• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سيفتقدُونك كثيرا ً يا "تشارلز كروثامر" !. .
                          • الكاتب : نجاح بيعي .

سيفتقدُونك كثيرا ً يا "تشارلز كروثامر" !.

 في خضم الأحداث المصيرية والصراعات والأزمات التي تعصف في المنطقة والعالم , أو داخل أي بلد كبلدي العراق على أقل تقدير , تكون الحاجة مُلحة الى توفير المعلومة الصادقة والى الخبر اليقين من وسائل الإعلام الرسمية أو غير الرسمية . والذي يصطبغ أغلبه بالصبغة السياسية المُجانبة للحقيقة , لأنه لا يعدو كونه ملوثا ًبالصراع حول السلطة والنفوذ . فامتلاكنا للمعلومة الصحيحة واقتناصها في الظرف الصعب , بعيدا ً عن التشويه والضبابيّة وبعيدا ًعن العقل الجمعي وتصرفاته الآنية المُتسرعة , ليس فقط لزيادة رصيدنا في معرفة ما يدور ويجري على ساحة التناحر والصراع , وإنما لأجل معرفة وأدراك بأي ساحة تقف أرجلنا وبأي معسكر تثبتُ ونثبت معها !. لأن في غمرة الصراع واحتدامه بين الفرقاء (محليين كانوا أم دوليين هؤلاء الفرقاء) يلجأ المرء جاهدا ً الى تحليل مواقف الخصوم الواردة من وسائل الإعلام المختلفة كل ٍ على حدة , في محاولة منه لمعرفة استراتيجية كل خصم . وبما أن مجتمعاتنا ونخبها السياسية مُتذبذبة المواقف , وغالبا ً ما تنتهج سياسة ما يُعرف بـ(سياسة المرحلة) التي تملي عليهم خرق الشعارات التي رفعوها بأمانة , وتضطرهم للخروج عليها وعلى المبادئ التي ينطلقون منها حسب مستجدات ساحة الصراع وتسارع الأحداث , فغالبا ً ما تكون المعلومة والموقف السياسي ضبابيا ً ومشوها ً وفي أحيانا ً كثيرة يكون كاذبا ً وبلا حياء . الذي دفعني لكتابة تلك الكلمات هو خبر وفاة الكاتب والصحافي الأميركي المُخضرم "تشارلز كروثامر" أحد أكبر وأشهر كتاب صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية بعد صراع طويل مع مرض السرطان . حيث كان له عمودا ً ثابتا ً في الصحيفة المذكورة , يطرح فيه رؤاه وتحليلاته حول السياسة الخارجية لبلده (الولايات المتحدة الأميركية) , ومواقفها في شرق الكرة الأرضية وغربها . صحيفة الـ(واشنطن بوست) كانت قد وصفت "تشارلز كروثامر" بأنه : "صاحب تحليل فكري صارم وسليم .. وأن العديد من القراء نظروا إلى عموده للمساعدة في تحسين فهمهم للقضايا المهمة في عصرنا". بمعنى أنه كان له الفضل على الكثير في بيان وتبيان موقف بلاده الصريح نوعا ً ما في مجمل القضايا في العالم . الى كم نحن (الذين نعيش في غمرة الأجواء الملبدة بالغيوم محلية كانت أم دولية) بحاجة الى مثل "تشارلز كروثامر" . وأقصد الى مثل تحليله الفكري الصارم والسليم في آن واحد . لأنه ينطلق من دفاعه عن قضية (اتفقنا معه أم اختلفنا) . واخذ على عاتقه بيان وتوضيح ما يجب أن يكون عليه بلده في دفاعه عن أمنه القومي من عدمه , بعيدا ً عن مسّ (العقل الجمعي) والتطبيل الإعلامي والهراء السياسي والتشويش الأيديولوجي والمداهنة الحزبية والمُداراة الحكومية . وكم نحن بحاجة الى مثل "تشارلز كروثامر" وأقصد الى مَن يُساعدنا في نقله للمعلومة والموقف الواضح للمساعدة في تحسين فهمنا لقضايانا المهمة في عصرنا وعلى حدّ ٍ سواء في داخل بلدنا أو في خارجه . أنا هنا لا أدّعي تبني رؤى الكاتب الأميركي بقدر ما أقول أن الكثيرين من سياسينا وإعلاميينا (أحزابا ً وحكومة) بحاجة ماسة الى نهجه الإعلامي وطرحه الأمين لما يؤمن به ويراه ويتبناه . نعم .. عُدّ "تشارلز كروثامر" المؤسس الأيديولوجي لغزو العراق عام 2003م . وكان مُدافعا ً عن سياسة بلده الخارجية . وكان متبنيّا ً لرؤى ومشاريع للمحافظين الجُدد في المنطقة والعالم . ولكنه ساعد الكثيرين في الشرق الأوسط والعالم في بلورة موقف وسياسة الولايات المتحدة وطرحه واضحا ً كما هو وجعله مفهوما ً قدر المُستطاع , ولولاه لأصبح الكثير من المتابعين والمراقبين في ضبابية في معرفة سياسة أميركا في المنطقة والعالم. نرى "تشارلز كروثامر" مثلا ً كيف انبرى في طرح رؤيته في التمدّد الروسي في سوريا فيقول : (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحرك إلى الأمام . وبمجرد أن جف حبر التوقيع على الإتفاق النووي الإيراني ، توجه الجنرال الإيراني قاسم سليماني إلى موسكو لوضع خطة الحملة متعددة الجنسيات التي يقودها في سوريا، وتتألف قوته الشيعية للتدخل السريع من الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية العراقية وقوات حزب الله اللبناني، وجميعهم يقاتلون تحت غطاء القوات الجوية الروسية)!. أو نقده لدولة قطر قال إنها تلعب لعبة مزدوجة و قذرة منذ 30 عاماً من خلال اللعب مع الجانب الإيراني واللعب مع الجانب العربي . فهي تدعم الدوحة الإخوان المسلمين وتدعم بصورة غير مباشرة تنظيم القاعدة وداعش كما تدعم حركة حماس !. وهذا يكشف للمتتبع أساس سياسة المعتوه (ترامب) الرئيس المحافظ التي لا تختلف عن سياسة روسيا في المنطقة . لذا أسأل ومن حقّي السؤال : هل عقُمَ الإعلام الرسمي عن مثل "تشارلز كروثامر" القائل بالذي له وعليه ؟. أو الإعلام الحزبي السياسي ؟. أو الإعلان المستقل؟. ليساعدنا على تحسين وفهم واستساغة قضايا مهمة في بلدنا كالتزوير المُزمن المصاحب لكل عملية انتخابية ؟. أو التحالفات السياسية بين الكتل والأحزاب ؟.أو وجود فصائل مسلحة عابثة تسرح وتمرح خارج السلطة والقانون ؟. أو دخول داعش وكيف تمكنت من بلع 40% من أرض الوطن؟. أو الإنفجارات لمستودعات السلاح بين الأحياء السكنية في كل مرة؟. المياه ؟. الإغتيالات؟. الأجندات الخارجية؟. السلم الأهلي ؟.الخدمات؟. مشاريع التقسيم والانفصال ؟. النفط وسرقته ؟. ووووووو ـ ربما أقول صادقا ً سيفتقدُك الكثيرون يا "تشارلز كروثامر" !.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=121638
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 06 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18