألّتي سبقتْ أو رافقتْ ظهور ألأسلام مُسبّبةً للبشريّة كوارث كبرى ما زالت تُعاني من إمتداداتها آليوم بكل تفصيل و على كلّ صعيد .. حتى صار آلدّين أفيون ألشعوب بنظر بعض ألمُصلحين للأسف.
 
 و حين ظهرت ألنظريات ألفلسفيّة إبان آلقرون ألوسطى, خصوصاً بعد آلنّهضة ألأوربيّة ألّتي قضتْ على آلظلم و آلتعسف ألكنسي, تصوّروا بأنّ آلدّين – حتى آلأسلام - أفيون ألشعوب و لا بُدّ من آلقضاء عليه بفصله عن آلحياة آلسياسيّة, و حَصَلَ ما حصل حتى قبروا آلدّين ألمسيحي ألمُحرّف في دولة بإسم ألفاتيكان لا تتجاوز مساحتها 40 كيلومتراً مُربّعاً في إيطاليا, ليقرؤا عليه ألفاتحة إلى آلأبد .. كرّدٍ على أحداث ألقرون  ألوسطى المؤلمة حقّاً, و إعتبروا كلّ من يدعيّ أو يُريد تطبيق آلأسلام مُغرضاً و دجّالاً!
 
و ألذي حدث في آلجانب ألآخر أيضاً و للأسف؛ هو إزدواجيّة ألتّعامل مع أبرز ألنّظريات ألفلسفيّة كنظريّة ماسلو و أمثالها و قبله شوبنهاور ألتي دعتْ للمعرفة – معرفة ألنّفس – و غيرها من آلقيم ألفلسفيّة ألأنسانية ألعليا, حتّى أهملوها بمرور ألزّمن على آلرغم من آلتقدم آلعلميّ و آلتكنولوجي, ليتصدّر قيادة ألعالم شيئاً فشيئاً أخطر أنواع ألبشر فهماً و عقيدةً ونظاماً تحت مظلّة آلمنظمة ألرأسماليّة ألأقتصادية ألعالميّة ألّتي تأسستْ بعد آلحرب ألكونيّة ألثانيّة و يتحكّم بقراراتها آليوم بحدود 300 شخص أكثرهم من آليهود ألذين يُسيطرون و يُسيّرون جميع حكومات ألأرض ألـ "194" عبر آلأحلاف و آلأتفاقيات و آلمُنظمات ألدّولية بإستثناء إيران ألأسلام ألتي إنتهجت خط أهل ألبيت(ع)!
 
و آلحقيقة أنّ آلمُسلمين لم يكونُوا أحسن حالاً من آلغرب .. حين وصلت ألفرقة و آلتّباعد بينهم بشكلٍ لا يُصدّقه آلعقل ألسّليم .. حين بَدَأ يقتل بعضهم بعضاً بسكاكين ألجّهل و آلتّعصب خصوصاً ألمُتشدّدين ألمتعصبين منهم, فأصبحنا مُشتّتين محكومين من قبل ألظالمين و آلكافرين و كما أخبرنا بذلك آلرّسول(ص) في حديث متواتر(4) قبل أكثر من 1400عام, لنكونَ في نهاية آلمطاف لا أصحاب دُنيا على وجه كما هو ظاهر ألغرب على آلأقل .. و لا أصحاب آخرة على ما يبدو بسبب آلمواقف آلبشعة و آلأفعال ألأجراميّة للتكفيريين ألسلفيين ألحاقدين على كلّ ما هو إنساني.
 
لا يختلف باحثان منْ أنّ آلتّعصب بكلّ أشكالهِ و أنواعهِ هو بسبب قلّة ألمعرفة, و قلّة آلمعرفة سبَبَه قلّة ألمطالعة, و بآلتالي ضمور آلوعي و آلتّعمق في أسرارِ و حقيقة ألوجود و آلأنسان!
 
من هنا رأينا بعد سلسلتنا ألعرفانية ألتي بيّنا و كشفنا فيها ألكثير من مفاتيح أسرار ألوجود؛ ضرورة نقل صفحات مشرقة من حياة و تجارب رجال و نساء ألأسفار ألّذين عَرفوا حقيقة ألأنسان و آلوجود بعد ما ختموا حياتهم بآلدّم و آلدّموع و آلوحدة و آلتّوحّد, لتكون وثائق عمليّة و حُجج بيّنة بجانب ألنّظريات ألمُشرقة ألّتي طرحناها لهداية ألبّشريّة, فآلتّجربة أعلى من آلعلم لأنهُ آلبرهان, و أصدق خبراً, و سنبدأ حلقتنا هذه بتجربة شهيد ألعرفان ألمظلوم ألحَلّاج تاركين تجارب ألأنبياء و آلأئمة(ع) لكونها معروفةً تقريباً لدى أهل ألحقّ و آلبصيرة.
 
مولده و نشأته:
 
ولد أبو مُغيث ألحسين بن منصور ألحَلّاج ألزّاهد ألمشهور سنة 244هـ - 858م, و قد لُقّبَ بألقابٍ عديدة في مراحل مختلفة من حياته(5).
 
