• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح374 سورة الفتح الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح374 سورة الفتح الشريفة

للسورة الشريفة خصائص وفضائل كثيرة منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : حصنوا أموالكم ونسائكم وما ملكت أيمانكم من التلف بقراءة إنا فتحنا لك فتحا فإنه إذا كان ممن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلائق أنت من عبادي المخلصين الحقوه بالصالحين من عبادي وأسكنوه جنات النعيم واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً{1}

الآية الكريمة تخاطب الرسول الكريم محمد "ص واله" (  إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ ) , فتح مكة , وما ترتب على صلح الحديبية من المنافع في نشر الاسلام , (  فَتْحاً مُّبِيناً ) , بينا ظاهرا .

 

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً{2}

يستمر خطاب الآية الكريمة (  لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) , سبب الفتح كان الجهاد والاستمرار والاصرار عليه , والجهاد علة المغفرة , (  وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) , في امرين :  

  1. اتمام الدين .
  2. ضمّ الملك الى النبوة .

(  وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ) , ويهديك الى طريق مستقيم ثابت في الرياسة والنبوة "تبليغ الرسالة" .  

 

وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً{3}

يستمر خطاب الآية الكريمة (  وَيَنصُرَكَ اللَّهُ ) , بالفتح وجمع الرسالة مع الرياسة , (  نَصْراً عَزِيزاً ) , نصرا عزيزا منيعا لا ذل معه ولا هوان .   

 

هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً{4}

تستمر الآية الكريمة (  هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) , الطمأنينة والثبات , او الايمان الثابت , والمؤمنين هم الذين لم يخالفوا الرسول الكريم محمد "ص واله" ولم ينكروا الصلح , والسكينة أشبه ما تكون بتابوت السكينة في بني اسرائيل  , حيث يقدمونه امامهم فينتصرون في معاركهم , الا ان السكينة للمسلمين معنوية اكثر منها مادية , (  لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ ) , برسوخ الايمان والعقيدة , (  وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , جنود الله تعالى لا يقتصر على الملائكة والمؤمنين , بل ان جنود الله تعالى التي تضرب الكفار ممكن ان تكون ظواهر طبيعية او حشرات او كائنات حية دقيقة ... الخ , (  وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً ) , بخلقه ومصالحهم , (  حَكِيماً ) , في صنعه , او في ما يقضي ويقدر .   

 

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً{5}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  لِيُدْخِلَ ) , دبر ما دبر من امر الجهاد كي يدخل (  الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) , حيث ما عدوا به , (  خَالِدِينَ فِيهَا ) , لا يخرجون منها ابدا , (  وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) , يسترها ويغطيها , حيث ان لكل مؤمن بعض العيوب وشيئا من الاعمال السيئة , مهما كانت درجة ايمانه , او مما ارتكبه قبل الايمان , فلا يفتضح به يوم القيامة كما يفتضح غيرهم , (  وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً ) , حيث لا فوز يضاهيه .  

 

وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً{6}

تستمر الآية الكريمة مقررة (  وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ) , قررت العذاب للمنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات , (  الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ) , حيث ظنوا ان الله تعالى مجده لا ينصر رسوله "ص واله" ومن معه من المؤمنين , (  عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ) , عليهم وحدهم تدور دائرة العذاب , (  وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ) , نالوا غضبه جل وعلا وابعدهم عن رحمته , (  وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ) , مقرا لهم , (  وَسَاءتْ مَصِيراً ) , قبحت جهنم مصيرا للمنافقين والمشركين .       

 

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً{7}

تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , له تعالى جنودا من الملائكة وغيرهم , يؤيد بهم عباده المؤمنين , (  وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً ) , منيعا , غالب امره , (  حَكِيماً ) , في صنعه , او في ما يقضي ويقدر .    

