• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : بين التشيّع الجعفري والتشيّع الحيدري .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

بين التشيّع الجعفري والتشيّع الحيدري

 لم نستغرب من فيالق المشكّكين بعقيدة أهل البيت (ع) أنهم لم يدعوا أصلاً ولا فرعاً إلا ضربوه بمعاول جهالاتهم !

ولكننا استغربنا هذه المرّة أن تجرّأ أحدُهم على أمرٍ واضحٍ في معناه ، بيّنٍ في مغزاه ، قرآنيّ التشريع ، تواتريّ الحُجّة ! ألا وهو :
لزوم التسليم للمعصوم وعدم جواز الجدال معه والرد عليه ومحاسبته ، فإن الجدال والرد والمحاسبة تنافي التسليمَ الواجب .

معنى التسليم للمعصوم
إن معنى التسليم واضح بيّن ، وهو الأخذ  بقول المعصوم أو فعله أو تقريره باعتباره #حجة_إلهية_تامّة ، من دون ردٍ ومماطلة  ، وينافي هذا المعنى قطعاً الشك والجدال والاستفهام الإنكاري و المحاسبة .

قرآنية التسليم
إن التسليمَ للمعصوم وعدم جواز الرد عليه ومجادلته من القضايا الثابتة قرآنياً حيث قال تعالى في كتابه العزيز : (فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما ) النساء ٦٨ . 
فإن الآية المباركة قاضية بأن من يجدُ في نفسه حرجاً من حكم المعصوم ليس بمؤمن ، فكيف بمن يجادل ويحاسب ويشك ؟؟؟!!!!! حيث ذكرت :( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ) .

التسليم في نصوص أهل البيت (ع)
لا يمكننا في هذا المقال المقتضب أن نذكر ما جاء عنهم (ع) في لزوم التسليم للمعصوم ، إذ أن النصوص في ذلك كثيرة جداً بلغت حداً أكثر من أن يُحصى !!!
ولا ينقضي عجبي من أعمى البصيرة الذي لم يرَ تلك النصوص وما فيها من معاني يخالف كلٌ منها كلَّ ما أتى به من معاني !!!!
إلا أنّي سأقتصر على نصٍ ورد في أصول الكافي ج١ ص ٣٩٠ ط دار الكتب الإسلامية ، بسنده إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال : كُلِّف الناس ثلاثة : معرفة الأئمة ، والتسليم لهم فيما ورد إليهم ، والردّ إليهم فيما اختلفوا فيه .
ونصٍ آخر ورد في كتاب المحاسن لأبي جعفر البرقي ج١ ص ٤٢٢ الحديث ٩٦٧ بسنده إلى أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله - يقصد الصادق ع - عليه السلام عن قول الله عز وجلّ ( إن الله وملئكتَه يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) قال : الصلاة عليه ، والتسليم له في كل شيء جاء به .

 هل التساؤل ينافي التسليم الواجب ؟
قد يُقال : إن مجرد التساؤل والمحاسبة لا ينافيان التسليم !!!
فإن الجواب : إن منافاتهما للتسليم واضحةٌ بيّنة .. ومع ذلك سنورد لكم ما ورد في الكافي بسنده عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ع في نفس الباب للرواية السابقة عن الكتاب نفسه : قال أبو عبد الله (ع) : لو أنّ قوماً عبدوا الله وحدَه لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه اللهُ أو صنعه رسولُ الله (ص) : ألا صنع خلاف الذي صنع ، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك #مشركين ، ثم تلا هذه الآية《 فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما 》ثم قال أبو عبد الله (ع) : عليكم بالتسليم .

فلو قيل :
بأن المعصوم (ع) نفسه يقول في الخطبة ٢١٦ من نهج البلاغة خطبها بصفين : 
( أمّا بعد فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم ولكم عليّ من الحق مثل الذي لي عليكم ) فهو يقر على نفسه بأن للرعية حقاً عليه .

