تستيقظ ام عليوي باكرا كل صباح , تقصد مكان بيع السمك بالجملة ( العلوة ) , فتشتري صغاره , كونها لا تملك مالا كافيا لشراء غيره , فتذهب الى السوق لتفترش الرصيف , هذه المرة اصطحبت ابنها صويلح , واجلسته قربها , وضعت الزوري في صينية متوسطة الحجم  , كي تحافظ على السمكات الصغيرة طرية , وتحميها من اشعة الشمس الحارقة , وتزيل الغبار المتصاعد من المارة , تقوم برشها بالماء بين الفينة والفينة , وتهش الذباب بعصا ربطت في طرفها مجموعة من اشرطة النايلون وتصيح : 

- زوري تازه ... زوري تازه . 

جاء كريم ابو البلدية , اقترب منها وقال : 

- ام عليوي .. ممنوع اشغال الرصيف من قبل الباعة المتجولين . 

- كريم .. عندي كومه ايتام ... اريد اعيشهم .... عوفني بحالي !

انصرف كريم مع عمال البلدية , مضت عدة دقائق , مرت بالجوار دورية امريكية , ركنت العجلات في اماكن متفرقة , لاحظ احد الجنود الامريكان ام عليوي , ورمق طفلها بعدة نظرات , فأقترب منها وقال وهو ينظر الى صويلح : 

- This is a crime ! . 

ام عليوي لم تفهم شيئا , لكنها ركزت على كلمة ( crime  ) , فأجابته : 

- كريم دزاكم عليّ !  

فصبت سيلا من الكلمات الجارح على كريم والجندي الامريكي , فلم يكن من الامريكي الا ان يتراجع الى الوراء وهو يقول : 

- I'm sorry  

ظنت ام عليوي ان الجندي الامريكي يشتمها ويعيرها ببيع الزوري , فردت عليه : 

- اشبيها ام الزوري .. مهنة شريفة .. اعيش بيها ايتامي .. واسد حلوكهم الجوعانه .. كل اللي صار منكم وبسببكم .  

بعد مضي ساعة , جاءت دورية من الشرطة العراقية , توجه الشرطي الى ام عليوي , فقال لها :

- ام عليوي .. ممنوع صيد وبيع السمك هذه الايام .. مو هذه موسم تكاثر الاسماك .. وانت تعرفين ان السمك ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها . 

- ساعه كريم ... وساعه الامريكان .. وهسه الشرطة العراقية .. ما صارن زوريات هذني ! . 

- انا مكلف بمحاسبة المخالفيين للقانون .. ومصادرة سلعهم . 

- انا اختك يزناد ! .    

اشار الشرطي الى رجال الشرطة لمصادرة اسماك ام عليوي , واشار الى شرطيتان , كي تلقيا القبض عليها , في اثناء ذلك , جاءت سيارة مسرعة , ما ان توقفت حتى انفجرت , وتطايرت اشلاء الناس مع البضائع والاحجار , اصيبت ام عليوي بكدمات طفيفة , اجهدت نفسها بالوقوف , نظرت الى سمكاتها , فلم تجد لها اثرها , فقالت : 

- يبووووو ... راحن الزوريات ! . 

توجهت نحو الشرطي , الذي كان يحاول النهوض , وقالت له بحرقة وغضب : 

- چـــا .... لعــد ... انتم ما تكدرون على ذولي ... قدرتكم بس عليه صدق لو قال المثل 

     (( ابوي ما يقدر بس على امي ! )) .