تغييب الوعي هى أحد أهم وسائل إسقاط الدول والأنظمة والمجتمعات، والوعي المقصود هنا ليس الوعى السياسي أو الوعي بحقوق الإنسان، ولكن المعركة تبدأ مع تغييب الوعي الديني والثقافي والفني والصحي لتنتهي بشعب مغيب سياسيا، فيسهل السيطرة عليه وتوجيهه، وهذا ما تعرضنا له منذ 16 سنة في العراق، وما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة لهذا التغييب المتعمد والمتأتي من مؤامرة تم التخطيط لها، ثم التنفيذ بعناية وترتيب، وطبقت فيها أحدث أساليب الحرب، حروب الجيل الرابع، حيث تنطلق الحرب بدون رصاص ولكن تحت شعار "لا تقتل عدوك.. دعه يقتل نفسه"
والتأثير على الوعي هو الهدف الذي تسعى إليه كل الأطراف المتنازعة بغض النظر عن أيديولوجياتها ومنطلقاتها الفكرية والسياسية ، بل إن صناعة الوعي البشري هي فلسفة الصيرورة التاريخية ففي القرآن الكريم يرد قول الله تعالى "ليحق الحق ويبطل الباطل" أي أن غاية صيرورة الأحداث عبر التاريخ البشري هي أن يكون الناس قادرين على التمييز بين الحق والباطل، فالتاريخ يسير في اتجاه صناعة وعي الناس بالحق "حتى يتبين لهم أنه الحق "، أي أن الهدف والغاية من أحداث التاريخ الكبرى والصغرى، ومفاصله ومحطاته الأساسية هو الدفع بصناعة وعي كامل، وجعل الناس قادرين على التمييز بين الوعي الصحيح والوعي الفاسد والزائف.
ومنذ ستة عشر عام وبكل ما تحمله الأيام من محن وصعوبات وتحديات وحروب فكرية وعسكرية ممنهجة برز من بين ازقة النجف القديمة صوت هادر وهو صوت المرجعية العليا المتمثّلة بالسيد السيستاني ادام الله بركات وجوده ليصنع الوعي الكامل والحقيقي والصادق ليكمل الصيرورة التاريخية وليكون جزء من المشروع الالهي، فأعاد للوطن هيبته وللمجتمع حرية فكرة وإرادته، من دون ان يفرض عليه رأي او قول، فأراد من الشعب ان ينهض بوعيه ويتحمل مسؤوليته ويقول قولته في كل المواقف، بحرية واقدام وقوة وعزيمة واصرار ووطنية، من دون وصاية او تدخل، فالتمسك به يأخذنا الى بر الامان بعيداً عن الحروب الإقليمية وصراعاتها والمؤامرات الدولية وقراراتها وبعيداً عن الإمبراطوريات والاحلام الشيطانية والخسارات الدنيوية والأخروية والوطنية وليبقى القرار عراقي فقط وفقط.
|