• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وجه داعش الخفي.. ميتاداعشية .
                          • الكاتب : جعفر إمامي .

وجه داعش الخفي.. ميتاداعشية

 استفحلتْ الآفة الداعشية في العراق وسوريا وأخذت تقضم الأخضر واليابس، الماضي والحاضر، منذ احتلالها لهذين البلدين العريقين تاريخياً وحضارياً وديموغرافياً وديناً ولغة وثقافة، وإذا كنّا ما أبصرناه من جرائم يندى لها جبين الإنسانية من قتل وتهجير وسلب وانتهاك للأعراض، فهنالك جرائم أخرى مخطّطة ومدروسة، تتضح شيئاً فشيئاً من خلال بعض النقاشات الجديدة التي تربط الآثار والأماكن التراثية بوجود وكينونة الأديان السماوية، وقد أجرمت هذه العصابات التكفيرية أيّما إجرام وهي تحطّم آثارنا التاريخية القديمة والمنحوتات الأثرية وكانت تعدّها أماكن وآثار للشرك، فيما هنالك هدف آخر سيتضح قريباً.
والمعروف عن الحضارة الإسلامية بالتحديد أنّها لم تترك آثاراً قديمة من قبيل التماثيل والنُصب على غرار الحضارات السابقة كالسومرية والبابلية والفرعونية والإغريقية وغيرها، بل هنالك على الأعم هي دورُ العبادة والأسواق والقصور والبيوت السكنية، ولا تزال أغلبها شاخصة إلى الآن، بل تجد اهتماماً كبيراً بإدامتها وخاصة دور العبادة والمقامات المباركة، ومع ذلك عندما سيطرت داعش على الموصل العراقية وأخذت تعتدي على هذه الآثار الإسلامية النفيسة وكذلك الكنائس المسيحية، كتفجير منارة الحدباء التاريخية وتهديم مسجد النبي يونس ومسجد النبي شيت ومنطقة الحضر وآشور في العراق وتدمر في سوريا وأعمالاً إجرامية أخرى طالت أماكن أثرية تعود لحقب زمنية موغلة بالتاريخ البشري القديم في العراق وسوريا، من أجل ليس لأنّها أماكن للشرك ووجب تهديمها كما يدّعي ذلك الوهابيون والتكفيريون.. بل الأمر الخطير جداً أن آراءً جديدة ظهرت من قبل علماء وأنثروبولجيين تختص بعلاقة الأديان والأماكن الأثرية وأنّ الأخيرة مؤكدة لوجود الأولى وعدمها يعني انعدامها وعدم وجودها من الأصل، بمعنى أنّ هنالك من يدعم أو يحاول تكذيب الدين والإسلام بالدرجة الأولى وبأنّه ليس من السماء أو أنه عبارة عن أساطير لا أكثر.. من خلال عدم وجود آثار تدلّ على وجود (دين) يسمّى الإسلام.. أو حضارة قائمة وقديمة تسمى الحضارة الإسلامية، ولذا ضمنت ممارسات داعش الإجرامية بحق الآثار الإسلامية وشجعت القائلين بنفي وجود الدين الإسلامي، ولا يمكن أنْ تأخذ مثل هذه الآراء مساحتها من التفكير والرفض إلا بعد سنوات أخرى بالتأكيد.
فلقد سبقت هذه الآراء الجديدة أولاً عملية محو وطمس الآثار الإسلامية وهو التهديد الذي كان سيشمل العتبات الدينية والمقامات في مدن بغداد وكربلاء والنجف وسامراء، وربما لو حدث ذلك ـ لا سمحَ الله ـ ومرّت سنين طويلة على محوها وطمسها، فسنرى مستقبلاً مثل هذه الآراء القائلة بعدم وجود الدين الإسلامي تتصدّر المتن التاريخي، ومثبتة لدى العقل الجمعي بعدم كينونتها وجود الحضارة الإسلامية من الأساس، على اعتبار أن علماء الآثار لم يجدوا شيئاً قريناً أو مؤشراً عليها، وبالتالي صار لزاماً إعادة إعمار آثارنا المهدّمة والاهتمام بها والتعريف بها ثقافياً وسياحياً، كي تظلّ شاهداً وشاخصاً للأجيال القادمة ومدوّني التاريخ.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=146070
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 07 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29