• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح400 سورة الحديد الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح400 سورة الحديد الشريفة

للسورة الشريفة فضائل وخصائص جمة , منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : من قرأ سورة الحديد والمجادلة في فريضة ادمنها لم يعذبه الله حتى يموت ابدا ولا يرى في نفسه ولا في أهله سوء أبدا ولا خصاصة في بدنه .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{1}

تستهل السورة الشريفة (  سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , كل شيء عظم ونزّه الباري جل وعلا اعترافا بالعجز في حضرته وتنزيها عما لا يليق بجلاله , للفيض الكاشاني رأي لطيف " قيل ذكر هيهنا وفي الحشر والصف بلفظ الماضي وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع إشعارا بأن من شأن ما اسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته لأنه دلالة جبلية لا تختلف باختلاف الحالات ومجيء المصدر مطلقا في بني إسرائيل ابلغ من حيث أنه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال فإنما عدى باللام وهو متعد بنفسه إشعارا بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه" , (  وَهُوَ الْعَزِيزُ ) , وهو جلا وعلا الغالب , المنيع , (  الْحَكِيمُ ) , في تدبير خلقه , ايضا للفيض الكاشاني رأي لطيف ارتئينا ان ننقله " ( وهو العزيز الحكيم ) إشعار بما هو المبدأ للتسبيح" . 

 

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{2}

تستمر الآية الكريمة مضيفة :

  1. (  لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : ابداعا وخلقا وملكا وتدبيرا .
  2. (  يُحْيِي وَيُمِيتُ ) : هو وحده جل وعلا القادر على الاحياء والاماتة .
  3. (  وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) : وهو جل وعلا القادر المقتدر على كل شيء , لا يعجزه ولا يفوته شيء مهما كان صغيرا ولا كبيرا . 

 

هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{3}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  هُوَ الْأَوَّلُ ) , قبل كل شيء , فلا شيء قبله , (  وَالْآخِرُ ) , بعد كل شيء , فلا شيء بعده , (  وَالظَّاهِر ) , بالدلالة والقدرة والحجة والبرهان , (  وَالْبَاطِن ) , عن الحواس , لا يمكن للعقول ادراكه , وقيل معناه العالم الخبير ببواطن الامور , (  وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) , فلا تخفى عليه خافية .  

( عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبة له الذي ليست لأوليته نهاية ولا لأخريته حد ولا غاية وقال الذي بطن من خفيات الامور وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{4}

تستمر الآية الكريمة (  هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) , تقدم الحديث عن ذلك , ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) , الاستواء لا يدل على الجلوس , فالجلوس للمخلوقات , بل يدل على القدرة والاحاطة والعلم , بدليل (  يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ) , فهو جل وعلا يعلم ما يدخل في الارض من بذور وغيرها , ويعلم ما يخرج منها من نبات ومعادن وغير ذلك مما خفي , (  وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ) , وكذلك الحال بالنسبة للسماء , فهو جل وعلا يعلم ما ينزل من السماء , كالمطر والرحمة والعذاب وغير ذلك مما خفي , ويعلم ما يعرج فيها , كالأعمال الصالحة والملائكة وكذلك الابخرة والغازات وغيرها , (  وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) , بالعلم والاحاطة , (  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) , يرى اعمالكم فيجازيكم عليها .  

 

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ{5}

تضيف الآية الكريمة (  لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , خلقا وملكا وتدبيرا , (  وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) , كل شيء راجع "عائد" اليه . 

 

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{6}

تستمر الآية الكريمة (  يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ) , يدخل الليل والنهار , (  وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) , ويدخل النهار في الليل , وعليهما تنقص او تزداد ساعات كلا منهما , (  وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) , وهو جل وعلا لا تخفى عليه مكنونات صدور خلقه .    

 

آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ{7}

الآية الكريمة تضمنت خطابا مباشرا (  آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) , اخلصوا ايمانكم , وداوموا على الايمان , واستزيدوا منه , (  وَأَنفِقُوا ) , الواجب والمستحب من النفقة , (  مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) , من المال الذي تحت تصرفكم , او الاموال التي استخلفتم ممن سبقكم , يرى السيوطي في تفسيره الجلالين انها نزلت في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك , (  فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) , اجرا كبيرا لمن آمن وانفق , اجر الايمان واجر الانفاق .    

 

وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{8}

تستمر الآية الكريمة (  وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) , يرى بعض المفسرين ان الخطاب موجه للكفار , وبعضهم يرى انه موجه للمنافقين , (  وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ ) , فأي عذر لكم في ترك الايمان , والرسول يدعوكم اليه بالحجج والبراهين القاطعة , (  وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ) , في عالم الذر , وهو قوله جل من قائل { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }الأعراف172 , (  إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) , ان كنتم مؤمنين حقا , او ان كنتم مريدي الايمان حقا , فبادروا اليه , او ان كنتم مؤمنين لموجب ما , فأن هذا مما يوجب الايمان .   

 

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{9}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ) , محمد "ص واله" , (  آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) , آيات واضحات الدلالة , (  لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) , من ظلمات الكفر الى نور الايمان , (  وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ َّرحِيمٌ ) , يقرر النص المبارك انه جل وعلا رؤوفا بالعاجزين وذوي القلوب المنكسرة , سبقت رحمته غضبه .  

 

وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{10}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) , أي شيء يمنعكم من الانفاق في سبيل الله تعالى , (  وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , وهو جل وعلا يرث كل شيء فيهما , فلا تبقى لأحد اموالا , اما من انفق فيبق له أجر انفاقه , (  لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ) , في النص المبارك بيانا لتفاوت المنفقين والمقاتلين قبل فتح مكة , (  أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ) , فهم اعظم درجة وثوابا من الذين انفقوا وقاتلوا بعد فتح مكة , والسبب ان قبل الفتح كان العدد قليل , وسحب العوز والفقر والفاقة تخيّم على المسلمين آنذاك , اما بعد الفتح , فقد ازداد عدد المسلمين وتكاثرت اموالهم , فما ينفق زمن العسرة والحاجة الشديدة يكون اعظم درجة وثوابا مما ينفق زمن اليسر والرخاء , مهما قلّ او كثر , (  وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) , كلا من الفئتين , الذين انفقوا وقاتلوا قبل الفتح و الذين انفقوا وقاتلوا بعده , وعدهم الباري جل وعلا المثوبة الحسنة , (  وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) , وهو جل وعلا خبيرا بباطن وظاهر اعمالكم , فيجازيكم عليها .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123120
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18