• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ،وإلى الباطل لا يُتناهى عنه !!! .
                          • الكاتب : كاظم الحسيني الذبحاوي .

ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ،وإلى الباطل لا يُتناهى عنه !!!

البيان الحسيني الخالد الذي ضمّ هذه الجملة الخطابية التي وجهها الإمام الحسين إلى الأمّة ،فالمخاطب هم المسلمون إيقاظاً لهم من غفلتهم التي استثمرها معاوية ونصَّب ابنه يزيد حاكماً متلسطاً عليهم .
والعجيب أنّ الحسين حينما أفضى إلى الأمة بهذا البيان الخطير ، كان المسلمون حينها في موسم الحج يؤدون مناسكهم وصلاتهم وزكاتهم ،وباقي طقوسهم وفي هذا رسالة واضحة أنَّ قيام الناس على أداء الطقوس العبادية من دون أن تأخذ أثرها المطلوب على دقائق أنماط السلوك اليومي للحاكم وللمحكوم على نحو سواء ،فإنّ الإسلام سيـُفرغ من محتواه الإلهي فيتخذه المتسلطون شعاراً تختفي وراءه مخططاتهم ،ولكنهم يمارسون أعمالاً تتنافى مع أبسط أحكام الله ،من قتل وتشريد وسلب للممتلكات وتحريف لكتاب الله ،وإماتة للسنن ،ثم إشاعة الفساد والفواحش وانتهاك الحرمات في الوقت الذي يرفعون الشعارات الإسلامية الفارغة من أي محتوى ؛وإلاّ أي إسلام هذا الذي يبيح ارتكاب الجيش الحكومي الأموي في كربلاء لفضائع سطرها المؤرخون الحكوميون ،فضلاً عمّا ورثناه من أخبار صحيحة من مصادرها المعتمدة. من ذلك ما جرى لسبايا الطف من امتهان وتعذيب وتنكيل ،بعدما أشاع السفيانيون أن هؤلاء خوارج خرجوا على (أمير المؤمنين يزيد) ،وقد أظفره الله تعالى بهم ،فابتدعوا عيداً أسموه بعيد الظفر تحتفل به حالياً بعض التجمعات الواقعة تحت تأثير الفكر الأموي. كذلك ما قام به جيش الأمويون عند استباحتهم للمدينة ثلاثة أيام ،ثم ما قاموا به من إحراق الكعبة المشرفة بالمنجنيقات في معركتهم مع عبد الله بن الزبير . والأخطر من هذا هو أن الحكـّام المتسلطين على الأمّة يجعلون ما يقومون به هو الإسلام الذي أنزله الله على رسوله الكريم (ص) ،فيصدقهم الناس الذين يحسنون الظن بهم على أنهم خلفاء الحق تعالى ،فكلما يصدر عنهم من قول أو فعل؛ إنما هو قول الله وفعله .
وبالطبع فإن خروج الحسين عليه السلام لابد أن يكون عملاً يستهدف إسقاط نظام يزيد عسكرياً ،وإحلال نظام العدل الإلهي مكانه لا باعتبار أن كرسي الحكم هدفاً يسعى إليه الحسين ؛وإنما لا يمكن الاعتماد على الموعظة الكلامية وحدها لتقويم العوج وإزالة أسباب الفساد .قال تعالى في الآية 25 من سوة الحديد:( ولقد أسلنا رُسلنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس وليعلمَ اللهُ من ينصه بالغيب إنّ الله قويٌّ عزيزٌ) فعلـّة إرسال الرسل بالبينات وإنزال الكتاب والميزان هي إقامة القسط في الأرض ،وهو لا يتم إلاّ من خلال إقامة النظام السياسي المعبّر عنه في هذه الآية بـ ( الحديد) ،فماذا يمكن أن نتصور أن يقوم به الإمام الحسين لو قدر له الإنتصار العسكري على الجيش الإموي؟،هل سيمكث في المسجد مكتفياً بالقاء الخطب والمواعظ على الناس ؟؟
والملاحظ أن خطاب الإمام الحسين هذا يمتدُّ تأريخياً ليشمل جميع الأزمنة اللاحقة لحقبة الطف ،فقد أسقط هذا الخطاب النبوي /الحسيني جميع الكيانات التي تتسلط على المسلمين بالحديد والنار ، ثم تتقمص بقميص الإسلام وإمرة المؤمنين زوراً وبهتاناً وبأغطية إسلامية يضفيها عليهم علماء القصور المضلـّين الذين يصدرون الفتاوى التي تلزم المسلمين بإطاعة الحكـّام الفراعنة على أنهم ولاة الأمر الذين تحرم مناجزتهم والخروج عليهم .
ولهذا نجد أنّ الحكام الفراعنة ترتعد فرائصهم من النهضة الحسينية المباركة ،فتراهم يناجزون الحسينيين الحرب الإعلامية بوصفهم لهم أنهم مشركون ،أو مبتدعون ،أو عُبّادٌ للقبور ،أو مغالون ، أو أتباعٌ للآخرين من غير المسلمين ،فضلاً عن زجهم في أتون السجون بدعوى التآمر على خليفة المسلمين وولي الأمر ،في الوقت الذي يشيعون في أجهزتهم الإعلامية أنهم يقتفون أثر الحسين في ثورته على الظلم وبعبارات مبهمة تقبل التلاعب بها وتسويقها على الملايين  .
كذلك لا يحق لمدَّع ٍ أن يدَّعي انتماءه إلى الحسين في وقت يمارس الظلم والاستعباد للناس بالخفاء، على أنه من المسلمين اتكاءً على ممارسته لبعض الطقوس الدينية الفارغة من أي محتوى إنساني وأخلاقي ،ويجعل ما يقوم به هدفاً بحد ذاته ،فالحسين عليه السلام أسقط بخطابه هذا جميع أنواع الأغطية الإسلامية من دون أن يسعى القائمون عليها بإرساء دعائم الحق ،وتقويض أسس الباطل ؛وإلاّ فإن الإسلام يستحيل إلى مجموعة من الطقوس الباهتة التي تنفر منها الأجيال ،فتدعوا إلى الإنعتاق من الإسلام والفرار إلى اعتناق أفكار يصنعها لهم أعداؤهم وهم لا يعلمون  .
فمن هذا الخطاب نفهم أن نهضة الحسين هدفها إزالة أسباب تعطيل الحق من قبل الأمويين بحيث صارت الأمور أنه لا يـُعمل به وذلك باستبداله بمبادئ باطلة تتخذ الإسلام شعاراً لتحقيق المصالح الشخصية من دون أن تنبسط حاكميته في الأرض .


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : عزيز الخزرجي ، في 2012/01/15 .

سلمت يداك أيها الكاتب القدير .. فآلحسين(ع) بيّن بموقفه الاسلام الحقيقي .. حين خالف الناس بخروجه من مكة, حيث أراد أن يبين لهم بأن الطقوس العبادية لا اثر و لا معنى لها حين يتحكم بأمورهم و ثرواتهم ألظالمون .. و هذا أمر هام و أساسي يجب على كل مسلم فهمه و وعيه, بارك الله فيك و حفظك ذخراً للاسلام و المسلمين



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13173
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28