صدر امس القسم الثالث من الجزء الخامس من موسوعة منهج التثبت في الدين للسيد الاستاذ محمد باقر السيستاني ،وقد عالج هذا القسم موضوع (المعاد) من جهة أدلة اثباته وأهميته ومدى تأثيره على منظومة الحياة الدنيا من حيث أنه غاية لها فضلا عن تنمية هذه العقيدة ومؤازرتها للضمير الاخلاقي ،متعرضا في كل ذلك لأهم الاشكاليات والجدليات العقلية والعلمية التي تواجه عقيدة المعاد ،وبصورة عامة أخذ البحث طابعا بعيدا عن كلاسيكيات البحث الفلسفي واسغراقه في جدلية المعاد الجسماني او شبهة الآكل والمأكول كما ابتعد عن البحث الكلامي المجافي – في الغالب – للتحليل والتدقيق في الجزئيات ولوازمها ،فجاءت هذه الاوراق في حلة تكاد ان تكون فريدة في الربط الوثيق والدقيق بين البحث الاخلاقي وبحث المعاد ومقولة الوعد والوعيد .
وقد أعقب ذلك ببحث حقيقة الانسان واشتماله على بعدين: أخلاقي وروحي وفق المنظور الديني والعقلائي والعلمي ،ولا يخفى وجه ادراج هذا البحث ضمن بحث المعاد اذ لو لا البعد الاخلاقي في الانسان متمثلا بالارادة الحرة من جهة والضمير الاخلاقي من أخرى لما كان هناك معنى للمعاد والحساب ،وأيضا لولا البعد الروحي الذي يضمن استمرار حياة الانسان بعد الموت لما كان هناك موضوع للمعاد ،ومن ملابسات البحث في اثبات البعد الروحي انطلق السيد الاستاذ في البحث في نظرية التطور اذ أنها تفترض في بعض تمثلاتها ان الانسان محض كتلة مادية لا شيء وراءها ولم يكن الهدف هنا اثبات صحة أوخطأ نظرية التطور انما الغرض هو النظر في مدى انسجام او تعارض المعطيات التي قررها اصحاب الاختصاص لهذه النظرية مع وجود بُعْد روحي للانسان من جهة ومع نظرية الخَلْقِ من جهة أخرى .
وبصورة عامة يُعدُّ بحث المعاد من المباحث المهمة في كل الاديان كما يُعدّ باعثا حقيقيا نحو ضرورة ان يهتم الانسان في البحث عن حقيقة وحقانية الاديان من عدمها اذ ان هذه العقيدة تتحدث عن سعادة او شقاء ابدي وهو ما لا يصح ان يتكاسل الانسان عن النظر فيه .
_____________

كتاب: منهج التثبت في الدين ج5 ،الأنباء الثلاثة الكبرى في الدين: 2- المعاد
تأليف: السيد محمد باقر السيستاني
الناشر: دار البذرة / النجف الاشف
عدد الصفحات: 348