• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح427 سورة المزمل الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح427 سورة المزمل الشريفة

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة المزمل في العشاء الاخرة أو في آخر الليل كان له الليل والنهار شاهدين مع سورة المزمل وأحياه الله حياة طيبة وأماته ميتة طيبة .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1}

تستهل السورة الشريفة بمخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ) , ايها المتلفف بثيابه , وكان نائما "ص واله" عند نزول الوحي عليه .  

 

قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2}

تستمر الآية الكريمة (  قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ) , أحيي الليل بالصلاة  الا قليلا منه .

 

نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً{3}

تستمر الآية الكريمة (  نِصْفَهُ ) , نصف الليل , (  أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ) , او انقص من النصف قليلا .    

 

أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً{4}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ) , او زد على النصف , (  وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) , اقرأه بتأني وتؤده , معطيا لكل حرف حقه , متوقفا عند كل مكان وقف .   

( عن الصادق عليه السلام قال القليل النصف أو أنقص من القليل قليلا أو زد على القليل قليلا . 

عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال قال أمير المؤمنين عليه السلام بينه بيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أفزعوا قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً{5}

تستمر الآية الكريمة (  إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ ) , سننزل عليك , (  قَوْلاً ثَقِيلاً ) , القرآن , وللمفسرين عدة اراء في ثقله , نذكر منها :

  1. القرآن : ثقيل لما فيه من التكاليف والاحكام , فأن ذلك مما يثقل على المكلف .
  2. القرآن : عليه "ص واله" , حيث تتغير حاله عندما ينزل عليه شيئا من القرآن , فيتصبب عرقا الى غير ذلك .
  3. ان الثقل ليس للقرآن , بل لقيام الليل , بدلالة الآية الكريمة اللاحقة .     

 

إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً{6}

تستمر الآية الكريمة مقررة (  إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ ) , هو القيام من النوم للعبادة , او هي العبادة التي تنشأ في جوف الليل , فأنها تكون :

  1. (  هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً ) : اشد ثباتا وتأثيرا على القلب .
  2. (  وَأَقْوَمُ قِيلاً ) : وهي اسد واثبت واصدق قولا , لفراغ القلب من مشاغل الدنيا , ولهدوء الاصوات .       

( عن الصادق عليه السلام في قوله إن ناشئة الليل الآية قال قيام الرجل عن فراشه يريد به الله عز وجل لا يريد به غيره وفي رواية لا يريد إلا الله ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً{7}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً ) , ان لك في النهار وقتا طويلا , في قضاء مصالحك وحوائج , وما فاتك من النوم في الليل .  

( عن الباقر عليه السلام يقول فراغا طويلا لنومك وحاجتك ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً{8}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) , مصليا وداعيا ومسبحا , (  وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ) , وانقطع اليه جل وعلا بالعبادة انقطاعا تاما كليا , مجردا نفسك من هموم الدنيا ومشاغلها , والتبتل كما يرى القمي هو تحريك اليدين والسبابتين .   

(  عن الامام الصادق عليه السلام التبتل الايماء بالإصبع .
وعنه عليه السلام إن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة وفي رواية هو رفع يدك إلى الله وتضرعك إليه .

عن الكاظم عليه السلام التبتل أن تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

 

رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً{9}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) , مالكهما , (  لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) , لا يستحق العبادة الا هو جل جلاله , (  فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً ) , اعتمد عليه , فوّض امورك اليه جل وعلا .  

 

وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً{10}

تستمر الآية الكريمة (  وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ) , على ما يقوله كفار مكة عنك , بقصد أذيتك وامعانا منهم لمحاربتك وصد الناس عن الاسلام . (  وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ) , تاركهم متاركة لا أذى فيها , مخالفا افعالهم الباطلة , معرضا عنهم , و (  هَجْراً جَمِيلاً ) , لا جزع فيه .   

 

وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً{11}

تستمر الآية الكريمة (  وَذَرْنِي ) , دعني واياهم , (  وَالْمُكَذِّبِينَ ) , وجهاء قريش , أئمة الكفر , (  أُولِي النَّعْمَةِ ) , ذوي التنعم , (  وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً ) , زمنا قليلا , حتى قضاء آجالهم , بعض المفسرين يرون انهم من قتل في واقعة بدر من اكابر المشركين , لكن الآية الكريمة لا تختص بهم فقط , بل تشمل كل زمان ومكان .    

