• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إنك تدعوني فأُوَلِّي عَنْك، وتَتَحَبَبُ إليَّ فأَتَبَغَضُ إليك.... (دعاء الإفتتاح) .
                          • الكاتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي .

إنك تدعوني فأُوَلِّي عَنْك، وتَتَحَبَبُ إليَّ فأَتَبَغَضُ إليك.... (دعاء الإفتتاح)

دعاءٌ شريفٌ، عالي المضامين ومن الأدعية التي يُدْعى بها في كلّ ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك. سُمِّيَ بالإفتتاح لأنه يبدأ بالحمد والثناء لله تعالى.(( اللهم إني أفتَتِحُ الثناءَ بحمدك)). دعاء تربوي أخلاقي عقدي، يهذب النفس ويذكرها بآلاء الله ونعمه وقديم مَنّه وعظيم إحسانه. فقرات عديدة ومهمة تستوجب التوقف عندها قليلا، لنعيش الأجواء الروحية كي نصل إلى الغاية المنشودة، ألا وهي رضا الله تعالى، وتجاوزه عن خطيئاتنا، وصفحه عن ظلمنا وستره عن قبائح أعمالنا.
 شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىَ للناس وبينات من الهدى والفرقان. شهر دُعينا فيه إلى ضيافة الله سبحانه. شهر العبادة والتضرع إلى الله تعالى وطلب العفو والمغفرة والنجاة من النار والفوز بالجنّة والرضوان.. أيام هذا الشهر الفضيل قصيرة، ولياليه أقصر من أيامه، وساعاته تمضي كالبرق، وهي تمر مرّ السحاب. فعلينا إستثمار هذه الفرصة  الذهبية، وهي دعوة الله تعالى ليغفرلنا. كنت أتحدث بهذه الكلمات مع أحد السادة المحترمين فإستوقفني متسائلا: هل ياترى دعاء الإفتتاح فعلا للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف. قلت لجنابه المحترم: ياسيدي كنتُ أقول قبل قليل بأن ساعات هذا الشهر الفضيل تمر بسرعة فائقة، وحتى طلبة العلم يعطلون الدروس في شهر رمضان، ويبدأ موسم التبليغ لعلوم القرآن ومجالس الوعظ والإرشاد. وقراءة الأدعية المأثورة. فالدعاء هو مخ العبادة كما ورد في الحديث الشريف. إمّا الخوض في سند الدعاء فيمكن تأجيله إلى شوال إن إبقانا الله تعالى وأدركناه. 
سبحانك ياسبحان تحبنا وتريدنا أن نحبك وبيدك لابيد غيرك مقاليد السماوات والأرض. وأنت الملك الجبّار المتكبر وخالق السماوات والأرض ومبتدعهما بغير عمد خلتقتهما وفتقتهما. يتحبب المولى الكبير المتعال لعبده الضعيف الصغير، الذي لايقوى على القيام والقعود إلاّ بحول الله وقوته. رسائل الله تعالى تترى إلينا. آيات بينات تدعونا أن نتقرب للذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد ويعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور، يدعونا ليغفر لنا فنأبى إلاّ تمردا وإبتعادا وعصياناَ.
سبحانك ياسبحان.. تدعونا لتغفر لنا الخطايا وتدفع عنا الرزايا ومايهمنا ومالانهتم به من أمر الدنيا والاخرة. فما بالنا نُدبر ولانُقبل. بلْ مالي أنا المذنب المقصّر وكأنَّ في أُذُنّيَّ وّقْرا!!! 
ومع كل هذا الإعتراف بالذنب والتقصير، أراني حينما يدعوني الحق تبارك وتعالى ليغفر لي، أعرض عنه، وألهو بعيدا عن مجالس التوابين. يتحبب إليّ وهو الغني عني وأنا المفتقر إليه، يرشدني إلى أبواب رحمته فلا أطرقها، يفتحها لي بجوده وكرمها فلا أتقدم بخطوة واحدة لِاألجَ فيها. يتقرب إلي وهو ليس محتاجا لي. ((أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى مامنحني به من مِنَنِهِ وإحسانه)).
ولازلتُ ناكراً للجميل وفي سباتٍ عميق!!!