الجواب :
أولا :
إن الامام علي (ع) كان يتحدّث في هذه الخطبة مع معسكر صفّين ، و معسكر صفين كان خليطاً من أناسٍ يعرفون الإمام (ع) بالعصمة كعمار بن ياسر ، ومن أناسٍ يجهلونه وآخرين لا يرون له وجوب التسليم والطاعة كالأشعث بن قيس وغيره ، بدليل أنهم خالفوه وأجبروه على الرضوخ للتحكيم - والتحكيم هو اجتهاد في قبال رأي المعصوم ومخالف للتسليم الواجب - ثم من بعد ذلك خرجوا عليه وكفّروه وقاتلوه !!!
فكان (ع) في مثل هذه البيئة لا يمكنه أن  يتحدّث بما له من حقوق كإمام معصوم ! مفترض الطاعة والتسليم على العباد ، لما ذكرنا من أن في المعسكر من لا يستهان بهم كماً ونوعاً وهم لا يرون فيه الإمام المعصوم بل يرونه كمن سبقه من الخلفاء !!
فلا بدّ أن يخاطبهم بما هو والٍ عليهم كباقي الولاة ، أما لو تحدّث في جمعٍ من الشيعة الذين يعرفونه بالعصمة ووجوب الطاعة لكان كلامه ككلام حفيده الإمام الصادق (ع) الذي ذكرناه قبل قليل .

ثانيا :
لو لم يُعجبك ما ذكرناه أولاً فنقول :
نعم إن لكلا الطرفين حقاً فرضة الله تعالى ، فحق الإمام على الأمّة الطاعة والتسليم له ، وحق الرعيّة على الإمام أن يقسم بالسوية ويقيم العدل فيهم .
وليس من حق الرعية #المؤمنة الاعتراض والجدال والرد والمحاسبة وغير ذلك لأن هذه الأمور تتنافى مع التسليم أولاً ، ومع عقيدة العصمة ثانياً .
فقد قال أبو حمزة الثمالي سألت أبا جعفر (ع) ماحق الإمام على الناس ؟ قال : حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قلت فما حقهم عليهم ؟ قال : يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية ... الكافي ج١ ص٤٠٥

فكرة حق المحاسبة من أين؟

واضح جداً إن فكرة حق الرعية بمحاسبة المعصوم (ع) هي نتيجة التأثّر بمبادئ وأطروحات الليبرالية التي ليس فيها شيء خارج عن مساحة النقد والمحاسبة ، حيث لا وجود لشيءٍ اسمه معصوم ،  فالكل يخطئ ويصيب ولو كان علي بن ابي طالب !!! 
وحينها فبإمكان المحكوم أن يحاسب الحاكم و #يستجوبه وفق مبدأ احتمالية الخطأ والصواب والخيانة .

ماهي نتيجة عدم التسليم والقول بحق المحاسبة ؟
النتيجة واضحة !!!
وهي المصير بما صار عليه الخوارج !
١ . الخروج عن النهج القويم ، إذ لعل الجواب على محاسبتهم لا يروق لهم فيخرجون !!
٢ - قد يتطور الأمر فيعتقدون بكفر المعصوم - أعاذنا الله تعالى - كما حدث مع الخوارج بعد صفّين !!
٣ . قد تتطور الأمور أكثر فيقاتلون إمام زمانهم باعتقاد أنه كافر ويجب تخليص الأمة منه ، كما كان ذلك مع الخوارج أيضا  .
كل ذلك وأكثر بسسب 👇
حق المحاسبة للمعصوم (ع)
لأن المحاسِب والمحاسَب لا يُضمن اتفاقُهم في الرأي ، فاحتمالية الخلاف والاختلاف واردة جداً !!!

و النتيجة :
إن مقولة ( من حق الأمة أن تحاسب حتى المعصوم لا يقول بها أصاغرُ الطلبة ! لوضوح مخالفتها لوجوب التسليم ولما ورد متواتراً عن أهل البيت(ع) .

و في النهاية 
أرجو أن يُقرأ مقالي هذا بكل تجرّد بعيداً عن التشنّج والخطابات ... لأني نقدتُ فيه من أجاز نقد المعصوم وهو بالنقد أولى ..


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : منير حجازي ، في 2017/09/18 .

هذا الذي يقول بجواز نقد المعصوم ، هل يتقبل النقد من الآخرين . ولا أدري لماذا ثارت ثائرته عندما اعترض عليه طالب علم واخذ بالصياح والتهريج فاسكت الطالب عن نقده . فإذا لم يقبل السيد كمال الحيدري النقد من طالب في حوزته ، فكيف يُجيز للعامة ان ينتقدوا المعصوم ؟؟



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=104276
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 09 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6