• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كويكب آنـَّا دييغو .
                          • الكاتب : الشاعر محمد البغدادي .

كويكب آنـَّا دييغو

يقول الخبر: ((أطلقتِ الأرجنتين اسم "آنَّا دييغو" على كويكب صغير في الفضاء، واختير الاسم تخليدًا لذكرى آلاف المعارضين الذين اختفوا أو تمَّت تصفيتهم على يد العسكر الذين حكموا الأرجنتين قبل ثلاثة عقود، و"آنا دييغو" طالبةٌ جامعية اختفت أوائل الثمانينيات بعد مشاركتها في تظاهرة طلابية ضد العسكر، ولم يُعثر لها على أثر منذ ذلك الوقت، أما اليوم فستتمكن والدتها من النظر إلى السماء لترى ابنتها وهي تتألق وسط النجوم)).

كم "آنَّا دييغو" في العراق يا تُرى؟ كم شابًّا وشابَّةً تمَّت تصفيتهم أو اختطافهم أو إخفاؤهم على أيدي البعثيين والصداميين والتكفيريين والغزاة على امتداد أكثر من ثلاثة عقود من تاريخ العراق المعاصر؟ وكم كويكبًا ونجمًا سنحتاج لتخليدهم؟ بل كم مجرةً ستكفي؟ ومتى سيتفرغ العراقيون للتفكير بتخليد أبنائهم؟

لا أرغب بالإجابة على هذه التساؤلات انطلاقًا من السياسية، فمن شأن السياسة أن تلوِّث الإجابة، رغم أهمِّيتها في صياغتها، ولكنني أرغب بالاقتراب من شواطئها ثقافيًّا، فالثقافة تلوِّنُها وتعطيها زخمًا فكريًّا ووعيًا جديدًا لم يكن فيها.

إنَّ تخليدَ ذكرى ضحايانا لا يحتاج إلى قرار سياسي تتخذه الكتل النيابية أو غير النيابية، ولا يحتاج إلى مبادرة من النخبة السياسية، بقدر حاجته إلى إرادة شعبية مبنية على وعي يؤسِّسهُ قادة الوعي الثقافي.

وعليَّ أن أعترف أنَّنا – ويا للأسف – لم نتَّفقْ حتى الآن على تعريفٍ موحَّدٍ لضحايانا! بل إنَّ شريحةً عريضةً من الشعب لم تتقبَّلْ حتى الآن فكرةَ أنَّ الذين دفنهم النظام الساقط – مثلاً – في مقابر جماعية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أو الذين أبادهم بالأسلحة المحرمة، أو الذين نفاهم، وهجَّرهم، ودمَّر مُدنهم وقراهم، هم ضحايا يستحقون التذكُّر والتكريم!

إنَّ النظر إلى هذه القضية يجب أن يتمَّ من خلال إشاعة المبادئ الإنسانية السامية، ومن خلال نشر وعي يجعل المجتمع يرى الجريمة جريمةً بغض النظر عن فاعلها، فالجريمة وقعت، ويجب الاتفاق على أنها جريمة، وأن الذين وقعت عليهم ضحايا.

وهنا بالتحديد تقع المسؤولية على قادة الوعي، من مثقفين ومفكرين وشعراء وفنانين ومبدعين، فالوعي الجمعي لا يتغيَّر إلا بإيعاز من هذه الشريحة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13841
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29