• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عندما يردد الحيدري اشكال ابن تيمية حول عصمة الأئمة (ع)! .
                          • الكاتب : د . عباس هاشم .

عندما يردد الحيدري اشكال ابن تيمية حول عصمة الأئمة (ع)!

يستشكل الحيدري على آية التطهير (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ، من أن مفاد التطهير هنا  إما أن تكون ارادة تشريعية لتطهيرهم فتكون الآية انشائية والإنشاء ليس فيه أي منقبة ولا خصوصية ، فالخطاب موجه لهم ولغيرهم بوجوب العمل على تزكية أنفسهم باتباع الشريعة المقدسة ليكونوا طاهرين وليست خاصة بهم، وإما أن تكون تكوينية، أي أن الله طهرهم تكويناً، فيكونوا مجبرين على عدم المعصية فتسقط ميزة العصمة عن الاعتبار، أي لا ميزة لهم في عصمتهم لأنهم مجبرين على ترك المعصية. 

ويذكر العلامة السيد علي الميلاني أن هذا الاستشكال طرحه ابن تيمية قبل الحيدري بقرون. (أنظر كتاب: آية التطير، السيد علي الميلاني، ط1، 1421هـ، مركز الأبحاث العقائدية م / قم، ص 27)  

ولكن عصمتهم في هذه الحالة ليست من سنخ خلق فلان أبيض وعلان أسود، أو طويل والآخر قصير، حيث لا دور لهما في هذا الشأن. وحتى يتبين الفرق من أن عصمتهم بأي وجه كان وأي تفسير لا ينتقص من فضلهم كما يزعم الحيدري، نقرب بهذا المثال: إننا نمتلك العصمة حيال بعض الأمور فلا نقع مثلا في مجرد الرغبة فيها فضلا عن فعلها،  فلا يمكن التفكير في أكل القذارة فضلا عن الاقدام على أكلها؛ فالله لم يجبرنا على عدم أكل الجيفة والفضلات، إذ يمكن أن يفعل الإنسان ذلك فيما لو أراد، بالتالي نفهم من ذلك أننا لسنا مجبرين على ترك أكل القذارات والفضلات.

وعلى النمط نفسه العصمة عن تناول القذارات المعنوية، متمثلة في ارتكاب القبائح ومساوئ الأخلاق، ولكن هذه العصمة تحصل بالنسبة لغير المعصوم بالتدريج، فبعد مجاهدة النفس يصل الإنسان إلى درجة لا يفكر في الذنب فضلا عن أن يقترفه، ولو خطر على باله خاطر السوء لاستقبح نفسه وأنبها واستحى من ربه وتحسّر على عمره الذي يمضي دون أن يرتقي في أولى درجات معارج الكمال، وهذا تجده على لسان المعصوم في الصحيفة السجادية" (اللَّهُمَّ وإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ مَا خَالَفَ إِرَادَتَكَ ، أَوْ زَالَ عَنْ مَحَبَّتِكَ مِنْ خَطَرَاتِ قَلْبِي ، ولَحَظَاتِ عَيْنِي ، وحِكَايَاتِ لِسَاني).

بالتالي لماذا لا يكون الأئمة هكذا ولكن منذ ولادتهم ينفرون من القبائح ومداني الأخلاق، فكما نحن يمكننا أكل القذارة ولكن ننفر منها منذ الصغر، هم أيضا يمكنهم المعصية ولكن ينفرون من الذنب نفورنا من أكل القذارة؟

إن هذه الإشكالية خاطئة ولا تنتقص من ميزة العصمة، فهي تنطبق على الأنبياء أيضا ومنهم النبي محمد صلى الله عليه وآله، فإن لم تكن لعصمة الأئمة ميزة لهم فليس للأنبياء ميزة أيضا لعصمتهم، بل لا ميزة لهم لنبوتهم، فعندما اختار الله محمدا نبيا لم يخيّره، ومع ذلك لا يقال هذه ليست ميزة له بسبب أن ذلك ليس بيده، بل الله يقول أنه فضله بذلك، وكذلك فضل الأنبياء باختيارهم أنبياء ومدح سلوكهم وإيمانهم، فهل مدحه لا معنى له. وحتى عندما يمنح الله شخصا ذكاء خارقا لا يقال أن ذلك لا ميزة له لأنه مجبر عليها، فقد ميزه الله بمثل هذه الخصلة وهو إن أحسن الاستفادة منها رفع بذلك درجته دنيا وآخرة.

ويبقى السؤال: لماذا استمات الحيدري منذ ٢٠١٤ في دحض ضرورة القول بعصمتهم عليهم السلام ودحض القول بضرورة القول بأن النبي صلى الله عليه وآله قد عيّن عليا إماما على الأمة حتى أفتى بعدم ضرورة هذين الأمرين  في عام ٢٠١٨؟ هل ذلك نتيجة تأثره بالفكر الحداثي أم أن تقمص الحداثة وادعاء أن عنده مشروع حداثة إسلامية مجرد جلباب لهدم المذهب؟ الأيام ستكشف المزيد

‏ 

ملاحظة١: هنا الفيديو للمحاضرة بكاملها  استمع عند الدقيقة ٥٠ وكيف يزعم أن الاشكال صعب حله جدا ويسخر قائلا إذا لم تكن تشريعية ولا تكوينية نجعلها خنثى

ملاحظة٢: المقال ليس في صدد البحث عن دلالة الآية على عصمتهم ولكن لدفع اشكال الحيدري الذي هو اعادة لاشكال ابن تيمية لسلب أهل البيت منقبة القول بعصمتهم




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=130348
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28