• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الصوفي والرسالي ، في نقطة افتراق حقيقية .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

الصوفي والرسالي ، في نقطة افتراق حقيقية

التصوّف والرهبانية في الإسلام يمثلان مشكلة حقيقية طالما عالجها القرآن الكريم وسنّة وسيرة المعصومين ومن اتّبعهم من الصالحين ، فلقد ورد بهذا الصدد :

{ أنه جاءت امرأَةُ عثمان بنِ مظْعون إِلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله - فقالت : يا رسولَ اللَّه إِنَّ عثمان يصومُ النَّهَارَ وَ يَقُومُ اللَّيْلَ .فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله - مُغْضَباً يَحْمِلُ نَعْلَيْهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي . فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ حِينَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وآله - .

فَقَالَ لَهُ : يَا عُثْمَانُ لَمْ يُرْسِلْنِي اللَّهُ تَعَالَى بِالرَّهْبَانِيَّةِ ، وَ لَكِنْ بَعَثَنِي بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ ، أَصُومُ وَ أُصَلِّي وَ أَلْمِسُ أَهْلِي ، فَمَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي ، وَ مِنْ سُنَّتِيَ النِّكَاحُ " }* .

ففي الوقت الذي يسعى فيه الصوفي الى توجيه الزخم الايماني والعبادي نحو كمال نفسه والتحليق بها الى درجات قربية هو يريدها او يتوهمها ..! فإننا نجد أن المسلم الرسالي لا يختزل الإسلام في شخصه وإنما يحاول بسطه على أوسع مساحة اجتماعية لأنه يؤمن أن الرقي الحقيقي في الإسلام هو رقي أممي جماعي وليس فردي أو شخصي ..

نعم ، لا بد ان تكون للمسلم شخصية إيمانية خاصة ولكن لا بد أن يعلم بأن هذه الشخصية مهما علت فإنها ستقف عند مستوى معين لا يستطيع الانتقال الى ما هو أعلى منها الاّ مع الأمة ومع الجماعة ..

ولهذا فإن قوله تعالى ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) لعله تشير الى هذه الحقيقه من خلال الرقي والفوز الجماعي بالجنة ( زمرا ) ، بل حتى الآية التي تتحدث عن الدخول الفردي لمؤمن ال فرعون ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ) فيها إشارة واضحة الى عمله الجمعي ومحاولاته مع قومه رغم فشلها الاّ أنه بالتالي عبد الله بروح الجماعة وبقيت هذه الروح عنده حتى قبيل دخول الجنة .

يقول أحد الصوفية ( صعد محمد النبي الى السماوات العلى ثم رجع الى الأرض ، قسماً بربي ، لو أني بلغت هذا المقام لما عدت أبدا ) ..!!
بينما محمد - ص وآله - عاد ، والفرق أن مرحلة الشهود هي غاية الصوفي والرهباني ، بينما عند الرسالي هي مرحلة تزود في طريق السير الكوني العالمي الى الله تعالى .. فتأمل

_____________

* الكافي 494/5




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=140334
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 12 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19