ينقل "ألسّمعاني" في كتاب "ألأنساب" قوله: [كان مولدهُ في بيضاء فارس في دارِ ألمؤمنين بـ "شوشتر", ترعرعَ هناك, و كانَ تلميذاً لسهل بن عبد آلله في بداية حياته, ثم سافرَ إلى بغداد في سنّ ألثامنة عشر, و حضر مجالس ألصّوفيّة هناك, و كان مُصاحباً للشيخ جُنيد ألبغدادي و أبو الحسن ألنوري و غيرهم, لكنه عاد إلى مسقط رأسه "شوشتر" ثانيةً ثم رجع إلى بغداد مع جمع من مُريديه ليسافر من هناك إلى مكّة ثم ليعود إلى بغداد ثالثةً و في لقاء لهُ معَ جُنيد ألبغدادي .. سألهُ ألحلّاج مجموعة من الأسئلة, حتّى إتّهمه جُنيد بآلقول: أنت تدعيّ لنفسك!](أيّ لستَ صادقاً بدعواك للحقّ)(6).
 
فإستغاض من هذا آلحكم و رجَعَ إلى مدينة شوشتر مرّة أخرى, و قضى فيها سنة كاملة, حتّى ترك في  أوساط آلناس أثراً كبيراً, ثم غاب عن مسقط رأسه خمس سنوات قضاها في مشهد خراسان, ثم سافر إلى مدينة سيستان ثمّ مقاطعة فارس, و دعا لله مخلصاً حتى لُقّبَ بـ (عبد الله الزاهد), ثم ذهب إلى مدينة ألأهواز و طلب منها إبنه أحمد ألّذي بقى في شوشتر.
 
 كان آلحلّاج منذ شبابه ورعاً عالماً بآلقلوب بسبب قوّة ألأشراق و طهارة ألرّوح ألتي أشبعها بحبّ الله و عباده آلفقراء, و كان يعلم بخفايا آلناس و أسرارهم حتّى لُقّبَ بـ ( حلّاج ألأسرار), ثُمّ لُقّبَ بـ (آلحلّاج)(7).
 
  ترك آلأهواز حيث آلبصرة و قضى فيها أيّأماً و تركها مُتـوجّهاً إلى مكّة المُكرّمة مرّة أخرى يصطحبه جمعٌ كبير من آلناس, ثمّ إلتقى بـ (أبو يعقوب ألنهرجوري) ألذي أنكر عليه وضعهُ, ثم رَجَعَ إلى آلبصرة, و قضى فيه شهراً كاملاً ثم رجع إلى أهواز ثم إلى بغداد, ثم عاد إلى مكة مرّة أخرى, ثم سافر إلى آلهند و آلصين و تركستان, حتّى ذاع صيته في كلّ البلاد ألأسلامية, و فاحتْ رائحة ألحسد من بعض علماء زمانه أمثال محمد بن داوود, و أبو بكر ألشبليّ, فأوشوا أمره للخليفة آلمعتصم مُدّعين بأن الحلّاج يقول: "أنا  آلحقّ", و هي كناية أرادوا بها زوراً تحريف ألحقيقة لتثوير ألخليفة ألعباسي ضدّه.
 
و هكذا إلتقى حامد بن عباس وزير ألمُعتصم قاضي بغداد "أبو عمر محمد بن يُوسف", و شهد جمعٌ من علماء بغداد من وعاظ آلسلاطين ألعباسيين على كفرهِ بمجرّد إشارة من آلوزير "حامد" على إباحة دم ّ آلحسين بن منصور ألحلاج, و عرضوا آلأمر على آلخليفة ألعباسي فوافق و إرتضى لطلبهم, فأصدروا بعدها ألحكم النهائي بجلده ألفا سوطاً فإنْ ماتَ خلالها فبها و إلّا فآلشنق و آلذبح!
 
محنة ألحَلّاج:
 
تعجّبتُ كثيراً حتّى بكيتُ .. كيف إنّ آلعشاق لا يَحيدُون عن موقفهم و عشقهم لله و ثباتهم إلى أقصى حدٍّ على مبادئهم و حبّهم للحقّ و آلفضيلة .. رغمَ ما يُواجهونهُ من آلأذى و آلخذلان و آلقهر و آلموت بأبشع صوره!؟
 
أيّ سرٍّ هذا آلّذي يحويهم  فيجعلهم يَتَحدّون جبروت آلطغاة و آلمستغلين؟
 
كيف يتوفّق هؤلاء آلعظام من نيل تلك المراتب العرفانيّة؟
 
حتّى تأبى حقيقتهم ألعيش كما آلآخرين .. بآلذّل تحتَ ظلّ ألنفاق و آلتّزوير و آلدّجل و آلتظاهر بآلدّين بل رفض آلحكومات ألظالمة و آلسعي لتثوير آلناس ضدّها عبر ضخّ آلمعلومات و آلحقائق لتوعيتهم, سريرتهم كعلانيتهم, قلوبهم على أكفّهم, كلامهم يُوافق عملهم و هو آلصّواب, لا يستكبرون على أحدٍ, يتألمون لكلّ إنسانٍ مظلوم .. لا يقرّ لهم قرار و لا يرتاح لهم بال مع آلظّلم .. لا يتذوّقون طعم آلرّاحة في آلحياة و غيرهم يُعاني آلجّوع و آلألم و آلحيف, حياتهم بدون  آلعشق راكدةً لا معنى لها .. جهادهم من أجل ألحقّ و للحقّ وحدهُ .. مَثَلَهم  آلأعلى عليّ(ع) و أبنائهُ آلمظلومين ألشهداء!
 
