• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا يلجأ البعض إلى الشعارات الطائفية؟ .
                          • الكاتب : يوسف الحسن .

لماذا يلجأ البعض إلى الشعارات الطائفية؟

تنتشر بين الفينة والأخرى شعارات طائفية في بعض البلدان. وقد تخفت نبرة هذه الشعارات في فترة زمنية معينة ثم لا تلبث أن تعلو ثانية.. فما هو سر لجوء البعض إليها؟
بداية يجب أن نعترف بأن الجميع يمكن أن يلجأ إلى إذكاء الشعارات الطائفية، فهي نمط معين من التفكير يمكن أن يصدر من الجميع، لكنه يزيد أو ينقص حسب مقتضيات الظروف، وحسب الخلفيات الثقافية والفكرية السائدة في مجتمع ما. فالأكثرية في بلد ما يمكن أن يرفعوها وكذلك الأقلية، وقد يلجأ إليها الظالم أو المظلوم، كما يمكن أن تلجأ إليها الحكومات أو الشعوب، ولكل أسبابه ومبرراته ودوافعه.
أما عن أسباب رفع هذه الشعارات والتي تنطبق على جميع الطوائف، فيمكن إيجازها بما يلي:
أولا: الرغبة في حشد الجماهير خلف قيادة طائفة ما.. فالمناخ الاجتماعي والديني الهادئ قد لا يعمل دائما لصالح بعض المذاهب والمجموعات الفكرية، بينما إثارة الموضوعات الخلافية تخلق ما يسمى (الاصطفاف الطائفي)، وتعطي حيزا كبيرا لبروز قيادات كل طائفة والتفاف الناس حولهم من أجل معرفة ردودهم على هذه الموضوعات وبالتالي خلق نجومية لهم وإن كانت ظرفية. وهو أسلوب يستخدمه السياسيون كذلك في بعض الدول عند رغبتهم في استقطاب الجماهير حولهم وزيادة شعبياتهم.
ثانيا: إلهاء الناس عن واقعهم السياسي أو الاقتصادي السيئ. فالشعارات الطائفية عادة ما تشبع غرائز كامنة لدى الناس في تنفيس الغضب والحنق ضد طرف ما. وعادة ما تكون الحكومات والقيادات السياسية هي أفضل الأطراف التي توجه إليها السهام كونها – في الغالب – متحكمة في مختلف مفاصل الحياة. وعندما يتم وضعهم أمام عدو جاهز لهم، فإن ذلك يلهيهم عن مهاجمة الحكومات، وحينها لا يتطلب من الناس إلا الهجوم على الطرف المستهدف دون تفكير، لأن هذه الغريزة تسد جميع منافذ التفكير والعقلانية لديهم. ومتى ما بدأ منحدر التراشق الطائفي فإنه لا يحتاج إلى كثير من الوقود كي يصل إلى الهاوية الاجتماعية، وهو ما ينتظره مطلقو الشعارات الطائفية حيث تنشغل فئات المجتمع ببعضها البعض بعيدا عن محاسبة الساسة والمسؤولين.
ثالثا: التغطية على مناطق الضعف لدى كل طائفة أو مذهب، وهي موجودة لدى الجميع دون استثناء. وعندما ترفع الشعارات الطائفية فإن الأصل هو قيام كل طرف بإثبات أحقيته في أي نقاش أو جدال، وخطأ الطرف الآخر وذلك من أجل تبرير اعتناقهم لفكرة أو تبنيهم لسلوك ما. وفي الغالب لا يعدم أي طرف ردودا على أي إشكالية تطرح من قبل الطرف الآخر. ولذا فإن إثارة هذه النعرات لن يترك مجالا للنقد الذاتي الذي سوف يتلاشى في ظل تصاعد نبرة التنابز الطائفي، فكما يقال خير وسيلة للدفاع الهجوم.
رابعا: الاستجابة الواعية أو غير الواعية لمخططات تم تحريكها إما من ساسة دهاة، أو من خارج إطار الطوائف، من أجل إلهاء الشعوب عما يحاك لها (فرق تسد). وتلجأ بعض الدول الكبرى بين الفينة والأخرى إلى إثارة فتن مذهبية إما داخل دولة ما أو داخل الأمة بشكل عام وذلك إما لصرف نظر الشعوب عما تخططه لهذه الدول، أو من أجل تبرير تدخلها العسكري أو السياسي، أو من أجل اشغال الشعوب بالسفسطة والنقاش البيزنطي بعيدا عن تحولها للتنمية الحقيقية لبلدانها ومجتمعاتها. وليست المشكلة هنا في من يخطط لهذه الفتن، بل في من يستجيب لها والذي تتوافر لديه بالضرورة الأرضية المناسبة لتقبل هكذا مخططات وانخراطه فيها بوعي أو بدونه.
ولذلك فإن رفع الشعارات الطائفية يشكل خطرا داهما على وحدة الأمة الإسلامية ومصيرها، ولا يجب أن يترك مطلقوها وشأنهم أو التقليل من هذا الخطر والتهوين من آثاره. وينبغي من أجل ذلك تجنيد كافة الأدوات الثقافية والفكرية وشحذ الهمم من أجل إيقاف التراشق الطائفي حتى يسود جو من الألفة والتواد بين مختلف الأطياف المذهبية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
Twitter | @yousefalhasan

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12076
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 12 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20