• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح376 سورة الحجرات الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح376 سورة الحجرات الشريفة

للسورة الشريفة كثير من الفضائل والخصائص منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : "من قرأ سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمد صلى الله عليه وآله" .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{1}

تتميز السورة الشريفة بخطاباتها المباشرة للمؤمنين فتستهل بخطاب مباشر :

  1. ناهيا (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) : التقدم هنا يشمل القول والفعل .
  2. امرا (  وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) : امر بالتقوى في التقدم بقول او فعل , (  إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ ) , لأقوالكم , (  عَلِيمٌ ) , بأفعالكم . 

يروي السيوطي في تفسيره الجلالين انها "نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير الأقرع بن حابس أو القعقاع بن معبد ونزل فيمن رفع صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم " .

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ{2}

تستمر الآية الكريمة في خطاب مباشر ناهية (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) , لا ترفعوا صوتكم على صوته "ص واله" في كلامكم معه , (  وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ) , في مناداته كما يجهر بعضكم لبعض , واجعلوا اصواتكم اخفض من صوته مراعاة للأدب , (  أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) , خشية وكراهة ان تبطل اعمالكم بسبب ذلك دون علمكم وشعوركم .   

مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة :

  1. عن الامام الكاظم عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة وكثر حوله المهاجرون والانصار وكثرت عليه المسائل وكانوا يخاطبونه بالخطاب العظيم الذي لا يليق به وذلك أن الله تعالى كان قال يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله الاية وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بهم رحيما وعليهم عطوفا وفي إزالة الاثام عنهم مجتهدا حتى أنه كان ينظر إلى من يخاطبه فيعمد على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله من إحباط عمله حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه بأرفع من صوته يريد أن لا يأثم الاعرابي بارتفاع صوته . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
  2. نزلت في وفد بني تميم كانوا إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد اخرج إلينا وكانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله تقدموه في المشي وكانوا إذا كلموه رفعوا أصواتهم فوق صوته ويقولون يا محمد يا محمد ما تقول في كذا كما يكلمون بعضهم بعضا فأنزل الله الاية . "تفسير القمي" .
  3. عن ابن عباس نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في اذنه وقر وكان جهوري الصوت فكان إذا كلمه رفع صوته وربما تأذى رسول الله صلى الله عليه وآله بصوته قال وروي أنه لما نزلت الاية فقد ثابت فتفقده رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبر بشأنه فدعاه فسأله فقال يا رسول الله لقد انزلت هذه الاية وإني جهوري الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لست هناك فإنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ{3}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ ) , يخفضونها , (  عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ) , في حضرته "ص واله" مراعاة للأدب , (  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) , الذين اختبر قلوبهم للتقوى فظهرت في افعالهم واقوالهم , ومرنت عليها قلوبهم , (  لَهُم مَّغْفِرَةٌ ) , لذنوبهم , (  وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) , في الجنة .         

 

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ{4}

تؤكد الآية الكريمة (  إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ ) , حجرات نسائه "ص واله" , كل واحد منهم ناداه من خلف احدى الحجرات , لعدم معرفتهم في أي حجرة هو "ص واله" , (  أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) , اكثرهم لا يعقلون محلك الرفيع وما ينبغي له من التعظيم ومراعاة الحشمة و الادب .     

 

وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{5}

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة (  وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا ) , تريثوا قليلا , (  حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ) , من حجرتك , (  لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ) , لكان ذلك افضل لهم من النداء والاستعجال , (  وَاللَّهُ غَفُورٌ ) , كثير المغفرة لمن تاب , (  رَّحِيمٌ ) , بهم او بالتوابين .  

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{6}

تضمنت الآية الكريمة خطابا مباشرا اخر (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ) , بخبر , (  فَتَبَيَّنُوا ) , تفحصوا صدقه من كذبه , (  أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ ) , خشية او كراهة ان تصيبوا قوما بجهالة منكم بغير ذنب منهم , (  فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) , فتصيروا نادمين مغمومين لما بدر منكم في حقهم .  

مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة ما جاء في تفسير الجلالين للسيوطي وتفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني " روي أن النبي صلى الله عليه وآله بعث وليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق وكان بينه وبينهم احنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسبهم مقاتليه فرجع وقال لرسول الله صلى الله عليه وآله قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فهم بقتالهم فنزلت" .

 

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ{7}

تستمر الآية الكريمة (  وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ) , فلا تقولوا الباطل , فأن الله جل وعلا سيخبر رسوله بصحة الخبر او كذبه , (  لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) , لو اطاعكم الرسول الكريم محمد "ص واله" في كثير من الاخبار من غير تفحص مصداقيتها لوقعتم في الاثم والعنت وهو الهلاك , وفي النص المبارك اشعارا الى ان بعض الصحابة اشاروا عليه "ص واله" بالإيقاع ببني المصطلق , (  وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ ) , جبلكم عليه , (  وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) , وحسنه فيها , (  وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ) , وكرّه كل ذلك في قلوبكم , فأن من احب الايمان وتزين به قلبه كره الكفر والفسوق والعصيان , لانهم عكس ما حبب وزيّن في قلبه , (  أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ) , الذين حببهم لهم الايمان وزين في قلوبهم وكره لهم الكفر والفسوق والعصيان هم الثابتون على الطريق المستقيم .   

 

فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{8}

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ) , فضلا منه جل وعلا ونعمة من نعمه السابغة , (  وَاللَّهُ عَلِيمٌ ) , بالمؤمنين وما بينهم من التفاضل , (  حَكِيمٌ ) , في افضاله وانعامه عليهم .     

 

وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{9}

تقرر الآية الكريمة (  وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) , تقاتلوا فيما بينهم , والجمع بدلا من المثنى على اعتبار ان في كل طائفة جماعة كثيرة , (  فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) , بالنصح والدعاء الى حكم الله عز وجل , (  فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ) , تعدت عليها , (  فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) , فقاتلوا الطائفة المعتدية حتى ترجع الى حكم الله وما امر به , (  فَإِن فَاءتْ ) , فأن رجعت الى حكم الله تعالى , (  فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ ) , بالإنصاف , (  وَأَقْسِطُوا ) , واعدلوا في كل الامور , (  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) , يدرج النص المبارك المقسطين في جملة من يحبهم الله عز وجل .      

مما يروى في سبب نزولها انها نزلت على اثر قتال جرى بين الاوس والخزرج بالسعف والنعال في عهده "ص واله" .

 

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{10}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) , في الدين , (  فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) , اذا تنازعا , (  وَاتَّقُوا اللَّهَ ) , في مخالفة حكمه وما امر به , (  لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) , بتقواكم .   

( عن الصادق عليه السلام المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه .

وعن الباقر عليه السلام المؤمن أخ المؤمن لابيه وامه لان الله خلق المؤمنين من طينة الجنان واجري في صورهم من ريح الجنة فلذلك هم اخوة لاب وام ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=115774
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28