• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أضواء على إمامة علي الهادي ع / المنشور الخامس .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

أضواء على إمامة علي الهادي ع / المنشور الخامس

اسئلة فكرية تُعرض على الإمام ع : لم يجد المسلمون اجوبة شافية وردود حاسمة على أعمق الاسئلة وأعقد المشاكل الفكرية بكافة فروعها ، العقلية والدينية والعلمية والتاريخية ... مثل تلك الاجوبة التي تصدر عن ائمة أهل البيت ع ومن تغذى وتربى في مدرستهم وحوزتهم سلام الله عليهم ، ولعل شعار ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها ابو الحسن ) هو شعار الأجيال الاسلامية على طول التاريخ .

ومن نماذج الاسئلة التي أجاب عنها الامام الهادي ع هي تلك التي وجهها يَحيَى بنِِ اكثَمَ ( قاضي قضاة البصرة ، فقيه وراو للحديث ) ، نعرضها كما وردت :

قالَ موسى بنُ محمد - ابن الرِّضا - : لَقيت بنَ اكثم في دار العامَّة ، فسألني عن مسائلَ ، فجئتُ الى اخي عليُّ بن مُحمد (ع) فدارَ بيني وبينهُ من المواعظِ ما حَمَلَني وبَصَّرني طاعتهُ ، فقلت له : جُعلت فداك إنَّ ابنَ اكثمَ كتبَ يسالُني عنْ مسائلَ ، لِأفتيهُ فيها ، فضَحِكَ (ع) ثُمَّ قال : فهل ْ افتيتهُ ؟ قُلْتُ : لا ، لمْ اَعرفها ، قال (ع) : وما هيَ ؟

قُلْتُ : كتبَ يسالُني عنْ : قَولِ الله : (قال الَّذي عِِنْدَهُ عِلْمٌ من الكتاب انا آتيك به قبل انْ يرتدَّ اليكَ طرْفُكَ) نبيُ اللهِ كان محتاجاً لعِلْمِ آصفَ ؟

وعنْ قولِهِ : ( ورفعَ ابويهِ على العرش وخرُّوا له سُجَّدا ) سجدَ يعقوب وَوِلْدَهُ لِيوسفَ وهم انبياء ؟

وعن قوله : ( فإنْ كنتَ في شكٍّ ممّا انزلنا اليك فاسئلِ الّذين يقرءونَ الكتاب) مَنِ المُخاطَبُ بالآية ؟ فإنْ كان المُخاطبُ النبيَّ (ص) فقد شكَّ ، وإن كان المخاطَبُ غيرَهُ فعلى منْ اذاً اُنزلَ الكتاب ؟

وعن قولهِ : (ولو اَنَّ ما في الارض من شجرةٍ اقلامٌ والبحرُ يمُدُّهُ مِنْ بعده سَبْعةُ ابحرٍ ما نفدت كلمات الله ( ما هذه الابحرُ واين هيَ ؟

وعن قولهِ : (وفيها ماتشتهيهِ الانفسُ وتَلذُّ الاعين) فاشتهت نفْسُ آدم (ع) اَكْلَ البُرِّ فاكلَ واطعمَ ( وفيها ما تلذ الانفس ّ)فكيف عُوقبَ ؟

وعنْ قولِهِ : ( اَو يزوِّجُهُمْ ذُكراناً وإناثاً ) يُزوِّجُ اللهُ عِبادهُ الذُّكرانَ وقد عاقب قوماً فعلوا ذلكَ ؟
وعنْ شهادةِ المراَةِ جازت وحدها وقد قال الله ُ: ( واَشهدوا ذَويْ عدلٍ منكم ) ، وعنِ الخنثى وقوْلِ علىٍّ (ع) : يورَثُ مِنَ المبالِ ، فَمَنْ ينظرْ إذا بالَ اليهِ ؟ معَ اَنَّهُ عسى اَنْ يكون اِمراَةَ وقد نظرَ اليها الرِّجالُ ، اَوْ عسى اَنْ يكونَ رَجلاً وقَدْ نَظرتْ إليهِ النِّساءُ ، وهذا ما لا يحلُّ . وشهادةُ الجارِ الى نفْسِهِ لا تُقبَلْ ؟