 

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً{8}

تعود الآية الكريمة لمخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ ) , يا محمد "ص واله" لتؤدي ثلاثة وظائف :  

  1. (  شَاهِداً ) : على امتك .
  2. (  وَمُبَشِّراً ) : بالجنة والثواب الجزيل للمؤمنين .
  3. (  وَنَذِيراً ) : منذرا من عذاب اليم ينتظر الكفار والمنافقين واهل المعاصي . 

 

لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{9}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ) , توحيده وعبادته جل جلاله , (  وَرَسُولِهِ ) , وكل ما جاءكم به الرسول الكريم محمد "ص واله" , (  وَتُعَزِّرُوهُ ) , تقووه بنصرة دينه , (  وَتُوَقِّرُوهُ ) , وتعظموه , (  وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) , غدوا وعشيا .  

 

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً{10}

تقرر الآية الكريمة مضيفة (  إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ ) , في بيعة الرضوان , (  إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) , على نحو طاعة الرسول من طاعة الله جل جلاله , (  يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) , بالنصرة والتأييد , او ان يده "ص واله" التي كانت فوق ايدي المبايعين بمنزلة يد الله تعالى لانهم يبايعون الله عز وجل في الحقيقة , (  فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) , فمن نقض البيعة , فأن وبال ذلك يعود عليه , (  وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) , اما من وفى بالبيعة فستعود عليه بالأجر العظيم والثواب الجزيل .       

 

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً{11}

تضيف الآية الكريمة مبينة (  سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ ) , هم اسلم وجهينة وغفار ومزينة , حدا بهم الضعف والخوف من قريش ان يتخلفوا عن استنفاره "ص واله" اياهم بأعذار كالأموال والاهل ... الخ , يرى القمي في تفسيره هم الذين استنفرهم رسول الله "ص واله" في الحديبية , ولما رجع "ص واله" منها غزا خيبر , فجاء المخلفون للاستئذان ان يخرجوا معه "ص واله" الى خيبر , معتذرين (  شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) , انشغلنا بهم , لم يكن لدينا من يرعى اموالنا واهلونا في غيابنا , (  فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ) , الله عن تخلفنا , (  يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) , يرد عليهم الباري جل وعلا مكذبا اياهم في طلب الاعتذار والاستغفار , وذلك انهم يقولون بألسنتهم ما لا يوجد له اثر في قلوبهم , (  قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً ) , من يمنعكم من مشيئته وقضاءه جل وعلا , وهو سؤال يفيد النفي أي لا احد , (  إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً ) , ما يضركم كالقتل والاسر , وتلف المال ... الخ , (  أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً ) , وهو عكس الضر , (  بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) , خبيرا بكل احوالكم , فيعلم حقيقة تخلفكم ومقاصدكم فيه .        

 

بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً{12}

تضيف الآية الكريمة كاشفة عن سر تخلفهم (  بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً ) , لم يكن تخلفكم لانشغالكم بالأموال والاهل , بل هو لظنكم ان المشركين سوف يستأصلون المسلمين جميعا , فلا يعود احدا منهم , (  وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ ) , فرحتم وسررتم بذلك الاستئصال المحتمل , (  وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) , ظنكم ان الله تعالى ذكره سوف لن ينصر رسوله "ص واله" والمؤمنين , (  وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ) , قوم سوء , او هالكين عند الله تعالى مجده بظنكم هذا .    

 

وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً{13}

تضيف الآية الكريمة مبينة (  وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ ) , بوحدانيته واستحقاقه للعبادة , (  وَرَسُولِهِ ) , ولم يؤمن بالرسول الكريم محمد "ص واله" بأنه مبلغا عنه جل وعلا , (  فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً ) , فليس للكفار غير عذاب النار الشديدة .   

 

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{14}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , ابداعا وخلقا وملكا وتدبيرا , (  يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ ) , بمشيئته يغفر الذنوب ويتجاوز عنها , (  وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ) , ويعذب من يشاء بعدله جل وعلا , (  وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً ) , كثير المغفرة , (  رَّحِيماً ) , بالمؤمنين .     

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115121
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20