حين حَكَمَ طُلاب آلدّنيا على آلحلّاج بآلموت و قدّموهُ للمشنقة بعد ما قضى فترةٍ في آلسّجن؛ جُلد ألفا جلدةٍ بأمر قاضي ألمعتصم ألعبّاسي ألظالم, و كان يبتسم رغم قساوة ألضّربات على جسده الهزيل و لم تُؤثر فيه سوط آلجّلاد ألقويّ قيد أنملةٍ؛ حتّى سألهُ شيخٌ كبير و هو بطريقه إلى منصّة الأعدام:
 
ما معنى آلعشق؟
 
قال: سترى آلجوابَ "أليوم" و "غداً" و "بعد غدٍ"؛(أليوم عنى به مقتلهُ, و غداً حرق جسمه, و بعد غدٍ رماداً تذروه آلرّياح)!
 
ما هي آلرّسالة ألّتي حاول إيصاله إلينا؟
 
هذا هو بيت ألقصيد في أكبر ملحمةٍ إنسانيّة بعد ملحمة آلأمام ألحسين(ع), تُحتّم علينا ألوقوف عندها و تحليلها!
 
طلب غُلامه الذي كان يتبعه و قد رافقهُ طويلاً و هو يحثّ آلخطى خلفهُ نحو منصّة الأعدام؛ أنْ يُوصيه كآخر وصيّة من مولاه آلذي تجسّد فيه ألتواضع و آلأخلاص و ألصّدق كلّه و آلمحبة كلّها للفقراء و آلمظلومين؟
 
أجابهُ: [إشغل نفسك بشيئ, وإلّا ستشغلك نفسك], (لاحظ مدى دقّة و عمق و تناسب ألعبارة مع مستوى غلامه)!
 
ثمّ سأله إبنهُ أيضاً: أوصني وصيّتك يا أبي آلحنون؟
 
أجاب: [بينما آلناس و كما ترى يا بُني مُنشغلين بآلأعمال ألمختلفة في هذه آلدّنيا آلحزينة, عليكَ أن تسعى في طلب علم ألحقيقة](8)!
 
بينما آلحلّاج في طريقه يحثّ آلخُطى مُثقلاً بقيوده وسط آلنّاس يُردّد بآلقول؛ [حقّ, حقّ, حقّ], حتّى إستقرّ به آلمقام تحتَ حبل ألمشنقة, فَمَدّ رأسهُ آلشريف و قَبّلَ آلحَبْل و قال: [معراج رجال ألعشق].
 
أثناء وضع ألحَبْل في عنقه أدار برأسهِ نحو آلقبلة و قال مُناجياً معشوقهٌ: [هو وحده يعرف لِمَ هؤلاء يضعون رأسي في حَبْل ألمشنقة](فآلناس في كلّ ألأزمان يجهلون حقائق ألوجود لقلة ألوعي, و صرف جلّ أوقاتهم للكسب ألماديّ كآلبهائم)!؟
 
سأله جمعٌ من مُريديه(طُلّابَهُ) من آلذين شاركوا آلجّموع في حفلِ ألأعدام؛ ما هو حُكْمنا نحنُ و آلناس ألّذين سكتنا أمامَ آلظُلم و لم نتّخذ موقفاً إيجابيّاً, بل و شاركنا آلجموع برمي آلحجارة عليك؟
 
أجاب: [هؤلاء آلنّاس لهم أجران(حَسَنَتان), و أنتم لكم أجرٌ واحد(حَسَنَة), و آلسّبب هو أنّ عموم ألنّاس يرموني بقوّة توحيدهم  و صلابة شريعتهم(أي إنطلاقاً من قوّة ألتّوحيد و تمسّكهم بآلشريعة ألتقليديّة) أمّا أنتُم فترموني مع آلحشر لحُسن ظنّكم (حيث تعتقدونَ أنّ ضربي أولى من آلتّرك) و آلتّوحيد في آلشّرع أصلٌ و حسن ألظّن فرعٌ!].
 
تَقَدّم إليه ألشبليّ(9) و قال للحلّاج: [أَ وَ لَمْ نُنْهِكَ عن ألعالمين؟], و أضاف مُستكبراً:
 
فما آلتّصوف يا حلّاج؟
 
أجاب: [أقلّ مقامٍ هو هذا آلّذي تراني فيه].
 