وعنْ رَجُلٍ اَتى الى قطيع غنَمٍ فرأى الرّاعيَ يَنزو على شاةٍ منها فلَمَّا بَصُرَ بصاحبها خَلَّى سبيلها ، فدخلتْ بين الغنمِ كيف تُذبَحُ وهل يجوزُ اكلُها اَمْ لا ؟

وعنْ صلاةِ الفجرِ لِمَ يُجْهَرُ فيها بالقراءةِ وهيَ مِنْ صلاةِ النهار وإنَّما يُجهَرُ في صلاةِ اللّيلِ ؟

وعنْ قوْلِ عَليٍّ (ع) لابنِ جُرمُوزٍ : بَشِّرْ قاتل ابن صفِيَّةَ بالنّارِ ، فَلمْ يقتُلْهُ وهوَ إمامٌ ؟

واَخبِرْني عَنْ عليٍّ (ع) لِمَ قتلَ اَهلَ صفّينَ واَمرَ بذلك مُقبلينَ ومدبرينَ واَجازَ على الجرحى ، وكان حُكْمُهُ يَومَ الجملِ اَنَّهُ لمْ يقتلْ موَلِّياَ ولم يُجِْزِ على جريحٍ ولَمْ ياَمرْ بذلك ، وقالَ : مَنْ دخلَ دارهُ فهوَ آمنٌ ، ومَنْ اَلقى سلاحهُ فهوَ آمنٌ ، لِمَ فَعَلَ ذلكَ ؟ فإنْ كانَ الحُكْمُ الاَولُ صَواباً فالثاني خطأٌ .

واَخبرني عن رَجُلٍ اَقَرَّ باللواطِ على نفسهِ أٌَيُحَدُّ ، أٌَم يُدْرَءُ عنهُ الحَدَّ ؟ .

قالَ (ع) : اُكتبْ اليهِ ، قُلْتُ : وما اكتبُ ؟ قال (ع) : اُكتبْ : بسم الله الرَّحمان الرحيم - وَاَنتَ فاَلهمك الله الرُشْدَ - اَتاني كِتابُكَ فامتحنتنا بهِ مِنْ تعنتكَ لِتَجِدَ الى الطعن سبيلاً إنْ قَصُرنا فيها ، والله يُكافيك على نيتك ، وقد شرحنا مسائلكَ فَاَصغِ اليها سَمْعَكَ ، وَ ذَلّل لها فَهْمَكَ ، واَشغِلْ بها قلبك ، فقد لَزِمَتْكَ الحُجَّةُ ، والسلام .

1- سألْتَ عَنْ قولِ اللهِ جَلّ وَعزَّ : ( قال الَّذي عندهُ عِلمٌ منَ الكتابِ ) فَهوَ آصفُ بنُ بَرْخِيا ولَمْ يَعْجِزْ سُليمان (ع) عَنْ معرفةِ ما عَرَفَ آصِفُ لكنَّهُ - صلواتُ الله عليه - أحَبَّ أنْ يُعَرِفَ أُمَّتهُ منَ الجنِّ والانسِ أَنَّهُ الحجّة مِنْ بَعْدِه ، وذلك مِنْ عِلْمِ سُليمان (ع) أوْدَعَهُ عِنْدَ آصِفَ بِأمْرِ اللهِ ، ففهَّمَهُ ذلكَ لئلاّ يَختلفَ عليهِ في إمامتهِ ودلالتِهِ كما فُهِّمَ سُليمانُ في حياةِ داودَ (ع) لكي تُعْرَفَ نبُوَّتُهُ وإمامتُهُ مِنْ بَعْدِهِ لِتَأكُّدِ الحجةِ على الخلقِ .

2- وأمّا سُجود يعقوبَ (ع) وَ وُلْدهِ فكانَ طاعةً للهِ ومحبةً لِيُوسُفَ (ع) ، كَما انَّ السُّجودَ مِنَ الملائكة لِآدمَ (ع) لَمْ يَكُنْ لآدمَ وَإنّما كان ذلكَ طاعةً لله وَمَحَبَّةَ منهم لآدمَ (ع) ، فسجودُ يعقوبَ (ع) وَوُلْدِهِ ويوسُفَ (ع) معهم كانَ شُكراً لله باجتماع شَمْلِهم ، أَلَمْ تَرَهُ في يقولُ في شُكرهِ ذلكَ الوقتِ : (رَبِّ قد آتيتني مِنَ المُلْكِ وعلَّمتني من تأويلِ الاحاديث - الى آخر الآية -) .

