عند عبق الذكرى، يتحول قلمي الى نحلة تطوف البساتين بحثاً عن الازهار؛ لتستخلص الرحيق، وعند ابن عباس كان الرحيق يسألني: لأي مورد جئت تسألني؟ قلت: جئت لمولود إبراهيم ابن النبي محمد (ص).
قال:ـ أتعلم، إن أمه مارية بنت شمعون القبطية، جاء أبو رافع زوج القابلة سلمى الى رسول الله (ص) وقال: سيدي رسول الله، لقد ولدت مارية غلاما، ففرح به كثيرا وسماه (ص) إبراهيم، وعق يوم سابعه، وحلق رأسه، وتصدق بوزن شعره فضة على المساكين، وأمر بدفن شعره في الأرض.
قلت: أنا ما جئتك من اجل هذا يا ابن عباس (رضي الله عنك)، لكني جئتك لأعرف قصة الفداء في يوم مولده، فنظر الي، بعدما صمت برهة فقال: "كنت عند النبي (ص) وعلى فخذه الايسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي (عليه السلام) تارة يقبل هذا، وتارة يقبل، إذ هبط جبرائيل بوحي من رب العالمين، فلما سري عنه قال (ص): أتاني جبرائيل من ربي فقال: يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: لست اجمعهما فافدِ احدهما بصاحبه، فنظر النبي (ص) الى إبراهيم فبكى، وقال (ص): اذا مات إبراهيم حزنت عليه انا ومارية، لكن اذا مات الحسين حزنت عليه فاطمة، وحزن عليه علي، وحزنت انا، يا جبرائيل يقبض إبراهيم فديته بالحسين.." قال يقبض بعد ثلاث.
فكان النبي (ص) اذا رأى الحسين مقبلاً قبله وضمه الى صدره وقال: فديت من فديته بابني إبراهيم، ارضعته ام بردة الانصارية خولة بنت المنذر بن زيد.. توفي دون السنتين فأتم رضاعه في الجنة، قلت:ـ جئت أبارك ولادته الميمونة فسلام الله عليه، ابن النبي واخو السيدة فاطمة الزهراء، وخال الحسنين (عليهما سلام الله).