• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مثل هذا فليُقرأ القرآن .
                          • الكاتب : كاظم الحسيني الذبحاوي .

مثل هذا فليُقرأ القرآن

عند قراءتي لهذا المقال سمعتُ صوت سورة المنافقون مدوياً يخترق حجب كثير كبير غفلتي، وانغماسي في واحة مترامية من حقيق دفين نسياني .. أجل ذلك القرآن العظيم الذي لم تفتأ آياته تحمل معها (قنابل) مسيلة لدموع المحبين الغارقين في دنيا يخجل من معطياتها وغرورها الميّتين قبل موتتهم وأجسادهم حية ترفل بالطيب ،مؤنقة بالسمو ،موشّحة بالرفعة والعلو .
 تقول هذه السورة في كلام لها مخيف ،وبيان يفجّر كوامن الصم الصياخيد منيف ،إنه خطاب الربّ المتلطف لرسوله صلى الله عليه وآله المترأف [إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)] . انظر إلى هذا التحذير الربوبي كيف أنشأه المنشئ : يجيءُ المنافقون إليه صلى الله عليه وآله ليشهدوا بألسنتهم قائلين : نشهد ،والله لم يعبأ بشهادتهم لعلمه أنهم (ماذا؟) إنهم لكاذبون !
سؤال : لماذا وصفهم الله تعالى بالكذب ولم يصفهم بالإفك ؟
جواب : الكذب غير الإفك ، الكذب يحمل بعضاً من الحقيقة ،وهم قالوها بألسنتهم .لكن الإفك هو مقلوب الحقيقة ! تقول العرب للرياح التي تسير على غير وجهتها أنها مؤتفكة .وللأسف فات هذا المعنى على الكثير من أرباب التفسير وصنّاع المعاني !
 ألم ترّ إلى القرآن يستعمل الكذب في غير الموارد التي يستعمل فيها الإفك ؟
 لكننا سنرى أنهم يستعملون الإفك في نهاية مطافهم كما سيجيء في الآية الرابعة!
الآية التي تليها تفسّر كيف أنهم كاذبون بقولها :[ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2)] والكلامُ فيها واضح ،وهو جوهر الموضوع !
 ثم تـُكمل الآية الثالثة رسم هذه الصورة الناطقة : [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)] .
يا للهول .. هؤلاء من الذين آمنوا ولا يعلم الناس بهم أنهم كفروا!!
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)
هذا هو المخيف ، هذا هو الذي تقشعرّ منه جلودنا !
كيف أن كلامهم المعسول يُعجب رسول الله صلى الله عليه وآله ،ويسمع قولهم ؟
فكم هؤلاء مقتدرون خطرون ؟!
كيف بي وأنا الغافل النائم الجاهل المتضعضع، إذا رأيتُ أحداً منهم ،ماذا سيفعل بي ؟
سؤال : هل أن القرآن يسرد لنا قصة ، أم أنّ هؤلاء موجودون في زماننا ؟
الجواب عندك في مقالك هذا !

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : كاظم الحسيني الذبحاوي ، في 2012/01/05 .

تعليق
ان المعصوم عليه افضل الصلاة والسلام يعلم علم اليقين بالمنافق ومع هذا يحذر الله جل وعلا اولياءه فكيف بي وانا الضعيف المسكين المستكين. انه عندما اقرأ بعض البحوث من السادة المتبحرين الغائصين في وجدان القرآن الكريم تنتابني افكار بإعتزال الامه والجلوس يالدار لما في عصرنا هذا من فتن النفاق والمنافقين نستجير بالله ..... نستجير بالله

mohammed Al bdyri
07905923482

جوابٌ على التعليق
السلام عليكم . بحسب ما أفهمه أنّ المقام مقام تحذير شديد متوجهٌ إلى الأجيال اللاحقة ،والأجيال التي سوف تأتي في ما بعد ، إلى أن يأذن الله لوليه بالنصر ليطهر الأرض من أولئك المنافقين ومن اختراعاتهم وقياساتهم ، حتى لا يتصور متصورٌ أن المنافقين لا يشكلون خطراً عليهم ، فهم أناس ليسوا بساذجين لم يمتلكوا مصادر القوة المادية وربما غيرها أيضاً . فلا عجب أنهم يشكلون خطراً حقيقياً حتى على هذا الرسول صلى الله عليه وآله لولا أن عصمه الله تعالى منهم ومن خططهم الخبيثة .ولو يتأمل العالم معي ما جاء في سورة العلق الشريفة ، لأريتهم كيف أنّ الله تعالى يفضح مخططات قوم تلبسوا بلباس التقوى بحيث انطلت على الناس حقيقتهم ،فالحمد لله الذي تفضل على بعضنا وأنار لهم طريق الرشاد .انظر ماذا تقول سورة العلق هذه .
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَه (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)
انظر معي سددك الله:مَن هذا الذي يأمر بالتقوى ،ثم كذّب وتولّى ؟؟
ثم ما مناسبة قوله تعالى : ألم يعلم بأنّ الله يرى ؟
هذا المنافق الخطير عالمٌ بما يقوم به ، لكنّ هواه غلب عليه ، وحبّه للرئاسة سيقضي على أحلامه ، أجل هو ناصية قومه أي رئيسهم وعنده نادٍ كبير فيه رجال أشداء !!
كذلك فإنّ في هذا المقام إشفاق على هذا الرسول صلى الله عليه وآله ممّا يحيط به مخاطر حقيقية تشلّ العقل البشري الاعتيادي !!

كاظم الحسيني الذبحاوي



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=12843
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19