• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : كتاب بحث حول المهدي عليه السلام وملاحظات عدنان إبراهيم .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

كتاب بحث حول المهدي عليه السلام وملاحظات عدنان إبراهيم

يؤسس كتاب ( بحث حول المهدي ع ) للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) لمنهج رائدٍ في بحث القضية المهدوية وفلسفتها ويعد مدخلا لحل الكثير من تعقيداتها بالنسبة لغير الإمامية حيث تفاعلت في مطالبه أدوات المنطق والفلسفة والاجتماع والتاريخ ، وإن كان قد طغى عليه التحليل العقلي فهو لم يخلُ من التنبيه على كون النقل (النص) ركيزة أساس في إثبات المهدوية كواقع (اثبات المصداق) .

ومن أهم ما يمتاز به هذا البحث أنه وضع أمامه أهم الإشكالات وأخذ بالحسبان في أجوبتها أن لا يكون المتلقي إمامياً لذا بدلا من الابتداء ببحث جزئيات المسألة ومصداقها كما هي العادة في أكثر البحوث التي كتبت في القضية المهدوية بدأ السيد الشهيد بكبريات المسألة وعموماتها ، فبدلاً عن الابتداء بسؤال ما هو الدليل على وجود المهدي ع ؟ بدأ السيد الشهيد بالسؤال عن أصل إمكان مثل هذه العقيدة بلحاظ حيثية طول العمر الخارق للعادة ، فأثبت الإمكان العقلي باعتبار عدم لزوم التناقض من إثبات طول العمر لأن الحياة لا تستبطن الموت .

وكذلك أثبت الإمكان العلمي باعتبار عدم وجود المانع ، فمِنَ الناحية الفسيولوجية هناك رأيان في تفسير ظاهرة الهرم والشيخوخة يبتني أحدهما على أنها ليست قانونا طبيعيا في الخلايا والأنسجة وإنما هي نتاج عوامل ومؤثرات خارجية بالنسبة لها وعليه يكون الإمكان العلمي واضحا حيث لا يُعد طول العمر خرقا لقانون طبيعي بينما يبتني الرأي الآخر على ان الشيخوخة نتاج قانون طبيعي في الانسجة والأمر معه سهل أيضا إذ أنه بطبيعة الحال قانونُ مرن لذلك عمل ويعمل كثير من العلماء على استغلال هذه المرونة لإطالة معدل عمر الانسان وعليه فإن الخلود هو الذي يتنافى مع هذا القانون وأما طول العمر الذي ينتهي بالهرم والموت فيقع في هامش هذه المرونة .

فإن تم ذلك فبه وإلا فنلتزم بانه إعجاز بعد إثبات الإمكان العقلي والإعجاز وإن كان خارج دائرة العلم لكنه لا يتنافى معه لأن العلم غاية ما يمكنه إثبات الاقتران بين ظاهرتين وليس بمقدوره اثبات الضرورة لانها غيب بالنسبة له بعد إن بنى نفسه على اساس التجربة والملاحظة المنتظمة ، وبلحاظ ذلك لا يعد الاعجاز مخالفة لما هو ضروري الثبوت وإن خالف معطيات العلم .

وبعد إثبات الإمكان تدرج السيد الشهيد في الإجابة على الأسئلة الأخرى التي تضيق دائرتها بشكل مطردٍ وقد ارتكز في تشييد أجوبتها على مجموعة من الأسس المنطقية والفلسفية والاجتماعية والتاريخية ، كل سؤال بحسب ما يقتضيه وصولا الى السؤال الرابع الذي اهتم بتحديد هوية هذا الإمام وأنّه الحجة ابن الحسن ع وهنا لا مناص من اللجوء الى النصوص ثم تدرج بعد ذلك الى البحث في فلسفة الغيبة ومسائل أخرى تخص الإمام الثاني عشر وبطبيعته المعهودة في البحث لا يكتفي السيد بسرد الأدلة حتى يعمل على تحشيد القرائن المعضّدة لها.

وبصورة عامة أسس السيد الشهيد في هذا البحث لمنهج متينٍ في بحث القضية المهدوية لم يسبقه إليه أحد من المؤلفين ولكن للداعية الإسلامي عدنان ابراهيم ملاحظتان بخصوص بحث السيد الشهيد هذا ذكرهما في تسجيل له قبل بضعة سنوات وفي وقتها تصدى للإجابة عليهما عميد المنبر المعاصر السيد منير الخباز حفظه الله في إحدى محاضراته وخلاصتهما :

الملاحظة الأولى: إن القضية المهدوية قضية تاريخية دينية لا تثبت بالمنطق والفلسفة بينما استدل عليها السيد الشهيد بأدلة عقلية فلسفية فهذا من قبيل وضع الدليل في غير محله (خطأ منهجي).

الجواب: ما ذكره عدنان ابراهيم غير تام لأن السيد الشهيد قد أجاب على كل سؤال بحسبه ففي سؤال الإمكان اعتمد المنطق والفلسفة أما في سؤال الوقوع فقد اعتمد النص الديني وأما في سؤال فلسفة الغيبة فقد اعتمد السنن التاريخية والاجتماعية ، وهذا هو ما يقتضيه المنهج العلمي فالقضية المهدوية وإن كانت تاريخية دينية من جهة وقوعها ومصداقها الخارجي لكنها كغيرها من المسائل تعتمد على كبريات فلسفية في جذورها وأصولها ولا سيما فيما يخص سؤال الإمكان الذي هو مطّرد في جميع الفروع والعلوم لا يمتاز فيه علم عن آخر .

الملاحظة الثانية: إن القضية المهدوية وإن كانت ممكنة من جهة العقل والعلم لكنها غير ممكنة من وجهة نظر الدين لأنها تتنافى مع قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ومفاد هذه الآية أنه لا يُعطى الخلود لبشر لا قبل النبي ص ولا بعده والخلد لغة يعني العمر الطويل فهذه سنة الله في خلقه.

الجواب: يُجاب على هذه الشبهة نقضا وحلا وأما النقض فبقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} هذا كله قبل الطوفان وأما حياته بعد الطوفان فتلك قصة أخرى وكيف كان فإن القرآن الكريم قد أثبت العمر الطويل لنوح ع .

وأما الجواب الحلي فهو أنّ الخلد في الآية لا يراد به العمر الطويل وإنما يراد به عدم الموت وذلك بدليل قرينة المقابلة بين صدر الآية وذيلها فقوله تعالى {أفإن متَّ..} قرينة على أنَّ الخلد المنفي هو عدم الموت ، وهذا اسلوب بلاغي لا يخفى على أحد .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143264
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20