• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المطالبة بالحقوق تمرّ بالتعسّف وتنتهي بالتطرّف .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

المطالبة بالحقوق تمرّ بالتعسّف وتنتهي بالتطرّف

للتعسّف تعريفات وتطبيقات كثيرة وكلها تشترك في معنى واحد تقريباً وهو : الاستعمال غير المشروع للحق ..

فمثلاً : للأب حقوق معيّنة على أولاده وزوجته ، فتراه أحياناً يستغل هذا الحق إستغلالاً غير مشروع إلى الحدّ الذي يتجاوز به على حقوقهم الخاصة ويصبح ظالماً لهم ، فانتقل هنا من صاحب حق الى ظالم .. !!

ونفس الشيء ينطبق على تعامل الدولة مع شعبها ، فبالوقت الذي يكون فيه لأجهزة الدولة على المواطن حقوق معينة ضرورية لتأدية واجباتها الاّ أننا نجد بعض الدول تتمادى أحياناً في إستعمال أو طلب هذه الحقوق إلى الدرجة التي تصبح فيها ظالمة لشعبها .

ويمكن أن يحصل العكس تماماً ، اي الشعب يتعسّف على الدولة في أخذ حقوقه ويصبح هو ظالماً لها ، كما حصل - تأريخياً - في قضية الاحتجاجات الاي قامت ضد خلافة عثمان بن عفان والتي انتهت الى حصاره في داره ثم قتله ، وكان رأي أمير المؤمنين عليه السلام واضحاً وقد قام بتحميل الطرفين مسؤولية الخطأ في استعمال الحق حيث قال "ع ": اِسْتَأْثَرَ - اي عثمان - فَأَسَاءَ اَلْأَثَرَةَ وَ جَزِعْتُمْ - المُعارضون - فَأَسَأْتُمُ اَلْجَزَعَ وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي اَلْمُسْتَأْثِرِ وَ اَلْجَازِعِ ..

ولا ينتهي الأمر عند التعسّف ، وإنما الخوف كل الخوف من الوصول إلى حدّ التطرّف ، والذي هو نسخة مطوّرة للتعسّف ، ويحصل عادة كردّة فعل ناتجة عن عدم التعامل بالشكل الصحيح مع حالة التعسّف والإهمال المتراكم للحقوق . فالتطرف القومي والتطرف الديني والمذهبي والتطرف القبلي والشعبي .. الخ أحد أهم أسبابه هو عدم الاستجابة للمطالب الطبيعية بالحقوق في أول الأمر ، فلمّا لم تجد جواباً مناسباً .. انتقلت الى استعمال غير مشروع في أخذ الحق ( تعسف ) ، ثم لم تجد جواباً مناسباً ايضاً أو واجهت تعسّفاً مُضاداً ، فانتهت الأمور الى التطرف .. فحلّت الكارثة ..!

وهذا المفهوم ينطبق على جميع الحقوق ، صغيرها وكبيرها ، والمعادلة التي رسمناها ( مطالبة طبيعة للحق - تعسّف بأخذ الحق - تطرّف ) تتوالد ذاتياً ، فهذا الفقير مثلاً الذي له حقوق على الدولة والمجتمع قد يصل فيه الحال الى التطرف والمبالغة في استعمال الأساليب المؤدية الى سدّ رمقه ، ولهذا يقول أمير المؤمنين "ع" : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ..

فلتنتبه الدول الى حقوق شعبها لأن طريق المطالبة مفتوح الى ما لا تحمد عقباه ..! ولتنتبه المجتمعات إلى حقوق أفرادها أو حق الدولة عليها ، فتوزيع الحقوق على مستحقيها كفيل بإنتاج مجتمعات متوازنة وصالحة ورشيدة ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=140784
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 01 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19