يدعوني لأسأله من فضله، وإذا سألته أعطاني، وإذا أعطاني أغناني عمّن سواه، وإذا أغناني عمّن سواه أعزني، وإذا أعزني فقد قربني منه. لكني أدبر لأني قد خُدِعتُ بهذه الزائلة الفانية، التي هي ليست دار بقاء وخلود. مع إدباري وعدم سؤالي له يعطيني، وأنا مدبر يقبل عليّ. ماأرحمك يارباه وماأقساني ياخالقي!!! 
يعطي بلا سؤال. بل يعطي حتى من لايعرفه ((يامن يعطي من سأله، يامن يعطي مَن لم يسأله ومن لم يعرفه تحنناً منه ورحمة)). هكذا يكون عطاء الملك، الغني، الكبير والسيد.
سبحانك ياسبحان.. لم يكن عطاؤك محظوراَ على أحدِ من خَلْقِك ((كلّاً نَمُدُ هؤلاءِ وهؤلاءِ من عَطاء ربّك وما كانَ عطاءُ رَبِّكَ مَحْضوراً)). فالبر والفاجريتمتع بنعم وعطاء الله تعالى في الدنيا. والآخرة عند ربك أخصها للمتقين.
فالبشرى للمتقين أمثالكم أيها السادة (( فبشِّرْ عِبادِ الذين يَستمِعونَ القولَ فّيَتَّبِعونَ أحْسَنَهُ)). فمن للعاصين أمثالي!!!
((إلهي إن كنتَ لاترحمُ إلاّ المطعين فمن للعاصين)).
سبحانك ياسبحان.. تتحبب إلينا بنعمك وإحسانك وكرمك، وأنت الغني عنا، فنتبغض إليك بالمعاصي والذنوب، وبالكفران والجحود، ونحن أفقر شيء إليك. 
هنيئاَ للصالحين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتدبرون القرآن عند تلاوته، ويجتهدون في التضرع  إلى الله تعالى، يدعونه رَغَبَاً ورَهَبَا. أولئك يرجون تجارة لن تبور.
(( إنَّ الذينَ يّتلونَ كِتابَ اللهِ وأقاموا الصَّلاة وأنفقوا سِرَّاً وعلانيةً يرجونَ تِجارةً لنْ تبور)).
فإلى متى أسَوّفُ بالتوبة وقد تصرمتْ ليالي هذا الشهر الفضيل، وإنقضتْ أيامه.
 وغدا ستوزع الجوائز على الذين كنا نسخر منهم في الحياة الدنيا، كنا نضحك وهم يبكون من خشية الله. لاندري ماذا يُفعلُ بنا في غد. والذين اتقوا في الغرفات آمنون، في مقعد صدقِ عند مليك مقتدر. لاندري مَن ينتظرنا هناك. وكيف ينتظرنا ومَن ينتظرنا... لاندري هل ستكون وجهوهنا مسودة لأننا هجرنا كتاب الله حتى في الشهر الفضيل، اللهم عفوك ورضاك والدار الآخرة ياغفّار. والذين اتقوا تتلقاهم الملائكة مرحبين بهم في جنّات النعيم والمقام الكريم. (( جنّاتُ عّدْنٍ يّدخُلونها ومّن صّلّحَ مِن آبائِهِم وأزواجِهِم وذُريّاتِهِم والملائكّةُ يدخولون عليهم مِن كل باب * سلامٌ عَليكم بِما صّبّرْتُم فّنِعمّ عُقبى الدار)). ((ووجوهٌ يومئذِ مُسفِرَة ضاحكة ٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ)).
لله درُّ القائل:
أحبً الصالحين ولستُ منهم        لَعَلي أنْ أنالَ بهم شفاعة
وأكرهُ مَن تجارته المعاصي       وإن كنا سوياَ في البضاعة

نسألكم الدعاء!
 


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد جعفر الكيشوان الموسوي ، في 2020/05/03 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أدعو الله صادقاً أن يبارك ويوفق القائمين بأمر هذا الموقع المبارك - كتابات في الميزان-
وأن يجعل لهم بكل كلمة حق تُنشَر، حسنة مباركة ويضاعفها أضعافا كثيرة ويسجلها في صحائف أعمالهم الصالحة وينفعهم بها في الدارين.
دمتم أبها السادة الكرام للنشر الواعي ولبث الحكمة وماينفع الناس في وقت قلّ فيه العاملون وكَثُرَ فيها أمثالي الجاهلون.
وفقني الله لنيل شرف خدمتكم والصالحين أمثالكم وتلك هي امنيني ومرادي.

دمتم والمتصفحين لهذا الموقع المتألق بنصرة الحق وأهله

دعواتنا واحتراماتنا

أصغر الخدم
محمد جعفر



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144061
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20