• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الظلام الاصفر .
                          • الكاتب : علي جبار العتابي .

الظلام الاصفر

وضعت رأسها على القضبان وأخذت تنظر إلى السماء وراحت بعيدا بأفكارها إلى أيام الطفولة يوم جاء أبوها  من الجبهة وكيف ركضت تستقبله وهي تصرخ فرحه بقدومه وهو على قيد الحياة أخذت منه الحقيبة سبقته إلى الدار  وتذكرت في ليلتها وهي تستمع لامها تحثه على شراء ملابس المدرسة لعزيزة وكيف صرخ بوجهها انه لايملك النقود وانه قرر عدم ذهابها  إلى المدرسة بعد هذا اليوم وعليها إن تترك المدرسة نهائيا وانه قرر أن يزوجها إلى أول عريس يتقدم لخطبتها تذكرت كيف اغرورقت عيناها بالدموع حينها ونامت مع حلمها المؤود وهو في مهده لم تكلم أمها عند الصباح عن الملابس والمدرسة وكأنهما اكتفتا بلغة العيون فقط .عاشت أيامها بروتينها المعتاد وبين فترة وأخرى ترى صويحباتها من الجيران يذهبن إلى المدرسة فتأكلها الحسرات ويعتصرها الألم دخلت عامها الخامس عشر حينما تقدم عماد( بياع العتيك )إلى خطبتها لم يستشيرها احد حول الموافقة على الزواج وبسرعة زفت إلى ليلة دخلتها وتذكرة سخرية اقرأنها من الجيران والأقارب على جهاز العرس وترتيبه ومضت إلى عريسها بهدوء بدون مراسيم العرس المعهودة لكون عماد كان هارب من الخدمة العسكرية لم تفهم شي منه في ليلة دخلتها غير قبلة باردة على جبينها لكونه كان سكران حد الثمالة نامت بجانبه وقد غطته بشرشف مستعمل أمضت أيام شهر العسل تتنقل من بيت إلى أخر خوفا من السلطات أن تأخذ عماد إلى إن استقر بها المطاف أخيرا في غرفة صغيرة في  مخزن العتيك الذي يتعامل مع صاحبه  مضت بها الأيام  وأحست في أحشاها شي فعرفت أنها حامل فأخذت تسلي نفسها بالأحلام وستكون اما في يوما ما. اعتادت على عماد وفوضى حياته  واعتادت عندما يأتي الليل يجلس عماد مع الحاج مهدي صاحب المخزن لاحتساء الخمر وتبقى هي منتظرة تقدم لهم الأكل بعد إن ينتهوا من شربهم. يغط زوجها في نومه العميق لا يدرك ما يدور حوله من شدة السكر وفي ليلة شتائية وهي على فراشها أحست بجسد دافئ  بجانبها ويد تداعبها نهضت من نومها و صرخت تستنجد بزوجها لم يصحو إلا بعد إن أنهكت من المقاومة  نهض عماد وهو في حالة السكر وجد ثوبها ممزق ضربها في كل مواضع جسدها إلى أن ركلها على بطنها سقطت وأخذت  تنزف من اثر الضربة نقلها الحاج مهدي إلى المستشفى  اسقط الجنين بعملية مع رفع الرحم أمضت أياما في المستشفى لم يزرها غير الحاج يجلب لها بعض الطعام إلى إن خرجت منها. وذات  صباح أتاها الحاج  بثوب جديد وقطعة من الذهب الرخيص تقبلتها منه واخذ بين فترة وأخرى يأتيها بهدية بسيطة تفرح بها اعتادت على هذا المنوال من العيش إلى أن خرج عماد ذات صباح ولم يعد بعدها إلى المخزن  ساْلت عنه فعرفت إن شرطة الانضباط العسكري ألقت القبض عليه  وبعد التقصي  علمت انه اخذ وحكم عليه بالسجن راحت تزوره بين فترة وأخرى وذات مرة ذهبت إلى السجن مع الحاج مهدي لزيارته فلم تجده وبعد السؤال قيل انه شمل بالعفو العام ولكن ذهب  مع الذين شملهم القرار إلى  الخطوط الأمامية وبعدها يأتيهم بإجازة انتظرت أكثر من ثلاثين يوما  لم يعد من حينها وانقطعت أخباره تماما فاستقر بها المقام مع الحاج مهدي تقدم له الخدمة  في المخزن وإذا بليلة  هي في فراشها أحست بجسد دافئ بجانبها يداعبها استسلمت له بعد مقاومة منها عرفت إنها لم تجدي نفعا . فرحت عند الصباح وهي ترى الحاج مهدي يجلب لها جهاز تلفاز مضت بها الأيام وهي على هذه الحالة لم يسال عليها احد من الأهل اعتادت هذه الحياة أحست بشي من الاستقرار إلى أن جاءها خبر دهس الحاج فلم تراه بعدها.وبعد أيام أعلنت وفاته وما مضت أيام حتى جاء الورثة يعلنون المخزن للبيع انتقلت إلى غرفة في منطقة شعبية مع حاجاتها البالية .ذهبت مع إحدى جاراتها للعمل في صالون الحلاقة النسائية وبسرعة فائقة تعلمت عمل الميك آب (make up) مما حببها لدى صاحبة المحل وأخذن كثير من زبائن المحل  ينتظرنها فأحست بالثقة بنفسها فأخذت تدندن ما تحفظ من أغاني  وهي تعمل وذات يوم وجهت إحدى الزبائن لها دعوة هي وزميلاتها  لحضور حفل زفافها وأثناء الحفل فوجئت حينما أعلن عريف الحفل باسمها نزولا  للطلبات لارتقائها المنصة ارتبكت وبإلحاح من صديقاتها وطلب خاص من العروس رضخت لطلبهم ذهل الحضور حينما غنت لوردة (اشتروني) توالت عليها الطلبات من الحضور حتى نهاية الحفل أحست إن الدنيا ابتسمت لها بعد أن تقدم لها أكثر من شخص وأعطاها البز نس كارت فأخذت تحضر حفلات الأعراس بين فترة وأخرى وفي إحدى الحفلات تقدم منها صاحب القاعة وهو يعرض عليها العمل معهم مقابل اجر مغري تحسنت أحوالها المعيشية أخذت تنتقل من حفلت إلى أخرى بين صالات الدسكو والملاهي وتحسنت حياتها مما أهلها أن تشتري  شقة في منطقة راقية حتى صدر قرار الحملة الإيمانية أغلقت الملاهي على أثره أخذت تحي حفلاتها في المناسبات الخاصة في مزارع  علية القوم خرجت تماما من عالمها السابق. كثرت عليها الهدايا سيارة أخر موديل طقم من الذهب الخالص الكل يود التقرب منها حست أنها أمنت حياتها في هذه الدنيا وعلى حين غفلة تغيرت الدنيا انقلبت تماما عند دخول قوات التحالف وسقوط نظام الحكم أخذت تغير محل سكناها أكثر من مرة استقرت بها الدنيا بعد إن هدأت الأوضاع التقت بالصدفة بمهند احد الرجال الذين كانوا يحضرون حفلاتها السابقة ففتحت شقتها للجلسات الخاصة واخذ يجتمع عندها الرجال والنساء وعادت الليالي الحمراء إلى سابق عهدها وأخذت تدور بينهم المشروبات الروحية والمخدرات والسهر الماجن .انتبهت على صوت القاضي وهو يلقي عليها الحكم بالحكم المؤبد حسب التهم  الموجه لها  الدعارة وتداول المخدرات صرخت على اثر القرار إن السجن ليس لي إنما لأبي وأمي والمجتمع .   



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11298
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29