• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السفر عبر الزمن نحو شهر رمضان .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

السفر عبر الزمن نحو شهر رمضان

لدينا دعوة حضور سنوية الى ضيافة الله ومأدبته في شهر رمضان ( هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله ، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله ) - رسول الله ص - .

تلبية الدعوة يحتاج الى سفر ، ولكن ليس سفر الانتقال من مكان الى مكان ، وانما سفر لم نعتد عليه دائماً ، وهو الانتقال من زمان الى زمان .. !

وعليه .. فالسفر إلى شهر رمضان والفوز بضيافة الله تعالى تجتمع فيهما آداب وإحتياجات السفر من جهة ، وكذلك آداب ومتطلبات الضيافة من جهة ثانية ، والمُسافر في العادة بحاجةٍ الى زادٍ وراحلة ، والضيف الى لياقة وأناقة ، وكلا الإحتياجين - السفر والضيافة - يختلفان بإختلاف المسافر والمُسافَر اليه وطبيعة المسافة بينهما .

أمّا زادنا وراحلتنا الى هذا المقطع الزمني الفضيل يتمثل بكل ما يقلل ثقل التوجه اليه ويخفف من صدمة الدخول فيه ، فكون هذا الشهر فيه حزمة من التروك والإقلاع عن حزمة من العادات والممارسات المعتادة ، أضف الى ذلك قائمة من الأعمال والأفعال التي ترافق تلك التروك وتعقبها من عبادات ونوافل .. كل هذا يحتاج قبل الوصول اليه الاعتياد على بعضه أو مطلق التهيؤ اليه بما يناسبه ويحقق تلك التهيئة ، وكلٌ بحسبه ، وخير ما يعيننا على هذا السفر ويُحقق لنا هذه التهيئة هو محطة شهر شعبان ، فهو خير مدخل لسيّد الشهور - كما ورد - ، عن النبي الأكرم صلوات الله عليه ( أتَدرونَ لِمَ سُمِّيَ شَعبانُ شَعبان َ؟ لِأَنَّهُ يَتَشَعَّبُ مِنهُ خَيرٌ كَثيرٌ لِرَمَضانَ ) ..

وأما لياقة الضيف ولباقته فهو نفس الالتزام بآداب هذا الشهر الفضيل وأداء فرائضه ونوافله والتشدد ما أمكن على النفس من أجل الحصول على أعلى درجات الالتزام وأرقى مستويات التطبيق .. في ايام هذا الشهر ولياليه .

ومن أصول الضيافة هو حصول نوع محاورة بين الضيف وصاحب الضيافة ، يُظهر فيها كل طرف مشاعره بإتجاه الطرف الآخر ومدى تقديره لديه ، فلنستمع اذن في وقت الضيافة الى كلام الله كثيراً في القرآن المجيد ، ولنُسمع كلامنا لمضيّفنا من خلال الدعاء والتضرع والتوسل اليه والوقوف بين يديه ..

يروى بأن الضيف يخرج ويُخرج معه ذنوب أهل دار الضيافة معه ، في حين ضيافة شهر رمضان يخرج الضيف من ذنوبه هو ، عن رسول اللَّه‏ ص وآله : (مَن صامَ رَمَضانَ وقامَهُ إيماناً وَاحتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِه ِ، ومَن قامَ لَيلَةَ القَدرِ إيماناً وَاحتِساباً غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ) ، وعنه ص وآلع أيضاً : ( شَهرُ رَمَضانَ شَهرٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيكُم صِيامَهُ ، فَمَن صامَهُ إيماناً وَاحتِساباً خَرَجَ مِن ذُنوبِهِ كَيَومٍ وَلَدَتهُ اُمُّهُ ) .

والسفر عبر الزمن له مفهوم ديني قبل ان يكون له مفهوم فيزيائي ، فبعد أن كانت فيزياء نيوتن تعتبر ان الزمن مطلق لا يتغير بتغير الظروف ، فإن فيزياء انشتاين أقرّت بإن لا إطلاق في الزمن وإن قياسه يختلف بإختلاف الجُمل الفيزيائية المحيطة به ..

وبهذا بدأوا يقتربون من الحقائق القرآنية التي طالما أشارت الى هذا الاختلاف ، ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) .. وهكذا السفر الى الشهر الفضيل ، فأن زاده الخاص وراحلته وسائر آدابه كفيل بإختزال وقته وبالشكل الذي يشير اليه رسول الله ص واله ( ( لَو يَعلَمُ العِبادُ ما في رَمَضانَ لَتَمَنَّت أن يَكونَ رَمَضانُ سَنَةً ) ..

السَّلامُ عَلَيكَ مِن قَرينٍ جَلَّ قَدرُهُ مَوجوداً ، وأفجَعَ فَقدُهُ مَفقوداً ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143640
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16