• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق والاقتصاد العالمي في زمن كورونا وما بعدها .
                          • الكاتب : صالح الهماشي .

العراق والاقتصاد العالمي في زمن كورونا وما بعدها

قد يكون من المتفق عليه لدي الكثير من المتابعين للشأن الاقتصادي العالمي بل وحتى المحلي، ضعف الواضح للعديد من الاقتصاديات العالمي في مواجهة التداعيات الخطيرة للكارثة الطبيعية المتمثلة بجائحة كورونا، ولعل من اهم الأسباب التي أودت الى هذه النتيجة هو سياسة العولمة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي الكبير الذي انتهجتها الحكومات الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

ان من اهم النتائج التي ترتبت على النظام العالمي الجديد (والذي قد يبدوا اكثر وضوحاً وتجلياً في الاقتصاديات النامية والصغيرة) هو ارساء نمطاً اقتصاديا جديداً يتمثل بتعميق دور التجارة الخارجية على حساب الاقتصاد الداخلي، مما أدى في نهاية المطاف الى اعتماد العيد من الدول والاقتصاديات على المنتجات الخارجية حتى التي تدخل منها في قطاع الخدمات، وهذا ماكشفت الجائحة هشاشته امام اول أزمة اقتصادية ومالية تعصف به.

هناك العديد من الاثار السلبية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها من الاثار التي ستترتب على جائحة كورونا ولعل من اخطر هذه الاثار والنتائج تتمثل بان العديد من الوظائف المفقودة بسبب ضعف الطلب لن تعود بتاتاً الى ما كانت عليه سابقاً، بسبب الاضطراب الاقتصادي الذي أحدثته الجائحة، والذي سيترك اثره من خلال التكوين المستقبلي الجديد للناتج المحلي الإجمالي في الوقت الذي تستمر حصة الخدمات في الاقتصاد بالارتفاع، بالرغم من انخفاض حصة الخدمات الشخصية في العديد من الفعاليات الاقتصادية مثل تجارة التجزئة، والضيافة، والسفر، والتعليم، حيث ستؤدي الرقمنة إلى تغييرات في طريقة تنظيم هذه الخدمات وتقديمها، الامر الذي يؤدي الى فقدان المزيد من الوظائف، على حساب وظائف أخرى مطلوبة وأخرى لن تعود.

ان السؤال الذي اراه اكثر الحاحاً في الوقت الحالي يتمثل بمدى فعالية النظام الرأسمالي وقدرته في التعامل مع الأزمات الحقيقية التي تواجهه ؟؟ وهل ستتراجع العولمة والسوق الحرة ومبدء دعه يعمل دعه يمر امام الحماية الاقتصادية ودور الدولة في حماية اقتصاداتها سواء كانت هذه الاقتصاديات ناشئة او متقدمة؟؟ مع الاخذ بالاعتبار الأزمة التي يعاني منها العديد من دول العالم الصغرى بل وحتى الكبرى والمتمثلة بارتفاع حجم الديون الدولية التي تزاد سنويا والتي يتوقع لها تتفاقم في مرحلة ما بعد الجائحة لتزايد أعداد الدول العاجزة عن سداد ديونها الحالية، مع ما يترتب على ذلك من خسائر الاقتصادية، بسبب أن سداد ما على هذه الدول من ديون قد يعني عمليا انخفاضا واضحا في مستويات معيشة السكان والذي يؤثر على المالية العامة والبنوك المركزية والمصارف والمؤسسات المالية في تعاملاتها المستقبلية مما سيزيد المشهد تعقيدا.

ان الدور القادم للحكومات العالمية يتمثل بالعمل من خلال مؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية لوضع سياسات جديدة قادرة على الصمود ومواجهة المتغيرات الداخلية والخارجية، والتوفيق بينهما لضمان الصمود بوجه الازمات العالمية ومنها الديون والخسائر الكبيرة التي حصلت بسبب الجائحة والتي منيت بها اقتصاديات العديد من الدول وكبريات الشركات العالمية والمصارف والذي سيولد بدوره ضغطاً هائلاً على المؤسسة الرأسمالية تدفعها باتجاه تغيير بعض أسسها والميل باتجاهات اكثر إنسانية.

ان المرحلة المقبلة (ما بعد كورونا) ستسهد العديد من التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية، الخطيرة وخصوصاً في ظل الأزمات المتتالية وصراع الأقطاب بين الولايات المتحدة والصين بالإضافة الى مشاكل الاتحاد الأوربي، كل هذه الأزمات سيكون ضحيتها الاقتصاديات الناشئة واقتصاديات الدول النامية ومنها العراق الذي نجح وبكل جدارة من خلال فوضى السنين السابقة في تحويل الاقتصاد العراقي الى إدارة شؤون الأموال من خلال تحويل البلاد الى مكتب صرفة كبير .

متأثر بالأزمات الدولية بشكل كبير، ولا يملك القدرة على الصمود كثيرا لعدم وجود أدوات اقتصادية داخلية تمكنه من مواجهة التغيرات الاقتصادية، وضعه على سكة الحديد نحو المخرج، والآن على الحكومة العراقية ايجاد أولا قاعدة بينات للمرتكزات التي يمكن من خلالها ايجاد اقتصاد عراقي يمكنه التعامل مع المتغيرات الدولي الطارئة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144971
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28