• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ولاية علي [عليه السلام ] بين:العمل بالمضمون ....و تشيّع المزاج !! .
                          • الكاتب : عبد الهادي البابي .

ولاية علي [عليه السلام ] بين:العمل بالمضمون ....و تشيّع المزاج !!

في إعتقادي وإيماني أنّ أيّة عقيدة لا يكون لها معنى وليس لها قيمة الاّ إذا كانت تنتج سلوكاً وتصرّفاً يمكن أن نصفه بأنه في صالح الأنسان وصالح مجتمعه وصالح الانسانيّة جمعاء ..
فالتوحيد مثلا بمعناه الذي هو الأيمان بالله وصفاته الحسنى لا يكون له معنى إذا لم يترك أثراً في حياة الأنسان ويصبح بالتالي لغواً من الكلام نسأل الله العافية منه، فالأنسان الموحّد والمؤمن يجب أن يختلف في سلوكه وتصرّفه عن ذاك المادّي الذي لا يؤمن بالله ، وكم يؤسفني أن أرى أشخاصا يدّعون التوحيد ولكن عندما يأتون الى واقع الحياة ومشاكلها يتحوّلون الى مادّيين أكثر مادّية من أولئك الذين لا يؤمنون بالتوحيد أصلاً !!
كذلك ولاية علي عليه السلام تصبح لغواً من الكلام إذا لم تكن لها آثار عمليّة في حياة المؤمن بها، فولايته عليه السلام لاتعني أكثر من إتّخاذه قدوة في الحياة وبذل الجهد في السير على الخطّ الذي سار عليه،  أمّا أن تتحوّل ولايته عليه السلام الى مجرّد أشهد أن عليّا وليّ الله وإحياء يوم ولاداته ويوم إستشهاده ولعن أعدائه،  فليس لهذا علاقة بمعنى القدوة والإتباع  !!
يتحمّس الكثيرون لولاية أهل البيت عليهم السلام ،ولكنّ حماسهم مقتصر على الظواهر فهم يحسبون أنّ ولايتهم عليهم السلام تعني أن نحتفل بولاداتهم وننصب العزاء في وفياتهم ونلعن أعدائهم وإذا لم نفعل هذه الأمور فانّنا لانختلف عن الشيطان وأتباع الشيطان  ، في حين أنّ هذه الأمور مجرّد نتائج طبيعيّة غير مقصودة لذاتها وإن وجد حثّ عليها في بعض نصوصنا ، فانّه ليس لذاتها بل لما تنتجه من آثار عمليّة وسلوكيّات صالحة، إذاً فما هو الفرق بين الذي يوالي أهل البيت  والذي لا يواليهم في التصرّف والسّلوك؟
إن إتّباع عليّ وآل علي عليهم السّلام يعني أن نستفيد من آثارهم وسلوكيّاتهم في الحياة، ، فلقد ترك لنا علي وآل علي عليهم السلام كمّاً هائلا من المعنويات والسلوكيّات والتعاليم التي لو طبّقناها لأختلفنا فعلاً عن أولئك الذين لا يوالون علياً وآل علي عليهم السّلام ،أو على الأقل إختلفنا عمقاً وروحاً وقلبا، يعني قد لا نختلف مع غيرنا في أننا نصلي ونصوم، ولكن يمكن أن نختلف في روحانية الصلاة والصيام، وقدلا نختلف مع غيرنا في مبدأ العدالة الأجتماعيّة ولكن يمكن أن نختلف في حماسنا لهذه العدالة، قد لا نختلف مع غيرنا في طلب الأصلاح ولكن يمكن أن نختلف في تضحياتنا لأجل الأصلاح ، وقد لانختلف في دعاءنا وتوجّهنا الى الله ولكن يمكن أن نختلف في عمق هذا التوجّه والأحساس به، وإذا لم يحصل هذا الأختلاف فانّ هذا الموالاة لاتعني شيئا، وما هي إلاّ إدعاءٌ زائف !!
 
 أن التشيع عندنا [مع الأسف الشديد ] قدتحّول إلى حالة من المزاج ،وإلى نوع من العصبية، وإلى لون من ألوان العشائرية الطائفية من دون أن نبحث عن مضمون التشيع، فأهل البيت عليهم السلام ليسوا عشيرة ، وليسوا قادة جماعة بالمعنى الشخصي لقيادة الجماعة، ولكن أهل البيت هم قادة الأسلام ، يتحركون حيث يريد الله لهم أن يتحركوا في خط الأسلام ، ويقفون حيث يريد الله لهم أن يقفوا في خط الأسلام ولذا نرى بأن الأمام علي عليه السلام سالم عندما رأى أن الأسلام يفرض عليه أن يسالم ،وحارب عندما رأى أن الأسلام يفرض عليه أن يحارب ،والأمام الحسن سالم ووافقه الحسين عليهما السلام عندما رأى أن المصلحة الأسلامية تفرض ذلك ، والأمام الحسين قاتل وثار وضحى عندما  رأى أن المصحلة الأسلامية العليا تقتضي ذلك .
فالمسألة هي أنهم عليهم السلام يبحثون عن رضا الله كيف يكون ليكون ذلك رضاهم، وعن سخط الله كيف يكون ليكون ذلك سخطهم ،ولهذا فعلينا أن نحدد المسألة على هذا الأساس ،أن لانأخذ الأسلام أو التمذهب بالتشيع إطاراً ليفتقد الداخل ،بل نأخذه مضموناً يتحرك على أساس السير في كتاب الله ، والسير مع أولياء الله ..
كذلك علينا أن ندرك بأنه لاقيادة لنا إلاالقيادة التي تجعلنا نعمل على أساس أن يكون الأسلام هو خطنا وعلى أساس أن يكون رضى الله هو هدفنا ، وليس معنى التمسك بالأئمة أن نتمسك بهم تمسكاً عصبياً ،وأن نهتف بأسمهم أو نتحرك فقط لنحدث الناس عن فضائلهم ، بل أن نتحرك في خطهم ، وأن نتمسك بقيادتهم ومنهجهم وسيرتهم وفكرهم وخطهم في الحياة ، ولايكون تمسكنا فقط بمعرفة أسمائهم وزيارة قبورهم والبكاء عند مآسيهم ،لأن هذه أمور تندرج في العلاقات الشخصية ،أن نزور الأئمة كما نزور قبور من نحب من أهلنا وأحبائنا ، أو أن نهتف بأسمائهم كما نهتف بأسماء الذين نحبهم ..!
المسألة ليست كذلك ، فالأئمة عليهم السلام  أنطلقوا من خلال أنهم أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخط الأسلامي ، فبقدر مانكون قريبون من الله تعالى فنحن بالنتيجة قريبون منهم عليهم السلام ،وبقدر مانكون بعيدون عن الله فنحن بعيدون عنهم ، قال الأمام الباقر عليه السلام :[ من كان مطيعاً لله فهو لنا ولي ، ومن كان الله عاصياً فهو لنا عدو ،ولاتنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ]، فيجب أن نكون من الذين يتورعون عما حرم الله ورسوله ، وأن نعمل كما أمرنا الله ورسوله ، وهذه أمور لابد أن نفهمها واقعياً وإيمانياً في كل مجالات حياتنا اليومية ..



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=11305
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 11 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29