• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عزاء الله .. شكله ومضمونه .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

عزاء الله .. شكله ومضمونه

الآية : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) ..

هذه الآية المباركة من سورة يوسف تتحدث عن حزن نبي الله يعقوب ع على فراق ولده يوسف النبي ع ..

والحزن حسب معاجم اللغة هو : خلاف الفرح ، وهو حالة من الغمّ والكآبة الباطنية ، ويُترجِم عنه الظَّاهر في الغالب ...

وقابلية الحزن مما فُطر عليه الإنسان ، وأسبابه عديدة بتعدد إهتمامات الشخص وطبيعة شخصيته ..

وعلاج الحزن يكون بالعزاء ، والعزاء لغة : هو المواساة ، والمواساة : ما يخفف الحزن ويزيد صاحبه تصبّرا ..

ولهذا :

** تارة يكون الإنسان الحزين هو من يقوم بالعزاء ليخفف عن حزن نفسه .. كأن يبكي أو يشكو لغيره همومه أو يتذكر مصائب غيره ويتأسى بها .. الخ

** أو يأتيه العزاء ( المواساة ) من غيره .. فيبكون معه ويشاركونه حزنه أو يذكرون له بما يزيد من تصبره وتجلده .. الخ

وكلا العزائين ( الذي يقوم به الشخص لنفسه أو لغيره ) تارة يكون خاضعاً للضوابط العقلائية الإسلامية وأخرى يخرج عن سيطرتهما ونطاقهما ..

فمن العزاء الإسلامي الشخصي مثلا : أن تكون شكوى المسلم لله تعالى ويطلب منه أن يرفع أو يخفف عنه الحزن والهم والغم ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون ) ..

ومن العزاء الإسلامي الشخصي ايضا هو الصبر الجميل الخالي من الجزع والإعتراض على الله ( معاذ الله ) وإحتسابه قربة الى الله تعالى وتذكر مصائب الانبياء والأوصياء واهل البيت ع وتذكير النفس ما للصابر من اجر عظيم وأن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد وأن الصبر مفتاح الفرج .. الخ ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ) ..

أما العزاء الإسلامي الذي يقوم به الغير للحزين فمنه مثلا :

تذكير الآخر بأن الله قريب من عبده المؤمن المظلوم والمكسور القلب ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) ..
أو يعرض المواسي على الحزين المساعدة بما يخفف من همه ( وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ ۖ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِين ) ..

ولكن هنالك عزاء ثالث لكل مسلم ولكل مؤمن حزين ومهموم ، والمعزي فيه هو الله سبحانه وتعالى ، وهذا العزاء نجده في القرآن الكريم ومبثوث في آياته ، وعلى كل مؤمن محزون أن يتذكر أو يقرأ هذه الآيات ليخفف عن همه وحزنه مع ملاحظة أن أكثر الآيات نزلت بحق الرسول ص او ممن عاصر نزول الوحي من المؤمنين ولكن لا شك أن قاعدة الجري والتطبيق جارية وأن المورد لا يخصص الوارد ثابته .. ومن هذه الآيات نذكر :

** عزاء الله لمن يخسر معركة وهو على حق : ( لا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) ..

** عزاء الله لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر : ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) ..َ
** وأعطى الله بشارة للصابرين بأن الله معهم ( إن الله مع الصابرين ) ..
وغيرها عشرات الآيات ..

وهنا نصل الى ( عزاء الله ) الذي وصى به الإمام الحسين ع اخته زينب ع ( يا أخية ! اتقي الله وتعزي بعزاء الله ) .. كيف هو ..؟

والجواب : من الممكن أن يفسر بالأشكال الثلاثة أعلاه أي :

1. عزاء الشخص المحزون لنفسه وفق المعايير الاسﻻمية .. بمعنى : يا زينب واجهي حزنك الذي ستحزنينه بسبب قتلي بعزاء تقومين به أنت وﻻ تتعدي به خطوط الشريعة .. كبث شكواك لله تعالى واصبري الصبر الجميل .. الخ
2. عزاء الشخص لغيره الذي قد ألم به الحزن على أن يكون وفق المعايير الإسﻻمية .. وكأنما يقول لها إذا أردتي أن تخففين على أي محزون بما جرى علينا في كربلاء فليكن عزائك وفق الشريعة .. او لا تقبلين عزاء احد لك الا وفق الشريعة ..
3. عزاء الله للمحزونين من المؤمنين .. ع .. أي تذكري عزاء الله لك .. فاصبري فسيكون الله معك ، وتذكري مالك من الله من أجر وثواب وأن نصر الله سيأتينا آجلا وإن حبس عنا عاجلا.
ولقد التزمت عليها السلام وشيعة أبيها أعزهم الله بالأنحاء الثلاثة
...اللهم وفقنا لعزاء الله




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=141869
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 02 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19