3- وأمّا قولهُ : ( فإنْ كنتَ في شكٍّ ممّا انزلنا إليكَ فاسئلِ الذينَ يقرؤونَ الكتابَ ) فَإنَّ المُخاطبَ بهِ رسولُ الله (ص) ولمْ يكنْ في شكٍّ مِمّا اُنزلَ إليهِ ولكنْ قالتِ الجهلةُ : كيفَ لمْ يبعثِ اللهُ نبياً منَ الملائكةِ ؟ إذْ لمْ يَفْرُقْ بينَ نبيِّهِ وبيننا في الاستغناء عن المآكل والمشاربِ والمشي في الاسواق ، فاوحى الله إلى نبيِّهِ : ( فاسئلِ الذينَ يقرءونَ الكتابَ ) بِمَحْضَرِ الجهلةِ ، هلْ بعثَ اللهُ رسولاً قبلكَ إلاّوهوَ ياكلُ الطّعامَ ويمشي في الاسواقِ ولكَ بهمْ اُسوةٌ . وإنّما قالَ : ( فإنْ كنتَ في شكٍّ ) ولَمْ يكُنْ شكٌ ولكنْ للنَّصَفَةِ ، كما قالَ : ( تعالَوْا ندْعُ ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم ثُمَّ نبتهل فَنجعلْ لعنةَ الله على الكاذبين ) ، ولو قالَ : ( عليكم ) لمْ يجيبوا الى المباهلةِ وقد علِمَ اللهُ انَّ نبيهُ يؤدِّي عنهُ رسالاتهِ وما هوَ منَ الكاذبين ، فكذلكَ عَرَّفَ النبيُّ انَّهُ صادقٌ فيما يقول وَ اَحَبَّ اَنْ يُنْصِفَ مِنْ نفسهِ .

4- واَمَّا قولُهُ : (ولو اَنَّ ما في الارض منْ شجرةٍ اَقلامٌ والبحرُ يمُدُّهُ مِنْ بعدهِ سبعةُ ابحرٍ ما نفدتْ كلماتُ الله) فهوَ كذلكَ ، لوْ انَّ اشجارَ الدنيا اقلامٌ والبحرُ يمُدُّهُ سبعةُ ابحرٍ وانفجرتِ الارضُ عُيوناً لَنَفِدَتْ قبلَ اَنْ تنفدَ كلماتُ الله وهيَ عينُ الكبريت وعينُ انمرِ وعينُ البرهوتِ وعينُ طبريةِ وَحَمَّةُ ماسَبْذانَ وحَمَّةُ إفريقيةَ يُدعى لَسْنانَ وعينُ بحرونَ ، ونحنُكلماتُ الله الّتي لا تنفدُ ولا تُدْرَكُ فضائلنا .

5- وامَّا الجنةُ فإنَّ فيها المآكل والمشاربُ والملاهي ما تشتهي الانفسُ وتلَذُّ الاعينُ واباح اللهُ ذلكَ كلَّهُ لآدمَ (ع) ، والشجرةَ الَّتي نهى اللهُ عنها آدمَ (ع) وزوجتَهُ انْ ياكلا منها شجرةُ الحسدِ ، عهِدَ اليهما انْ لا ينظرا الى منْ فضَّلَ اللهُ على خلائقهِ بعينِ الحسدِ فنسيَ ونظرَ بعينِ الحسدِ ولمْ يجدْ لخُ عزماً .

6- وامّا قولهُ : ( اوْ يزوجهُمْ ذكراناً وإناثاً ) ايْ يُولَدُ لهُ ذكور يُولَدُ لهُ ، يُقالُ لكلِّ اثنين مُقرنين زوجان ، كلُّ واحدٍ منهما زوج ٌ ، ومعاذ الله انْ يكون عنى الجليلُ ما لَبَّسْتَ به على نفسك تطلبُ الرُّخْصَ لارتكاب المآثم ، ومنْ يفعل ذلكَ يَلْقَ اثاما ، يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلُدْ فيهِ مُهانا ، إنْ لمْ يتُب .