ثم سألهُ آلشبليّ: ما هو أعلى مقامٍ فيه؟
 
أجاب: [أنتَ لا سبيلَ لكَ إليهِ], (أيّ أنتَ لا تستطيع وصولهُ), لكونِ ألشّبليّ كانَ مُقرّباً من آلبلاط ألعبّاسيّ رغم إدّعائُهُ للتّصوف و آلعرفان, لذلك كانَ يعلم به آلحلّاج أنّهُ كان يعيش صراعاً بينَ آلحقّ و آلبّاطل مع شيئ من آلنفاق و كما سَنُبيّنُ ذلك في آخرِ موقفٍ لهُ من آلحلّاج حين حاول إبراء ساحته أمام ألسّلطان ألعباسيّ برمي آلحلّاج بآلحجارة مُعلناً ألبراءة منهُ!
 
كان كلّ حاضرٍ يرمي آلحلّاج بحجارةٍ, لأرضاء آلحاكمين و آلتّقرب إلى آلخليفة آلعباسي أو آلتخلص من بطشهم على آلأقل, و كان آلحلّاج صامداً كآلجبل ألأشمّ, يتلقّى آلضربات ألمُوجعة بوجهٍ باسمٍ مُنشرح, حتّى رماهُ آلشبليّ بحجارة من طين, فتنفّس آلحَلّاج ألصّعداء و تَنَهّدَ من آلألم أمامَ آلمَلأ!
 
سألهُ آلناس: ما هذا يا حلّاج, لقد رميناك بمئات آلأحجار ألصخريّة و لم تتألم .. و لم تَقُلْ شيئاً, بلْ و كنتَ تَبْتَسم!؟ لكنكَ تَنَهّدتَ و تألّمتَ من حجارة ألطّين ألّتي رماكَ بها آلشّبلي؟
 
قال آلحلّاج: [هؤلاء آلناس لا يفهمون و معذورين على ما فعلوا, لكنيّ تألمت من هذا آلّذي يَعْرفُني و يرميني].
 
فصمتَ آلنّاس ساعةً يتفكّرون ..
 
حتّى قطع آلجُّناة ذلك آلصّمت بقطع يَدَيّه, فإبْتَسم و قال: [ألحمدُ لله على قطعِ يَدايَ .. ألرَّجُلُ منكُم أيّها آلجّلادون؛ هو ذلك آلّذي يَقْدَر على سلب ما في رأسي و قلبي من صفات ألمحبوب و أسراره؟].
 
 كانت تلك آلعبارة تُمثّل قمّة ألتّحدي ألّذي تحدّى به ألحلّاج ألطّغاة مُبَيّناً؛ أنّ هذا آلبدن ألمُمزّق ألنّحيف لا شيئ أمامَ آلقلب ألّذي في جوفي لأنّه هو آلأصل في وجود آلأنسان!
 
ثمّ قطعوا رجليه, و آلأبتسامة لا تُفارق شفتاه و قال:
 
[بِرِجلايَ هاتان سافرتُ و قطعتُ بهما آلمسافات و طويتُ آلصحاري و آلفلوات على هذه آلأرض ألتي أنتم عليها, و إعلموا أنّ لي قدماً آخر سأسافر به لِلعالَمَيْن], و أنشدَ يقول:
 
إقتـلـوني يا ثقــــاتي .. إنّ في قتـلي حيـاتي
و مماتي في حياتـي .. و حيـاتي في مماتي
إنّ عندي محو ذاتي .. من أجل ألمكرمات
و بقائي في صفاتي .. من قبيح ألسّــــيئات
فأقتلوني و إحرقوني .. بعظامي آلفانيــات
ثمّ مُرّوا برفــاتي .. في آلقبور ألدارســات
تجدوا سرّ حبيبي .. في طوايا آلباقيــــات
 
ثمّ مَسَحَ بِيَداهُ ألمقطوعتانِ و هُما ينضحان دماً على و جههِ و جبينهِ, حتى إحْمَرّتْ وجْنَتاهُ و صورتهُ من آلدّم!
 
فقال لهُ آلنّاس؛ لِمَ فَعَلتَ هذا يا حلّاج؟
 
أجاب: [ألصّلاة آلتي يُصَلّيها آلعاشقون لا بُدّ أنْ يكون وضوءهُ بآلدّم].
 
ثمّ قلعُوا عينيه, فتعالتْ صيحات ألنّاس و عمّ آلضجيج و آلغوغاء بينهم, ألبعض كان يبكي,و  بعضهم إستمرّ برمي آلحُصى و آلحجارة عليه, و حين قرّر ألجلّادون قطع لسانه قال: [إمهلوني لأقول شيئا]: ثمّ وجّهَ وجههُ نحو  آلسّماء و قال: 
 
[إلهي لا تُحرمهم – أيّ ألمُتعاطفين - ثواب ما يتحملونهُ من أجلي, و لا تُحرمهم – أيّ ألجلادون - نصيبهم من دولتهم هذه, ألحمد لله ألّذي في سبيله قُطعتْ يَدايَ و رِجْلايَ, و لو إنّهم فصلوا رأسي عن جسدي فأنّهُ لا يكون إلّا لكوني سعيتُ لرؤية جمالِ وجهكَ  آلكريم يا ربّ].
 
ثمّ قَطَعَ آلجّلّادون أذُنيهِ و أنفهِ, و كانَ آخر كلماتٍ قالها, هو:
 
[حبّ آلواحد إفرارُ آلواحد  له], ثمّ قرأ آلآية: [يستعْجلُ بها آلذين لا يُؤمنون بها و آلّذين آمنوا مُشفقونَ منها و يعلمونَ أنّها آلحقّ ألا إنّ آلّذين يُمارون في آلسّاعة لفي ظلال بعيد](10).
 
