• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نظرية سروش بين القبض والبسط .
                          • الكاتب : احمد العلوي .

نظرية سروش بين القبض والبسط

 نظرية سروش بين القبض والبسط  لكي نطلع على ماطرحه السيد كمال الحيدري في المقطع الاخير من تسجيل الفديو له ولكي نقارن وجه الشبه بين أفكاره ونسبة  تقاربها من أفكار عبد الكريم سروش كان علينا لزاماً ان نطرح نظرية عبد الكريم سروش في القبض والبسط المستوحات من  عمق  افكار فلاسفة الغرب والتي لاتمت بأي صلة  لفكر الدين الاسلامي الحنيف ولا لفكر الفلاسفة المسلمين  وكيف سعى عبدالكريم سروش في نظريته  القبض والبسط لتقديم "مشروع نظرية تفسيرية (هرمنيوطيقية) معرفية
(ابستمولوجية) تستلهمذ المنهج (الكانطي) في التميز معرفياً بين الشيء لذاته والشيء لذاتنا، فتميز بين الدين والفكر الديني أو المعرفة الدينية التي هي قراءة للدين لتتسائل حول طبيعة العلاقة بين هذه المعرفة والمعارف البشرية الأخرى.

كما تفترض أن الدين تابت بينما المعرفة الدينية ظاهرة بشرية متغيرة ونسبية كشأن المعارف الأخرى. 

 ويؤكد سروش على أنه يؤمن بنسبية المعرفة لا نسبية الحقيقة، فالمعرفة الدينية  تتسم بالتحول والنسبية لأنها مرتبطة  بألوان المعرفة الإنسانية الأخرى ومتأثرة بها. ولا يخفي سروش استفادته من نظريات فلسفية و(ابستمولوجية )كما عند (جاستون بشلار) ونظرته إلى تاريخ العلم  بوصفه تاريخاً للأخطاء ، وغروفيتش  ونظريته حول الأطر الاجتماعية للمعرفة،  ومفهوم الباراديغم عند (توماس كوين )  
 ويكفي أن نلاحظ أن التهمة الرئيسة التي  يواجهها سروش والاتجاه الذي يمثله هي  الدعوة إلى الأخذ بالمناهج العلمية  الحديثة في تكوين المعرفة الدينية.  


 ينطلق سروش من مبدأ بشرية المعرفة  الدينية فهي "بناء إنساني يتطور  بالضرورة وباستمرار بحسب الفهم المتغير  للعالم، فبينما لا يتغير الدين في حد  ذاته يتغير الفهم الإنساني له والمعرفة  المرتبطة به. فالمعرفة الدينية ليست إلهية من منطلق الموضوع الديني الذي تعالجه ولا يسوغ أن نخلطها والدين في حد ذاته". 
 
 لأجل ذلك يسعى سروش إلى "كشف أوليات  الفهم الديني وكيفيته، وتوضيح أوصاف المعرفة الدينية بالنسبة إلى سائر المعارف البشرية وتحديد العلاقات  القائمة بين المعرفة الدينية والمعارف البشرية، وأخيراً توضيح سر تحول المعرفة الدينية وثباتها تاريخياً". 

 
 وهو في ذلك يهدف إلى:

أولاً: محاولة وضع معنى النص الديني في أفق الفهم التاريخي  المتحول.

ثانياً: أنسنة الدين، بمعنى جعل الدين من أجل الإنسان لا بمعنى  الانسنة التي طرحها الفكر الأوروبي
 ثالثاً: فرض المعرفة الجديدة بالإنسان والمجتمع والطبيعة على من يتصدون  لصناعة المعرفة الدينية. يقول سروش:"إذا  تعرضت المعارف البشرية غير الدينية  للقبض والبسط فلابد أن يتعرض فهمنا  للشريعة إلى القبض والبسط أيضاً، أحياناً بصورة ضعيفة وخفيفة، وأحياناً  بصورة شديدة وقوية". إن تأكيد سروش على ترسيخ مبدأ بشرية المعرفة الدينية مدخل  من شأنه وضع حد للتصادم الموهوم بين هذه المعرفة وباقي المعارف العلمية  والفلسفية، على أن هذه المعارف غير الدينية هي أسئلة مرتبطة بالأفق التاريخي للإنسان، والمعرفة الدينية  تتضمن إجابات لها، فكلما اختلفت الأسئلة وازدادت عمقاً ازدادت الحاجة  إلى أجوبة أكثر عمقاً، من هنا فإن أي تغير في معارف العصر العلمية والفلسفية  يستدعي تغيراً في المعرفة الدينية. 
  
 يميّز سروش بين الذاتي والعرضي في  الشريعة وهو يرى أن الإعدادات اللغوية  والثقافية والحضارية قد ساهمت في تشكيل أعراض الدين الإسلامي كما نفهمه اليوم، ولأنها إعدادات متغيرة من ثقافة إلى  أخرى فهي ليست من ذاتيات الدين، يقول: "إن لبوس الثقافة القومية من لغة وأذواق  وأساليب حياة ونقاط ضعف وقوة عقلية  وخيالية وعادات وتقاليد ومألوفات  ومسلمات فكرية وخزين لغوي ومفاهيمي  يضيف على جسد العقيدة والفكر ويخلع عليه  نواقصه وكمالاته لا محالة"، ليصل سروش بعد ذلك إلى أن ما هو جوهري في الإسلام هو المتجاوز لكل تلكم الإعدادات المستلة من ثقافة خاصة بلحظة الوحي، وأن من شأن التأكيد على ذلك الثابت الجوهري ضمان شمولية الرسالة ومستقبليتها من دون أن يعني ذلك مصادرة الأعراض وإلغائها، لكنه يشترط إخضاعها لمجهر العلوم الإنسانية بغية فهمها واكتشاف قدرتها على الخروج من دلالتها الضيقة  إلى محيط عالمي ومن ظرفها التأريخي إلى رحابة المستقبل. 
 
 وقد أثارت أطروحة عبد الكريم سروش في  القبض والبسط وباقي دراساته جدلاً  واسعاً في الوسط الديني الإيراني مما  دفع العديد من المفكرين والشيوخ للرد  والنقد، وأبرز نقاده هو الشيخ صادق  لارجاني الذي اتهمه بأن ما ذهب هو في غالبه تكرار لطروحات بعض فلاسفة الهرمونطيقيا مثل غادا مير الذين شددوا على فكرة أن الإنسان موجود تاريخاني وأن فهمه للامور يتكون في أفق تاريخي بشري،  لذلك فهو فهم ناقص وهذه أفكار كان غادامير وإلى حد ما هايدغر من أبرز من روّج لها. بيد أن سروش في نظر لاريجاني لا يشير أبداً إلى الذين أخد عنهم هذه الآراء.

ويرى لاريجاني أن هذه المسلكية التي اتبعها سروش في الاستعانة بالآليات المنهجية التي استقاها من التداول الغربي لا يمكن إسقاطها بشكل عمودي على تداول مغاير كالتداول الإسلامي، لأن "تلك المفاهيم والأدوات حين تبتسر من بيئتها تفقد معانيها ولن  يكون من الممكن التوفيق بينها وبين التقاليد المحلية". 
  
  أحمد العلوي 27/ربيع الاول 1438هـ
  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=108874
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 10 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18