• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هادي الكربلائي شيخ الخطباء .. .
                          • الكاتب : حسين فرحان .

هادي الكربلائي شيخ الخطباء ..

لم أنسه إذ قام في محرابه ...
وسواه في طيف الكرى يتمتع ..
كان هذا أول بيت طرق أسماعي في فترة الثمانينات وقد صدحت به حنجرة الشيخ المرحوم هادي الكربلائي وهو يقرأ في ليلة استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام .
لم أكن حاضرا ذلك المجلس ولم أحضر له ذات يوم مجلسا بسبب حداثة سننا في حينها إذ كانت الوسيلة لسماعه هي شريط الكاسيت أو ( البكرة ) الحسينية التي كانت لاتظهر للعيان سوى في شهر محرم أو في شهر رمضان ثم تعاد لمخبأها السري خوفا من أن يعلم بها رجال الأمن في ذلك الزمن الذي حل فيه نظام البعث كابوسا على الشعائر .
لم أنسه وهو ذلك الخطيب الذي كان يأخذ بقلوبنا وأرواحنا الى عالم آخر حيث الذوبان فيما يصف من وقائع ومصائب جرت على أهل بيت الوحي وهو يغرد بالطور البحراني ويقرأ أشعار ابن فائز وملا عطية الجمري ثم ينتقل دون أن يربك مشهد الحزن الى الابوذية ومنها الى أطوار أخرى حتى تمتلأ النفوس حزنا ولوعة وتنهمر الدموع حتى كأن الطف شاخصة بأحداثها أمام العيون  .. 
كان يتحدث بلغة يخاطب بها أهل الفطرة وبسطاء الناس ولم يكن يقحم في بحثه الحزين لغة صعبة على المتلقي رغم تمكنه من الغوص في بحر اللغة العربية واستخراج اللؤلؤ والمرجان منه .
أتذكره وقد تحدث يوما عن شجاعة القاسم بن الحسن عليهما السلام بطريقة تشرح الصدور وتوحي بقوة عزم الفتى الهاشمي في نصرة عمه في أرض الطفوف ، فلما رأى الانشراح في صدور الجلساء عند منبره لوصف البطولة هذا ، استغلها فرصة ليرى انهمار الدمع من اعينهم المتوجهة نحوه محتسبا الاجر لهم فقال مخاطبا إياهم : ( ها .. فرحت قريتلك بيت بيتين شجاعة .. هسة راح تبجي ) ثم عاد للواقعة وهو يصف مقتل القاسم بطريقة تدمي القلوب .
كان رحمه الله مبكيا للعباد كما وصفه أحد الشعراء وهو ينعاه ، وكان رحمه الله إذا رأى بوادر البكاء على جلساء منبره يقول بلهجته الحزينة : ( الحمد لله وصلت مقصودي )  فكان بحق بمثابة بشر بن حذلم فذاك ناعي أهل المدينة وهذا ناعي كربلاء .
كانت له دراية في فن تشطير وتخميس ابيات الشعر بطريقته حتى تشعر أنه زانها وأكملها وأتم معناها .. قال ذات يوم ناعيا بما نعى به ابن حذلم وقد أضاف على نعيه : 
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها ...
قتل الحسين فأدمعي مدرار ...
نادوه من تنعى فنعيك مزعج ...
فأجابهم ولسانه متلجلج ...
أنعى مليكا بأكليل الاله متوج ....
الجسم منه بكربلاء مضرج ...
والرأس منه على القناة يدار ....
شهد له السيد الخوئي قدس سره ببراعته حيث سمعه يخطب بالفارسية ، وقال عنه الدكتور الوائلي رحمه الله : أنه لو أراد أن يستمع لمصيبة الحسين ع فأنه سيستمع إليها بصوت الشيخ الكربلائي .
وشهد له منبر الحسين عليه السلام بالوفاء والاخلاص والصدق فنال بذلك توفيقا عظيما وحسبه أنه خدم المنبر بهذا العطاء ..
رحم الله شيخنا الكبير هادي الكربلائي الذي كلما مر ذكره تذكرنا أبياته الشهيرة الخالدة : ( ياللـي تناشـدني عليمـن تهمـل العيـن ... كـلّ البكا والنـَّوح والحسـره علـى حسـين.. ) .
السلام على منبر الحسين وعلى من ارتقاه مخلصا له العزاء .


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : A H AL-HUSSAINI ، في 2021/05/03 .

لم أنسه إذ قام في محرابه ...
وسواه في طيف الكرى يتمتع ..
قصيدة الشيخ قاسم محيي الدين رحمة الله عليه .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=124225
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16