يقول أبو إسحاق ألرّازي؛ عندما كانوا يُريدون شنقهُ كنتُ واقفاً على مقربة منهُ و سمعتهُ يقول: [إلهي أصبحتُ في دار ألرّغائب أنظر إلى آلعجائب, إلهي إنّك تَتَوَدّدُ إلى من يُؤذيك .. فكيف من يُؤذى فيك؟].
 
ينقل أحد مشايخ الطريقة قوله: [في آلليلة التي سبقتْ شنق الحلّاج كنتُ نائماً تحت آلشجرة ألتي عُلّق عليه, حيث سمعتُ مُنادياً من آلغيب يقول: (أطْلعناهُ على سرّ من أسرارنا فأفشى سرّنا, فهذا جزاءُ منْ يُفشي سرّنا)]. و لهذا علّق حافظ ألشّيرازي على هذه آلحقيقة بآلقول:
 
حين عُلّقَ ذلك آلعاشق في آلمشنقة .. كان ذنبه أنّه أفشى أسرارنا(11).
 
هكذا يشتري ألعاشق ألصّادق بروحه و قلبه وصال آلمعشوق حيث لا يكون همّه سوى آلوصال, فآلعارف حين يغرق في بحر جمالِ ألمعشوق لا تُؤثر في وجوده كلّ أنواع ألتعذيب و آلقهر و آلقتل, و لا تستهويه كل ملذّات و شهوات ألدّنيا, إنّه كآلفرّاشة ألتي إشترتْ محبّة ألمعشوق بآلرّوح حتّى إشتعلتْ آلحرائق في وجودها.
 
مشكلة الحلّاج ألذي كان يُدافع عن ألمظلومين و آلفقراء ..  و ذنبهُ آلعظيم مع آلنّظام ألعبّاسي ألظالم كانتْ بسبب دعوته لأهلِ آلبيت(ع) و للأمام محمد ألمهدي(عج)؛ حيث كان يقول للنّاس: [قريباً سيظهر من طالقان ألدّيلم], و هي إشارة إلى ظهور الأمام آلغائب(عج) لخلاص ألناس, لذلك ألقي آلقبض عليه و أقتيدَ إلى بغداد ليلقي ذلك آلمصير ألمأساوي بتهمة ألزندقة و آلكفر لتكون ذريعةً للتخلص منه, بينما كان هو سيد آلموحّدين في زمانه! فأين بني آلعباس ألمُجرمين و أين هذا آلقائد ألمفكر ألعظيم ألذي رفض تكبّرهم و تسلّطهم و ظلمهم و جاهد ضدّهم في سبيل حقّ آلفقراء و أهل بيت آلله ألطاهرين(ع)!؟
 
و هكذا أثبتتْ ألتّواريخ بأنّ ذنبه كان بسبب إنتمائه لخط ألرّسالة الأسلامية ألأصيلة التي مثّلها مذهب التشيع(مذهب أهل آلبيت عليهم السلام) ألذي قدّم آلمؤمنون و لا يزال على نهجهم ملايين آلضحايا و آلشهداء على مذبح آلحرية و آلأنعتاق من جور الحاكمين من آلأمويين و العباسيين و العثمانيين و الصداميين ألذين إستغلوا الأنسان من أجل شهواتهم و تسلطهم.
 
حقيقة ألحلّاج:
 
لم يكن ألحلّاج مُجرّد رجلاً صوفيّاً كما تصوّر ألمؤرخون ..
 
و لم يكن ككل آلعرفاء و آلصّوفيين آلّذين عاصروه في زمانه كآلشبلي و جنيد ألبغدادي أو ما بعدهم من آلذين رفعوا راية آلتّصوف و آلعرفان ألنظريّ ..
 
و لم يكنْ موحّداً لله عبر آلكلام و آلكتابة و آلنّظريات و آلمُؤلفات فقط ..
 
كما لم يكن كباقي الذين رفعوا راية التصوف بينما كانوا في ألوقت نفسه يتودّدون للظالمين من بني آلعباس  و غيرهم من آلطغاة ..
 
 و لم يركّز ألحلاج على جوانب آلرّياضات ألرّوحيّة و آلسلوكية ألمُجرّدة, لجمع بعض ألمُريدين حول نفسه أو لنيل بعض ألأهداف ألمحدودة من آلأوساط و ألمدن ألتي كان يقطنها أو يزورها .. كما فعل غيره .. 
 
لم يكن آلحلّاج هكذا ..
 
بل كان إنساناً عالماً صوفياً عارفاً مجاهداً و شهيداً في كلّ آلأبعاد و آلأتجاهات!
 
كما أثبتَ للجّميع بأنّه ليسَ مِنْ طُلّاب آلدّنيا, حينَ كانَ يَمُدّ يَدهُ في آلهواء فيُعيدَها مَمْلوءَةً دَرَاهمَ يُوزّعها على آلنّاس, مُعلناً؛ "أنّها دراهم ألقُدرة".
 
