• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العودة الى التربية الجادة   .
                          • الكاتب : د . عاطف عبد علي دريع الصالحي .

العودة الى التربية الجادة  

  يتطلع كل أب وأم الى تربية أبنائهم تطلع الأمل ويسعون الى هذا الأمر كالسعي نحو تحقيق حلم وإنجاز رسالة , كما يجتهد كل مربِ بأي صفة كانت لتحقيق الأهداف التربوية التي يخطو باجتهاد نحو إنجازها بل يحرص كل من يعمل في ميدان التنموية البشرية على إحداثها وبشكل جيد ومُتقن , وهم جميعاً بحاجة الى رؤى مُختلفة وآراء مُتعددة ومبادئ نافذة ومراجعة شاملة تعينهم على تحقيق آمالهم وأحلامهم وأهدافهم ومن ثم أحداث التربية في مجتمعاتهم .
     إن الحديث عن تربية الأبناء هو حديث عن صناعة ثقيلة في حياة البشر ومن ثم صناعة التنموية البشرية بكل معانيها وأبعادها وأنواعها ومكوناتها , ولن أكون مُغالياً حينما أقول إنها صناعة الحياة الطيبة أي حياة الجودة الشاملة للإنسان بكل أبعاده , ولعل هذا المعنى الأخير يدعوني لبرهنة واستدلال إن كل شيء على وجه الأرض التي نعيش عليها بقدرة الله تعالى ونتاج عقل الإنسان فإذا جادت تربية عقل الإنسان جاد كل شيء على وجه البسيطة ومن ثم جادت الحياة بأسرها , والإقرار بأن جودة التربية هي جودة الحياة يؤكد إنها صناعة ثقيلة وصُناعها يوجدون في حياة الإنسان مذ كان طفلاً وحتى شاباً يافعاً فهم الأب والأم والأسرة وهؤلاء يمثلون المؤسسة الرئيسة والأولى في هذه الصناعة ثم البيئة والأقران تشترك وترفد تلك الصناعة , هذه العوامل المشتركة تؤكد أهمية القوى البشرية في جعل للحياة وجود. 
      إذن التربية هي القلب النابض في جسم الإنسان أو المجتمع وأي اضطراب في هذا القلب هو ضعف لجسم الإنسان ومن ثم ضعف لعقل وروح المجتمع , وما الإنسان والمجتمع إلا شخصية تربت وتعلمت وأنتجت , ولعل هذا المنظور يقرر ضرورة أن تستوفي تربية الإنسان الشروط والمواصفات القياسية عقلاً وإداءً ووجداناً باعتباره نقطة البداية والوسط والنهاية في إحداث الحياة بمعناها الإنساني المتكامل , كما يمثل الكنز المكنون الذي جعله المفكرون مصدر القوة على هذه المسكونة من حيث تنميته لم تعد في باطن الأرض أو في رأس المال بل في عيون عقله وسمو روحه وومضات إبداعه ونبضات فكره ...... 


       وهنا نتسأل عن كيفية تحقيق التربية الصحيحة السليمة ؟ وللإجابة عن مثل هذا التساؤل قضية عظيمة الأثر والاحتياج إليها كبير في ظل الظروف التي نعيشها والتي جعلتنا نترقب تلك الإجابة عطاشا وننتظرها متلهفين ........ وها نحن نرى التربية قد أصبحت يتيماً بلا راعٍ وفرضاً بلا مؤدٍ وشرياناً جفت فيه الدماء بل تحولت الى جسد أفتقد طبيبه فأصابه الهزال , أي صناعتنا الثقيلة ضعفت فلا منتج يستحق التقدير ولا إنسان يحوز مقومات الجودة ولا حياة إنسانية تستقيم .
      لقد فارقت الأسرة مسؤولياتها التربوية وعادت مشغولة بتوفير مقوماتها الدنيوية , فالأب يعمل والأم تكافح والأبناء يعانون الافتقار الى الدفء الأسري وحنان الأمومة وتوجيه الأب...!!! 
نعم تخلت الأسرة عن التربية ورفعت أيديها عن رسالتها في بناء الإنسان حتى الأسرة التي لم تتخلى عن هذه الرسالة أصبحت تؤديها دون معرفة بطرائقها ووسائلها وأساليبها ودون إدراك لطبيعتها وهي في هذا الحال أحوج ما تكون لأن تعرف وتعلم من أين تبدأ ...... ؟ ؟  
     كما فارقت المدرسة التي تعد المؤسسة التربوية الثانية أهم وأقدس واجباتها والمُتمثلة بزرع قيم وأخلاقيات الإنسان وأهتمت بعمليتيَّ تعليم وتعلم ضيقة قد تنمي العقل قليلاً ولكنها عجزت عن تربية الكل الإنساني بمفهومه السامي إلا ما ندر , وبانفراط عقد التربية الإنسانية في هاتين المؤسستين انفرطت حبات العقد كلها وأصبح الحال في أمس الحاجة للعودة الى التربية الجادة التي خصنا الله تعالى بها .                               
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144597
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28