• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عندما تؤرخ الرذيلة لنفسها ! .
                          • الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي .

عندما تؤرخ الرذيلة لنفسها !

من أبرز من أرّخ لدعوة محمد بن عبد الوهاب تلميذه ابن غنَّام (1225هـ) في كتابه (روضة الأفكار) المطبوع بعنوان (تاريخ ابن غنَّام) ومن ثم ابن بشر (ت1290هـ) في كتابه (عنوان المَجد)(1) وابن بشر هذا تلميذ ابراهيم بن محمد بن عبد الوهاب .

فما يميز هذين الكتابين أنهما من تدوين كبار رجالات هذه الدعوة وروادها الذين عاصروا أحداثها وعايشوها بأنفسهم ، ومع ذلك أينما وضعت اصبعك منهما سيقع إما على كلمة في تكفير المسلمين أو في إباحة دمائهم وتوصيف طرائق سفكها! فما من بقعة من بقاع شبه الجزيرة العربية والبلدان التي حولها وطئتها أقدام أصحاب هذه الدعوة إلا وأخذوا سكانها بتهمة الكفر والزندقة حدّ الغرق بدمائهم لافرق في ذلك بين الرجال والنساء ولا الأطفال والشيوخ.

وإذا كان ذنب الشيعة من هؤلاء السكان ولائهم لآل النبي ص فإن ذنب سائر طوائف المسلمين التزام بعضهم بجواز زيارة القبور و اتخاذ المساجد عند قبور الأولياء(2) والصلاة عند مقاماتهم(3)! بل حتى من رفض كل هذه المظاهر الاسلامية لم ينج بحياته من دعاة الوهابية إذ كانوا يكفرون هذا الصنف لأجل ممانعته سفك دماء سائر طوائف المسلمين وإن كان يخالفهم في العقيدة كما يصرح بذلك ابن غنام في أكثر من مورد من تاريخه!، لذا لا يجد ابن غنام هذا حراجة في أن يكرر وصف غزواتهم فيه بثنائية (غزا المسلمون المشركين أو الكفار) مع أن الأرض المغزوة من بلاد المسلمين ويقطنها أناس من أهل لا إله إلا الله ! فحتى أمثال عثمان بن معمر الذي كان من البطانة المقربة لابن عبد الوهاب لم يترددوا في قتله عندما وجدوا فيه تَمَنُّعا عن سفك دماء المسلمين فاتهموه بالكفر، ولكن المفارقة انهم قتلوه وهو في مسجده ومصلاه (تاريخ ابن غنام: 2/ 688) بل لا حراجة عندهم في اجراء أحكام الردة واستباحة دم كل من يعدل عن دعوتهم الوهابية الى مذهب من المذاهب الإسلامية (ظ: ابن غنام: 2/ 695) .فلا تُلقيّن بعدُ باللائمة على من طفح كيله حتى فاض في وصف شنائع تاريخ هذا الدين السعودي الجديد(4).

ومن غريب ما في أمر هذه الدعوة أنك مهما فتشت في تاريخها لن تجد لها موقفا صارما اتجاه أعداء الشعوب الاسلامية يضارع موقفها الدموي التكفيري اتجاه ابناء شعبها وسائر الشعوب الاسلامية .

بل أكثر من ذلك تشير النصوص التي سجلها أبناء هذه الدعوة بأيديهم أن محمد بن عبد الوهاب ابتدأ دعوته الوهابية بإحياء سنة الاغارة على البدو والقرى الآمنة لا لأجل شيء سوى السلب والنهب وفي ذلك نصوص كثيرة منها هذا النص لابن بشر: " ثم أمر الشيخ -أي محمد بن عبد الوهاب - بالجهاد وحضهم عليه فامتثلوا ... فأغاروا أظنه على بعض الأعراب فغنموا ورجعوا سالمين" عنوان المجد: 1/ 45 .

بل بلغ أمرهم أن إذا هجموا على قرية ولم يجدوا مَن يقتلونه تحرّجوا من الرجوع خلواً ففي هذه الحال يعمدون الى البساتين والمزارع يقطعون أشجارها ويعيثون فيها فسادا وكتبهم مشحونة بالنصوص الدالة على ذلك منها هذا النص الذي كتبه ابن غنّام مفاخرا كأنه الفتح الموعود: " وفي تلك السنة - يقصد 1161هـ - غزا المسلمون ثرمدا (مدينة شمال غرب الرياض) .. ولم يخرج من أهل البلد (ثرمدا) للقتال انسان، فدمر المسلمون المزارع إذ لم يَحُلْ دونها مُدافع، ثم انقلبوا مسرعين والى بلدهم راجعين) تاريخ ابن غنام: 2/ 686. وانظر أيضا نهبهم لثروات أهل الأحساء في أحداث سنة 1198هـ من كتاب عنوان المجد .

هذا قيض من فيض وإلا فمصادرهم التي خطتها أيدي ابناء الدعوة الوهابية وحوارييها تضج بما يشيب منه الرأس، ولا يقر معه لإنسان قرار .

أما إذا أردت إلقاء نظرة على مصادر التاريخ بأقلام مؤرخين من مدارس أخرى فيكفيك هذا النص الذي كتبه المؤرخ الشهير أحمد بن زيني دحلان الشافعي (ت1304هـ) حيث يقول في كتابه (خلاصة الكلام ص70): " ولما دخلوا - الوهابية - الطائف قتلوا الناس قتلًا عامًّا واستوعبوا الكبير والصغير، والمأمور والأمير، والشريف والوضيع، وصاروا يذبحون على صدر الأم الطفل الرضيع، وصاروا يصعدون البيوت يُخرجون مَن توارى فيها، فيقتلونهم، فوجدوا جماعة يتدارسون القرآن فقتلوهم عن آخرهم حتى أبادوا مَن فى البيوت جميعًا، ثم خرجوا إلى الحوانيت والمساجد وقتلوا مَن فيها، ويقتلون الرجل فى المسجد وهو راكع أو ساجد، حتى أفنوا هؤلاء المخلوقات " .

_____

الهوامش

1- طبع تاريخ ابن غنام أولا طبعة كاملة في الهند ثم في مصر ثم طبعه ناصر الدين الأسد محرفا ناقصا بحذف بعض ما يسيء لسمعة الوهابية وآل سعود ثم طبعه الخراشي طبعته الرائجة الآن في مجلدين وقد ادعى انه النسخة الكاملة لا تغيير فيها سوى حذف بعض السجع غير ان المعارض السعودي المسعري شكك مرة في ذلك وكذلك سعود النبهاني كما سيأتي وأما كتاب عنوان المجد فطبع في مجلدين وادعى النبهاني انه قد دخله التحريف بحذف بعض ما يسيء لسمعة الوهابية وآل سعود أيضا.

2- " قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا" الكهف/ 21.

3- " وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" البقرة/ 125 .

4- إشارة الى كتاب (الوهابية دين سعودي جديد - كشف المستور من تاريخ نجد المبتور) تأليف المعارض السعودي المعاصر سعود بن عبد الرحمن النبهاني . وهو وإن كان متحاملا على الشيعة يُكثر التعريض بهم لا عن حجة لكنه أفاد وأجاد في بيان ما بذله آل سعود من جهود كبيرة لأجل تزييف تاريخ دعوتهم الوهابية الذي تضج سطوره بالدماء والبربرية حتى طالت أيديهم التواريخ التي كتبها خلص رجال الدعوة الوهابية من أمثال ابن غنام وابن بشر .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144960
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19