 ففي مسيرته ألدّرامية ألهائلة جمع آلجّوانب ألسّياسيّة و آلأجتماعيّة و آلأخلاقيّة و آلعقائديّة في مواقفه و دعوته ألخالصة لله تعالى, و لم يفصل ألعرفان و ألتّصوف عن ما يجري حوله من آلمآسي على آلصّعيد ألأقتصادي أو آلسّياسي أو آلعقائدي بسبب تسلّط ألحكومة ألعباسيّة ألظالمة, و لهذا كان مُوالياً للمظلومين و لقادة آلبشريّة من أهل ألبيت(ع) ألّذين خصّهم الله تعالى بتلك آلمهمة دون غيرهم, و ما إستكان في دعوته للأمام  محمد ألمهدي(عج) كإمام للزّمان من دون كلّ آلحاكمين.
 
لقد توسّعت شعبيّة ألحَلّاج وسط آلنّاس لصدقهِ و أمانتهِ و عشقهِ لله و للمُستضعفين من آلنّاس, و لم تكن شعبيتهُ ناتجة عن كونه مُجرّد صُوفياً صالحاً .. أو ساحراً و مُشعوذاً حسب رأي فريق مُخالف له و لخط أهل ألبيت(ع), بلْ كانتْ حركته تنطوي على أسرار كُبرى ترتبط بآلله تعالى ألّذي رفعه لهذه ألمكانة ألعظيمة, و لم يستطع جُنيد ألبغدادي ألّذي إتّهم آلحلّاج برجل ألمطامع حسداً(12) .. أو أبو بكر ألشبلي طمعاً بمال و جاه  ألسّلطان ألعباسي .. أوغيرهم - من آلـتأثير عليه لمحو مقامه و مكانته بين آلنّاس, و كانت شهادته في آلنهاية شهادة كونية على بُطلان آل عبّاس و صدق دعوته و خلودها! 
 
 و ممّا يجعل مسيرة هذا آلشهيد ألعارف لامعاً و خالداً في آلقلوب هو تتويج مواقفه و أقواله و تعامله ألأنساني و تصوّفه و تضحياته .. بآلقتل على مذبح آلشهادة, بعد ما مثّلوا به أيما تمثيل بشع من خلال قطع يديه و رجليه و أنفه و أذناه  من قبل ألمُدّعين لخلافة آلرّسول(ص) و أمام أعين الناس على الرغم من تصريح آلرسول(ص) ألواضح بحرمة المثلة و لو بآلكلب ألعقور!
 
 لقد جسّد آلحلّاج أوسع معاني ألعرفان و آلتّوحيد و آلأنسانيّة, حين بيّن في ديوانه ألرّائع كما في بقيّة كتبه ألقيّمة طريق و معاني آلسّعادة و آلمعرفة و آلحريّة في هذا آلوجود!
 
خلاصة مبادئ ألحلّاج:
 
1 – ألتوحيد هو أصل ألأصول في آلفكر لتحقيق ألسعادة, و نجاح آلأسفار ألعظمى في حياة ألأنسان لا يتحقّق  إلّا من خلال رفض طاعة ألظّالمين و آلمُتكبرين, و هذا مُرتهن بعدم آلخضوع لمطالب آلجسد ألمادي و هوى آلنفس, و قد وضّحَ آلحَلّاج ألمعنى آلكلاميّ و آلصوفيّ و ما يتصل بذلك من مسائل ألمعرفة بآلله بإسلوب فلسفي سهل و مستصعب في نفس ألوقت.
 
2 – ألرّوح ألألهيّة في آلأنسان حين تستأنس مع آلحيوانية(ألبهيمية) و تتوافق مع أهوائها فإنّها سَتَتَحَدّدْ و تتقوّضْ ضمنَ آلأبعاد ألماديّة ألحيوانية.
 
3 – ألعقل ألأنساني مهما كان و بأيّ صورةٍ من آلصّور؛ فإنّهُ لا يستطيع أن يُجسّم ألله تعالى, و لا يهتدي لطريق ألحقّ؛ سوى طريق المعرفة ألألهية, كما ورد في نهج أهل البيت(ع).
 
4 – يستحيل على آلأنسان أن يُجَسّم أوْ يُبيّن من خلال ألفكر حقيقية الله سبحانه و تعالى, كما يستحيل على العقل مقايستهُ و تشبيههُ مع آلأشياء لأختلاف ألسّنخيّة .
 
5 – ألتّوحد مع آلله تعالى – أيّ ألفناء – لا يكون إلّا من خلال ألتّسليم ألكامل و آلرّضا بآلعذاب و آلألم و آلحيف ألذي يقع على جسد آلأنسان, لتتألق آلرّوح و  تسمو حتّى تُذاب و ترجع إلى آلأصل ثانيةً.
 
6 – يُمكن أن تَحِلّ ألأعمال ألأحْترازيّة من آلذنوب(ألتقوى) .. محلّ آلعبادات ألتّقليديّة, و لعلّ هذه ألأشارة فيها  آلكثير من آلعمق و آلدّلالات لمن يريد ألتعمق ثم آلبدء بآلأسفار ألخالدة, لأنّ هدف ألعبادّة ألتقليدية إنْ لمْ يتجسّد مضمونها في سلوك ألأنسان و عملهُ و مواقفهُ فلا قيمة لها.
 
