• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  لولا السيد السيستاني، لساخ العراق بأهله  .
                          • الكاتب : غفران الموسوي .

 لولا السيد السيستاني، لساخ العراق بأهله 

 "عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"

وانا اقرأ في كتاب الكافي من جزئه الأول،  استوقفني هذا الحديث ،  فعبارة ( لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت )، تذكرت فيها "العراق"، وتساءلت في نفسي، ترى كيف سيكون حاله، لو لم يكن السيد السيستاني موجود فيه؟
فكم مرة عصف به الموت، واصطلمه واستضعفه الأعداء، وتكالب عليه القتلة، وكلما اقترب من النهاية تأتي رؤى سماحته فتكون "المنقذ" له.
فها هي المخططات الأجنبية، والتجنيد الهائل من قبل الأطراف الخارجية ، والتنظيمات المسلحة المتوالدة مع الأحداث، ومشاريع الأحزاب، والخونة وغيرها من التحركات الممنهجة التي تهدف الى الإطاحة بهذا البلد، وتراهن على سلب ثرواته وخيراته و استعباد شعبه، وقد تنجح هنا أو هناك في تشتيت الآراء وصناعة الإرباك، إلا أنها في النهاية ستصطدم بمواقف لرجل تجري الحكمة على لسانه، يعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، بعد أن يشخص مكامن الخطر بمكامن حكمته ومداد علمه، فتخيب الظنون وتخسر المراهنات.
فعلى مدى السنين المنصرمة في العراق، كان صوت المرجع الاعلى (طال بقاؤه) سلاحا في وجه المتآمرين لإسقاطه في وحل الخراب والدمار، و سببا في خروجه من كبواته ومنزلقاته، فأبان سقوط النظام الدكتاتوري، هو من طالب في ان يكون العراق سيد نفسه يحكمه ابناؤه في الوقت الذي أراد الآخرون التحكم به والسيطرة عليه، وفي أزمة النجف الاشرف عام ٢٠٠٤ عندما كانت المدينة المقدسة قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، والضرب بالهاونات والمدافع، فكانت محاصرة بالدبابات، كان للمرجع الاعلى مبادرة للصلح والسلام استدعته إلى قطع رحلته العلاجيه في لندن والعودة سريعا إلى العراق لإخماد نار الفتنة، وقد تكلل جهده بالنجاح، فعم المدينة السكون، في الوقت الذي عول عليه الآخرين باقتتال شيعي شيعي، وفي فترة الحرب الطائفية هو من دعا إلى وحدة الصف والكلمة فخاطب العراقيين ابويا، و حرم دماءهم وأموالهم وأعراضهم شيعة وسنة، ولاننسى رسالته التي وجهها إلى عموم الشعب العراقي بخطه المبارك وختمه الشريف في ٢٢ جمادى الثاني عام ١٤٢٧ ه، مذكرا اياهم بقوله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار  فأنقذكم منها)،  بين فيها حرصه على أن يتجاوز أبناء البلد الواحد محنتهم دون الوقوع في شرك الفتنة الطائفية و المذهبية و العرقية، في الوقت الذي سعى الآخرون إلى تمزيق صفهم ووحدتهم واغراقهم بالدم، وعندما احتل داعش بعض مناطق البلاد، و وصولهم حتى أسوار بغداد انبرى سماحته بفتواه التأريخية التي جسدت أروع ملاحم النصر بالحشد المقدس والقوات الامنية، فقلبت السحر على الساحر وعبدت الطريق لولادة العراق الجديد، في الوقت الذي حاول الآخرون طمس هويته وتغييب مقدساته، ومؤخرا مع مجيء المظاهرات واحتجاج الشعب ضد الفساد تعامل سماحته بطرق متوازنة تحفظ البلد وابنائه ، فدعا إلى السلمية والتكاتف مرارا، ووجه بالتهدئة على لسان ممثليه ووكلائه ومعتمديه، ومنابر الجمعة شاهدا على ذلك، و لايزال سماحته داعيا إلى معالجة الأمور بحكمة بعيدا عن التصعيد، بغية تجنيب الشعب مزيدا من الفوضى والدمار واراقة الدماء، في الوقت الذي ارادها الآخرون كذلك، وكم من نداءات ونداءات له (دام ظله) كانت عينا ثاقبة، وصوتا هادرا يدمر مضاجع المتآمرين. 
السؤال الآن، لو لم يعمل سماحته على رعاية شؤون العراق ومصلحة شعبه، وتسديده بنصحه وتوجيهاته، ولم يأخذ زمام المبادرات الإصلاحية، فإلى ما سيؤول اليه الوضع في العراق؟! 
الله وحده يعلم إلى أي درجة من الانحطاط والضياع سيصل اليه، وكم من اللاواء (المصائب والشدائد) ستحل به، لكنه (دام ظله) لم يهمل رعايتنا ولم ينس ذكرنا حتى في عز ازماته الصحية، في صالات العمليات و لسانه يلهج بالدعاء إلى العراق والعراقيين بالأمن والاستقرار والعز والكرامة، فهمه الأوحد ان يرى العراق والعراقيين أعزة متكاتفين موحدين في السراء والضراء.
ومن الجدير ذكره ايضا الدروس البليغة التي تركها سماحته في نفوس الشعب العراقي، في التلاحم والتراحم في ظل فتوى التكافل الأخيرة، و التسامح والعفو والصفح والتعامل بالحكمة والموعظة، عندما ناشد السلطات بالإفراج عن الشخص الذي اساء إلى شخصه الكريم ومقامه الكبير، فهذه الدروس وغيرها ستكون منهجا يسير عليه ابناء البلد فيما بينهم فتسودهم روح المحبة والمودة والإيثار.
وكل هذا غيض من فيض، فهو كان ولا يزال صمام الامان وكلمة الفصل في المواقف الحرجة التي يمر بها العراق وشعبه، وهو المقاتل في سبيل وحدته وبقائه مزدهرا لامعا بين شعوب المنطقة والعالم، وفي مقابل هذا كله حين تسأله سيدنا ما الذي تريده منا كرد للجميل؟، يقول "لا اريد من العراق سوى موضع قبر أدفن فيه"! فحقا أقول
( هو قوام العراق ولولاه لساخ بأهله ).
في الحقيقة كم اتمنى لو بيدي شيئا عظيما أقدمه إلى هذا الرجل العظيم، قامة العراق الكبرى، لكني لا أملك سوى الدعاء في ان يمد الله بعمره في
خير وعافية، ويجعل يده في يد وليه صاحب العصر والزمان (عج) منقذ البشر ومطهر الأرض، فننعم في ظلهما بدولة العدل والسلام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144241
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29