• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حينما نرى الأثر ونُنكر العين.  .
                          • الكاتب : علي سعدون الغزي .

حينما نرى الأثر ونُنكر العين. 

  في خضم أحداث فايروس كورونا شاهدتُ مقطعاً على مواقع التواصل لشابٍ يسأل المارة عن فايروس كورونا، وهل أنَّهُ حقيقةٌ أو كذب؟، وقد أحضر معه شخصاً يمثل دوراً، وأنَّهُ كان في الحجر الصحيّ لمصابي كورونا. 
    واللافت للنظر : أنَّ أغلب من سألهم عن الفايروس، وأنَّهُ حقيقةٌ أو كذب؟، قد أجابوا بأنَّهُ كذب لا واقع له، وقد عطلوا أعمال النَّاس بسببه، واستدلوا على كونه كذباً بما يرونه من سلوك النَّاس من عدم المبالاة بالقيود الاحترازيّة عن الفايروس، وأنَّهُم لم يروا شخصاً مصاباً به. 
    وفِي هذه الأثناء يذكر لهم الشاب السائل : أنَّ صديقه الذي معه كان في الحجر الصحيّ بسبب الفايروس، وهو فقط يريد أن يُقبلهم. وإذا بالمنكر للفايروس والمكذب بوجوده يهرب من قُبلَة هذا الشخص.
    ذكرني هذا المشهد الواقعيّ المُضحك المُحزن بعلاقة بَعضنا بالله «عزَّ وجلَّ» حيثُ يُنكر وجود الله، وأنَّهُ لو كان أمراً حقيقيّاً واقعيّاً لَما رأينا من أفعال النَّاس ما يخالف ذلك، فهذه دول الغرب - مثلاً - أغلبها لا تؤمن بوجود الله «عزَّ وجلَّ» لكنَّها تعيش بخير وسلامة ورفاه، وما نراه من فعل السياسيّين حيثُ يسرقون ويظلمون، ولَم نرَ من الله «عزَّ وجلَّ» إنزال العقوبة عليهم … إذن أين هو الله؟. 
    لكن حينما يُصاب هذا الإنسان ببلاء كمرض عجز الجميع عنه تجده يلتجأ إلى الله «عزَّ وجلَّ»، ويطلب منه العون ورفع البلاء، وحينئذٍ يصبح وجود الله «عزَّ وجلَّ» عنده حقيقة واقعيّة بعد كان لا واقع له. 
    لماذا هذا التحوّل في الموقف؟. 
    لأنَّهُ يرجع إلى فطرته ووجدانه وما يعرفه من الآثار الموجودة في أُفُق هذا الكون، وفِي نفسه من شواهد حقيقيّة على وجود الله «عزَّ وجلَّ» ومدى قُدرته، ويَعرف من نفسه زيف تلك الادعاءات التي كان يرتكز عليها من إنكار وجود الخالق. 
    لكنَّ المؤلم أنَّهُ لا ضمان على بقاء اعتقاده بوجود الله «عزَّ وجلَّ» بعد نجاته من بلائه، قال «عزَّ وجلَّ» :  ﴿وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحرِ ضَلَّ مَن تَدعونَ إِلّا إِيّاهُ فَلَمّا نَجّاكُم إِلَى البَرِّ أَعرَضتُم وَكانَ الإِنسانُ كَفورًا﴾ [الإسراء: ٦٧]  
    وقال أيضاً : ﴿وَإِذا مَسَّ الإِنسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنبِهِ أَو قاعِدًا أَو قائِمًا فَلَمّا كَشَفنا عَنهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَم يَدعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلمُسرِفينَ ما كانوا يَعمَلونَ﴾ [يونس: ١٢]. 
    المفروض بِنَا كعقلاء أن نقيم الموقف بما هو، وبغض النظر عن سلوكيات الآخرين، فإنَّ ذلك من حُجب الحقيقة، قال «عزَّ وجلَّ» : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إِذَا اهتَدَيتُم إِلَى اللَّهِ مَرجِعُكُم جَميعًا فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [المائدة: ١٠٥]. 
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=145017
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28