7 – إفتداء ألرّوح للمعشوق لا يُحَقّقه إلّا آلجسد ألمُضحي, و كان جسد ألحلّاج قربانهُ آلدائم ألمرمي في حضرة ألأمتحان ألألهي ألداميّ(13), و لهذا كان يُوازن بين آللذائذ و بين آلعناء, بل كان يبدو و كأنّه إقتطف من ثمار ألحياة ألدّنيا ما شغلهُ عن شوقه إلى معشوقه, فآللذائذ تحثُّ على التلبُّث, و آلشّوق و آلتضحيّة يحثّ على آلأسراع و ما منْ حلٍ وسط بين آلأثنين, و لهذا تلذّذ بآلعذاب قاطعاً دابر آلركون إلى آللذائذ, لذلك هتفَ قائلاً:
 
أُريـدُكَ لا أُريــدُكَ للثّوابِ .. و لـكـنّي أُريـدكَ للـعقـــــابِ
و كلّ مآربي قد نُلتُ منها .. سوى ملذوذَ وجْدي بآلعذابِ
 
مؤلفاتهُ:
 
و للحلّاج مجموعةً من آلكتب أشهرها:
1- طواسين ألأزل.
2- كتاب تفسير قُلْ هُو آللهُ أحدّ.
3- كتاب خلق آلأنسان و آلبيان.
4- كتاب ألأصول و آلفروع.
5- كتاب سرّ ألعالم و آلمبعوث.
6- كتاب ألعدّ و آلتّوحيد.
7- كتاب ألسّياسة و آلخُلفاء و آلأمراء.
8- كتاب علم ألبّقاء و آلفناء.
9- كتاب مدح ألنّبي و آلمثلُ آلأعلى.
10- كتاب ألصّدق و آلأخلاص.
11- كتاب ألوجود ألأوّل.
12- كتاب ألوجود ألثّاني.
13- كتاب ألكيفيّةُ و آلحقيقةُ.
و قد ذكر طه عبد ألباقي سرور في كتابه: "ألحلاج شهيد ألتصوف ألأسلامي" إثنين و أربعين كتاباً لهُ, نقلاً عن ألفهرستْ لأبن النديم(14).
 
من أهمّ أقوالهِ:
 
"من لاحظ آلأعمالَ حُجِبَ عن ألمعمول لهُ, و منْ لاحظ آلمعمولُ لهُ حُجِبَ عن رؤية ألأعمال".
       
و يذكر ماسينيون في كتابه: "ألحلّاج شهيد ألعشق ألألهي: قول الحلّاج:
 
"و آلله ما فرّقتُ بين نعمةٍ و بلوى ساعةً قطّ"(15), و كأنّه كانَ مختاراً لتعذيب جسده كمفتاح لحريّة ألرّوح, فكان يُحاسب روحه بروحه قائلاً:
 
يا ويح روحي من روحي فوا أسفي .. عليّ منيّ فأنّي أصـلُ بـلـوائي
كــأنـنـي غــرقٌ تـبــــدو أنــامــلـــهُ .. تَغَوّثاً و هو في بحرٍ من آلماء
و ليس يعلمُ ما لاقيتُ من أحــــــــدٍ .. إلّا آلذي حلَّ منّي في سويدائي
 
و أخيراً إتّسمَ عرفانه و صدقه و ثباته في عقيدته عمليّاً عبر إستمرار ألعطاء و آلتضحيات و آلصّبر و آلرّضا ليُبرهن بذلك على آلحرّية ألحقيقة حين إدّعى آلحَقّ بِقولهِ: "أنا آلحقّ"!
 