 

إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً{12}

تستمر الآية الكريمة (  إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً ) , جمع نكل وهو القيد الثقيل , (  وَجَحِيماً ) , نارا مستعرة محرقة .  

 

وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً{13}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ ) , يغص به , كالضريع والزقوم , (  وَعَذَاباً أَلِيماً ) , زيادة على ذلك , فأن لهم عذابا اليما لا يعلمه الا الله تعالى , لم تبينه الآية الكريمة لشدة هوله وخطورته .   

 

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً{14}

تضيف الآية الكريمة (  يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ ) , في يوم تضطرب وتتزلزل وتخسف الارض والجبال , (  وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً ) , مثل الرمل , بعد ان كانت صلبة . 

 

إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً{15}

تقرر الآية الكريمة مخاطبة اهل مكة (  إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً ) , الرسول الاكرم محمد "ص واله" , (  شَاهِداً عَلَيْكُمْ ) , يشهد عليكم يوم القيامة بالطاعة او بالعصيان , (  كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ) , كما ارسلنا الى الطاغي فرعون موسى "ع" .  

 

فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً{16}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) , فكذب فرعون بموسى "ع" , (  فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً ) , فأهلكناه هلاكا شديدا ,  والآية الكريمة في محل تحذير من تكذيب النبي الكريم محمد "ص واله" , فيصيب المكذبين له مثلما اصاب فرعون وجنوده . 

 

فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً{17}

تستمر الآية الكريمة (  فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ ) , في الدنيا , (  يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً ) , من شدة الهول والفزع .   

 

السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً{18}

تستمر الآية الكريمة (  السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ ) , تنفطر وتنشق السماء في ذلك اليوم , (  كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) , وعده جل وعلا بذلك اليوم متحقق لا محالة .   

 

إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{19}

تستمر الآية الكريمة مقررة (  إِنَّ هَذِهِ ) , الآيات المخوفة الموعودة , (  تَذْكِرَةٌ ) , عظة للناس , (  فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ) , أي تقرب اليه جل وعلا بسلوك طريق التقوى والطاعة .   

 

إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{20}

تستمر الآية الكريمة مقررة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى ) , أقل , (  مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ) , كما امرت به , (  وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) , وطيف من المؤمنين تأسوا بك , فقاموا الليل , (  وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) , وهو جل وعلا يحصي الليل والنهار , او وهو جل وعلا يعلم مقادير ساعات الليل والنهار , (  عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ ) , ان لن تحصوا تقدير الاوقات وضبط الساعات , (  فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) , ترخيصا برفع قيام الليل المقدر , ورفع التبعة فيه , (  فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) , ما امكنكم , (  عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى ) , في مكنون علمه عز وجل , ان يكون منكم مرضى , (  وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ) , يسافرون فيها طلبا للتجارة او طلبا للعلم , (  وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) , وغيرهم , فئة ثالثة تقاتل في سبيل الله تعالى احياءا ونشرا لدينه , وكل الفرق الثلاثة يشق عليهم ذلك "قيام الليل" , (  فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) , القرآن , (  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) , المفروضة , (  وَآتُوا الزَّكَاةَ ) , فيما وجب منها , (  وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ) , هو كل ما ينفق في سبل الخير , مما لا يعد نفقة واجبة , كالصدقات والتبرعات , (  وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً ) , أي ما قدمتم لأنفسكم من الخير , تجدونه عند الله جل وعلا افضل وخيرا منه , (  وَأَعْظَمَ أَجْراً ) , من الذي تؤخرونه الى حين الوصية عند حلول الموت , كأن يقول المحتضر موصيا الاهل "تصدقوا بكذا وكذا عني" , فأن ما يتصدق به المرء في حياته , أكثر ثوابا من الذي يتصدق له بعد مماته , (  وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ) , في جميع احوالكم , فأنكم لا تخلون من التفريط او اجتراح بعض الذنوب , (  إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) , يقرر النص المبارك , ان الله تعالى كثير المغفرة لمن طلبها مستغفرا , رحيماً بالمؤمنين .             

( عن الباقر عليه السلام في قوله إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ففعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك وبشر الناس به فاشتد ذلك عليهم وعلم أن لن تحصوه وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ومتى يكون الثلثان وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة أن لا يحفظه فأنزل الله إن ربك يعلم أنك تقوم إلى قوله علم أن لن تحصوه يقول متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية فاقرءوا ما تيسر من القرآن واعلموا أنه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=134909
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 06 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28