7- واَمّا شهادة المراة وحْدَها الّتي جازت فهي القابلة جازت شهادتها مع الرّضا فإنْ يكن رضىً فلا اقلَّ من امراتين تقوم المراتان بدل الرجلِ للضرورة ، لانَ الرجلَ لا يمكنهُ انْ يقومَ مقامها ، فإنْ كانت وحدها قُبِلَ قولها مع يمينها .

8- وامّا قولُ عليّ (ع) في الخنثى فهو كما قال : ينظر قومٌ عدُولٌ ياخذ كلُّ واحدٍ منهم مرآةً وتقومُ الخنثى خلْفهم عُرْيانة وينظرون في المرايا فَيَروْنَ الشَّبحَ فيحكمون عليهِ .
9- واَمّا الرجلُ الناظر الناظر الى الراعي وقد نزا على شاةٍ فإنْ عَرَفها ذبحها واحرقها وإنْ لمْ يعرفها قسمَ الغنمَ نصفينِ وساهم بينهما ، فإذا وقع على احدِ النصفينِ فقد نجا النِّصفُ الآخرُ فلا يزال كذلك حتّى تبقى شاتان فَيَقرعُ بينهما فاَّيتها وقع السَّهمُ بها ذُبِحَتْ واُحْرِقَتْ ، ونجا سائر الغنم .

10- وامّا صلاة الفجر فالجهرُ فيها بالقراءةِ ، لانَّ النبيَّ (ص) كان يُغَلِّسُ بها فقراءتُها من الليل .

11- وامّا قوْلُ عليّ (ع) :گ بَشِّرْ قاتل بنِ صفية بالنار ( فهوَ لقولِ رسولِ الله (ص) ، وكان ممَّنْ خرج يومَ النَّهروانِ فلمْ يقتلهُ اميرُ المؤمنين (ع) بالبصرة ، لانّهُ عَلِمَ اّنَّهُ يُقتَلُ في فتنة النَّهروان.

12- واَمّا قَوْلُكَ : إنَّ عَلّياً (ع) قتل اهل (صِفِّين) مُقبلين ومُدبرين واجاز على جريحهم ، وإنَّهُ يومَ الجملِ لمْ يُتْبِعْ مُوَلِّياً ولمْ يُجِزْ على جريح ، ومن القى سلاحه آمنهُ ومنْ دخلَ دارهُ آمنهُ . فإنَّ اهلَ الجمل قُتِلَ إمامهم ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها ، وإنّما رَجَعَ القوم الى منازلهم غيرَ مُحاربين ولا مخالفين ولا منابذين ، رضوا بالكفِّ عنهم ، فكان الحكم فيهم رَفْعَ السَّيْفِ عنهم والكفَّ عنْ آذاهم ، إذ لم يطلبوا عليهِ اعواناً ، واهل صِفِّينَ كانوا يرجعون الى فئةٍ مُستعدةٍ وإمامٍ يجمع لهم السلاحَ : الدُّروعَ والرِّماح والسُّيوفَ ويُسني لهمُ العطاء ، يُهيّءُ لهم الانزال ، ويعودُ مريضهم ، ويجبرُ كسيرهم ، ويداوي جريحهم ، ويحمل راجلهم ، ويكسوا حاسرهم ، ويرُدُّهُمْ فيرجعون الى مُحاربتهم وقتالهم ، فلمْ يُساوِ بين الفريقينِ في الحكم لما عرفَ من الحُكْمِ في قتال اهلِ التوحيد ، لكنَّهُ شرح ذلك لهم ، فمنْ رَغِبَ عُرِضَ على السيف اوْ يتوبُ مِنْ ذلك .

13- وامّا الرجلُ الذي اعترف باللواط فإنّهُ لمْ تَقُمْ عليه بيِّنة وانّما تطوعَ بالاقرار منْ نفسهِ ، وإذا كان للامام الذي منَ الله انْ يُعاقب عنِ الله كان له انْ يمُنَّ عن الله ، اما سمعتَ قولَ اللهِ : ( هذا عطاؤنا - الآية) قدْ انباناك بجميعِ ما سالتنا عنهُ فاعلمْ ذلِكَ.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=142119
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 02 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29