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معنى آلصوفيّة؛ هو من صفاء ألذّكر و جمع آلهمّة و آلمحبّة و آلعشق و آلقرب و آلأنس, و ليس معناه؛ من لبس آلصّوف كما إشتهر بين آلناس, فآلأقمشة ألصوفيّة أغلى أنواع الأقمشة قياساً إلى آلنايلون أو ألقطن, و من أهم المدارس ألصّوفيّة ألتي نشأت في بغداد هي: ألسقطية, ألجُنيدية, ألخرّازية, ألنّورية, ألمُحاسبيّة, ألحلّاجية.
(2) يبدو لي كما للكثيرين بأنّ روح  ألدّين ألأسلامي و آلتّعاليم ألسّماوية ألتي جاءتْ في آلكتب ألمقدسة قد تغيّرت أصولها, حتّى إعتقد  آلمُؤمنون ألصّادقون بأنّ ديناً جديداً يُدين به آلناس أليوم للأسف.
(3) كآلزرادشتية و البوذية و آلكنفوسشتية.
(4) قال رسول  الله(ص): [كيف بكم إذا تكاثرتْ عليكم الأمم كما تتكاثر آلأكلة على قصعتها, قيل: أ مِنْ ضعفٍ يا رسول الله؟ قال: لا, و لكنكم غثاءٌ كغثاء ألسّيل].
(5) شرف, محمد جلال (1986م). دائرة آلمعارف ألأسلاميّة – ألمجلد ألثاني.
(6) ألخطيب ألبغدادي, تأريخ بغداد, ج8.
(7) ألحلّاج, حسين بن منصور 1990م. ديوان ألحلّاج, منشورات و مطبعة سنائي, من  المقدمة, ص20 و 21, ط10.
(8) ألحقيقة في نظر ألحلّاج, هي: حقيقة الأنسان ثم حقيقة أهل ألبيت(ع) ثمّ آلله تعالى, لأنّ تلك آلمعرفة هي آلمعرفة ألوحيدة ألتي تُحقّق في وجود ألأنسان كلّ آلخير و آلسّعادة!
(9) أبو بكر ألشبليّ؛ هو أبو بكر دُلَف بن جَحْدَرْ, و قيل جعفر, كما يُقال: إسمهُ: جعفر بن يونس بحسب ما ورد في طبقات ألصّوفية لأبو عبد آلرّحمن ألسّلمي. و في وفيّات ألأعيان لأبن خلكان؛ ولد آلشبلي سنة 247هـ, و هو خراساني ألأصل, بغدادي ألمولد و آلمنشأ, و قيل إنّ مولده في سامراء, نصبهُ  آلخليفة ألعباسي ألمعتصم والياً له في دماوند و هي إحدى ولايات آلرّي, صحب آلجُنيد ألبغدادي شيخ ألطريقة ألصوفية و غيرهُ, و سنتحدث عن أصدقهم في آلحلقات ألقادمة إنْ شاءَ الله.
(10) سورة ألشورى / 18.
(11) ألنصّ ألفارسي:[ كَفتْ آنْ يار كز أو كشت سردار بلند .. جرمش إين بود كه أسرار هويدا ميكرد].
(12) يروي إبن خلكان في "وفيّات ألأعيان و أنباء أبناء ألزّمان"؛ [عرف بآلحلّاج لأنه جلس على حانوت حلّاج و إستقضاهُ شغلاً فقال آلحلّاج: (أنا مُشتغلٌ بآلحلج), فقال لهُ: (إمض في شغلي حتّى أحلج عنك), فمضى آلحلّاج و تركه, فلما عاد رأى قُطنهُ جميعاً محلوجاً].
و في رواية أخرى؛ أنّه سُميّ بآلحلّاج لأنّه كان[يتكلّم قبل أن ينسب إليه على آلأسرار و يخبر عنها, و سميّ بذلك حلّاج ألأسرار], و يُذكر ذلك إبنهُ قائلاً: [و كان يتكلّم على أسرار ألنّاس و ما في قلوبهم, و يخبر عنها, فسميّ بذلك حلّاج ألأسرار, فصار آلحلّاج لقبهُ], و في مراحل مُختلفة من حياته كان يُلقّب بألقابٍ عديدةٍ, فكانَ ناسٌ يُخاطبونهُ من آلهند بـ "ألمُغيث", و من بلاد ألصين و تركستان بـ "ألمُقيت", و من خراسان بـ "ألمُمَيّز", و من فارس بـ "أبو عبد آلله ألزاهد", و من خوزستان بـ "ألشيخ حلّاج ألأسرار", و في بغداد بـ "ألمُصطَلَم", و في آلبصرة بـ "ألمُحيّر".
(13) يذكر ألمؤرخون بأنّهُ عرّض نفسه لوقع آلرياضة و آلمجاهدة في نطاق تأدية ألفروض ألدّينية, حيث يذكر إبن الأثير في تأريخه صوراً من حالاته أثناء ذهابه إلى مكّة فأقام بها سنة في آلحجر لا يستظل تحت سقفٍ شتاءاً و لا صيفاً, و كانَ يصومُ آلدّهر فإذا جاء آلعشاءُ أحْضرَ لهُ آلخادم كوز ماءٍ و قرصاً فيشربهُ, و يعضّ من آلقرص ثلاث عضّاتٍ من جوانبهِ و يتركَ ألباقي و لا يأكلُ شيئاً إلى آخرِ ألنّهار, و كانَ شيخ ألصّوفيّة بمكّة عبد آلله ألمغربي يأخذُ أصحابهُ إلى زيارة ألحلّاج فلم يجدْهُ في آلحجر, و قيل قد صعد إلى جبل إبن أبي قُبيس, فصعد إليه فرآهُ على صخرةٍ حافياً مكشوف آلرأس و آلعرقُ يجري منهُ إلى آلأرض, فأخذ أصحابهُ و عاد و لم يُكلّمهُ, و قال: هذا يتصبّر و يتقوّى على قضاء الله تعالى, و سوف يبتليه الله بما يعجز عليه صبره و قدرته(إبن آلأثير: ألكامل في آلتأريخ, ج8).
(14) جاسم, عزيز السيد (1997م). مُتَصوّفة بغداد – ألمركز ألثقافي ألعربي, ص197 ط2.
(15) ماسينيون, ألحلّاج شهيد ألعشق ألألهي – منشورات صوفيّة, ترجمة طه عبد آلباقي سُرور.
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=10359
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 10 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18